الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
528 - أخبرنا الفريابي ، قال : حدثنا هشام بن عمار قال : حدثنا الهيثم بن عمران قال سمعت عمرو بن مهاجر قال : أقبل غيلان - وهو مولى لآل عثمان - وصالح بن سويد إلى عمر بن عبد العزيز ، فبلغه أنهما [ ص: 929 ] ينطقان في القدر ، فدعاهما فقال : أعلم الله تعالى في عباده نافذ أم منتقض ؟ قالا : بل نافذ يا أمير المؤمنين . قال : ففيم الكلام ؟ فخرجا فلما كان عند مرضه بلغه أنهما قد [ أسرفا ] فأرسل إليهما وهو مغضب ، فقال : ألم يك في سابق علمه حين أمر إبليس بالسجود أنه لا يسجد ؟ قال عمرو : فأومأت إليهما برأسي ؛ قولا : نعم ، فقالا : نعم . فأمر بإخراجهما ، وبالكتاب إلى الأجناد بخلاف ما قالا ، فمات عمر رضي الله عنه قبل أن ينفذ تلك الكتب .

قال محمد بن الحسين رحمه الله :

كان غيلان مصرا على الكفر بقوله في القدر ، فإذا حضر عند عمر رحمه الله نافق وأنكر أن يقول بالقدر ، فدعا عليه عمر بأن يجعله الله تعالى آية للمؤمنين إن كان كاذبا ، فأجاب الله عز وجل فيه دعوة عمر ، فتكلم غيلان في وقت هشام هو وصالح مولى ثقيف ، فقتلهما وصلبهما ، وقبل ذلك قطع يد [ ص: 930 ] غيلان ولسانه ، ثم قتله وصلبه ، فاستحسن العلماء في وقته ما فعل بهما .

فهكذا ينبغي لأئمة المسلمين وأمرائهم إذا صح عندهم أن إنسانا يتكلم في القدر بخلاف ما عليه من تقدم أن يعاقبه بمثل هذه العقوبة ، ولا تأخذهم في الله لومة لائم .

التالي السابق


الخدمات العلمية