الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
570 - أخبرنا الفريابي ، قال : حدثني أبو بكر محمد بن إسحاق ، قال : أخبرني أصبغ بن الفرج ، قال : أخبرني ابن وهب ، قال : أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إني رجل شاب ، وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء ، فأذن لي أختصي ، قال : فسكت عني ، [ ص: 973 ] قال ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا هريرة قد جف القلم بما أنت لاق ، فاختص على ذلك أو ذر " .

قال محمد بن الحسين رحمه الله :

اعلموا رحمنا الله وإياكم أن الله - تعالى ذكره - أمر العباد باتباع صراطه المستقيم ، وأن لا يعرج عنه يمينا ولا شمالا ، فقال تعالى ذكره ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ) .

ثم قال تعالى : ( لمن شاء منكم أن يستقيم ) ففي الظاهر أنه جل [ ص: 974 ] ذكره أمرهم بالاستقامة واتباع سبيله ، وجعل في الظاهر إليهم المشيئة ، ثم أعلمهم بعد ذلك أنكم لن تشاؤوا إلا أن أشاء أنا لكم ما فيه هدايتكم ، وأن مشيئتكم تبع لمشيئتي ، فقال تعالى : ( وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين ) فأعلمهم أن مشيئتهم تبع لمشيئته عز وجل .

وقال عز وجل : ( قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) وقال تعالى : ( كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه [ إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم ] فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) .

قال محمد بن الحسين رحمه الله :

انقطعت حجة كل قدري قد لعب به الشيطان فهو في غيه يتردد ، والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به .

وبعد فقد اجتهدت وبينت في إثبات القدر بما قال الله عز وجل ، وبما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله عز وجل ما أنزله في كتابه ، وذكرت قول [ ص: 975 ] أصحابه رضي الله عنهم وقول التابعين ، وكثير من أئمة المسلمين ، على معنى الكتاب والسنة ، فمن لم يؤمن بهذا فهو ممن قال الله تعالى فيهم : ( ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ) .

تم الجزء السادس من كتاب الشريعة بحمد الله ومنه، وصلى الله على رسوله سيدنا محمد النبي وآله وسلم، يتلوه الجزء السابع من الكتاب إن شاء الله وبه الثقة.

التالي السابق


الخدمات العلمية