الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، وأبو محمد بن أبي حامد المقرئ، قالوا: أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدوري ، حدثنا حمدان بن الأصبهاني، حدثنا شريك، عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة، عن أبيه، عن جده، قال: رأيت من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشياء ما رآها أحد قبلي: كنت معه في طريق [ ص: 23 ] مكة ، فمر بامرأة معها ابن لها، به لمم، ما رأيت لمما أشد منه، فقالت: يا رسول الله، ابني هذا كما ترى، فقال: "إن شئت دعوت له" ، فدعا له، ثم مضى فمر على بعير ناد جرانه يرغو، فقال: "علي بصاحب هذا" ، فجيء به، فقال: "هذا يقول نتجت عندهم فاستعملوني، حتى إذا كبرت أرادوا أن ينحروني" .

                                        قال: ثم مضى فرأى شجرتين متفرقتين، فقال لي: "اذهب، فمرهما فلتجتمعا لي" .

                                        قال: فاجتمعتا، فقضى حاجته،
                                        قال: ثم مضى فلما انصرف مر على الصبي وهو يلعب مع الصبيان وقد هيأت أمه أكبشا، فأهدت له كبشين، وقالت: ما عاد إليه شيء من اللمم، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء إلا يعلم أني رسول الله، إلا كفرة - أو فسقة - الجن والإنس"
                                        رواه عطاء بن السائب ، عن عبد الله بن حفص، عن يعلى بن مرة الثقفي ، كما أخبرنا أبو الحسين بن بشران العدل ، ببغداد ، أنبأنا إسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، حدثنا عبد الرزاق، أنبأنا معمر، عن عطاء بن السائب ، عن عبد الله السائب، عن عبد الله بن حفص، عن يعلى بن مرة الثقفي، قال: ثلاثة أشياء رأيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينا نحن نسير معه إذ مررنا ببعير يستقى عليه، قال: فلما رآه البعير جرجر، ووضع جرانه، فوقع عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "أين صاحب هذا البعير؟" فجاءه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "بعنيه" ، قال: بل نهبه لك يا رسول الله، قال: "بل بعنيه" .

                                        قال بل نهبه لك، وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، قال: "أما إذ ذكرت هذا من أمره فإنه قد شكى كثرة العمل، وقلة العلف، فأحسنوا إليه" .

                                        قال: ثم سرنا حتى نزلنا منزلا فنام النبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت شجرة تشق الأرض [ ص: 24 ] حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت له، فقال: "هي شجرة استأذنت ربها في أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأذن لها" ، قال: ثم سرنا فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره، ثم قال: "اخرج، إني محمد، إني رسول الله" .

                                        قال ثم سرنا فلما رجعنا من مسيرنا مررنا بذلك الماء، فأتته المرأة بجزر ولبن، فأمر لها أن ترد الجزر، وأمر أصحابه فشربوا اللبن، فسألها عن الصبي فقالت: والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريبا بعدك.


                                        الرواية الأولى عن يعلى بن مرة في أمر الشجرتين أصح لموافقتها رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ، إلا أن يكون أمر الشجرة في هذه الرواية حكاية عن واقعة أخرى.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية