الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 18 ] باب ذكر المعجزات الثلاث التي شهدهن جابر بن عبد الله الأنصاري وغيره في الشجرتين والصبي والجمل، وما كان في كل واحد منهن من آثار النبوة

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل ، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن إسماعيل بن عبد الملك، عن أبي الزبير ، عن جابر، قال: خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز تباعد حتى لا يراه أحد، فنزلنا منزلا بفلاة من الأرض ليس فيها علم ولا شجر، فقال لي: "يا جابر، خذ الإداوة وانطلق بنا" ، فملأت الإداوة ماء، فانطلقنا فمشينا حتى لا نكاد نرى، فإذا شجرتان بينهما أذرع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا جابر، انطلق فقل لهذه الشجرة: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما "، ففعلت، فرجعت حتى لحقت بصاحبتها، فجلس خلفهما حتى قضى حاجته.

                                        ثم رجعنا فركبنا رواحلنا فسرنا كأنما علينا الطير يظلنا فإذا نحن بامرأة قد عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم معها صبي تحمله، فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا [ ص: 19 ] يأخذه الشيطان كل يوم ثلاث مرات لا يدعه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتناوله، فجعله بينه وبين مقدمة الرحل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخسأ عدو الله، أنا رسول الله" قال: فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاث مرات، ثم ناولها إياه، فلما رجعنا فكنا بذلك الماء عرضت لنا المرأة معها كبشان تقودهما والصبي تحمله، فقالت: يا رسول الله، اقبل مني هديتي، فوالذي بعثك بالحق إن عاد إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا أحدهما منها، وردوا الآخر" .

                                        ثم سرنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا فجاء جمل ناد، فلما كان بين السماطين خر ساجدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس , من صاحب هذا الجمل" ، فقال فتية من الأنصار: هو لنا يا رسول الله، قال: "فما شأنه؟" قال: سنونا عليه منذ عشرين سنة، فلما كبرت سنه وكان عليه شحيمة وأردنا نحره لنقسمه بين غلمتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تبيعونيه؟" قالوا: يا رسول الله، هو لك، قال: "فأحسنوا إليه حتى يأتيه أجله" ، قالوا: يا رسول الله، نحن أحق أن نسجد لك من البهائم، فقال رسول الله: "لا ينبغي لبشر أن يسجد لبشر، ولو كان ذلك كان النساء لأزواجهن"
                                        [ ص: 20 ] .

                                        وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو بكر بن إسحاق، أنبأنا الحسن بن علي بن زياد، حدثنا أبو حمة، حدثنا أبو قرة، عن زمعة، عن زياد، عن أبي الزبير ، أنه سمع يونس بن خباب الكوفي، يحدث: أنه سمع أبا عبيدة ، يحدث، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في سفر إلى مكة فذهب إلى الغائط، فكان يبعد حتى لا يراه أحد، قال؛ فلم يجد شيئا يتوارى به، فبصر بشجرتين، فذكر قصة الشجرتين وقصة الجمل بنحو من حديث جابر، وحديث جابر أصح، وهذه الرواية ينفرد بها زمعة بن صالح، عن زياد أظنه ابن سعد، عن الزبير.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية