الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
647 - حدثنا جعفر بن محمد الصندلي ، قال : أخبرنا زهير بن محمد ، قال : أخبرنا علي بن عثمان اللاحقي ، قال : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : أخبرنا ثابت ، عن أنس بن مالك ، عن عبد الله بن مسعود ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشي على الصراط ، فهو يكبو مرة ، ويمشي مرة ، وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله عز وجل شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين . فترفع له شجرة ، فيقول : أي رب ادنني منها ، فأستظل بظلها ، وأشرب من مائها . فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم ؛ لعلي إن أعطيتكها تسألني غيرها . فيقول : لا ، يا رب . فيعاهده أن لا يسأله غيرها ، وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ، ويشرب من [ ص: 1065 ] مائها ، فترفع له شجرة أحسن من الأولى ، فيقول : أي رب ، ادنني من هذه لأشرب من مائها ، ولأستظل بظلها . فيقول الله عز وجل : يا ابن آدم ؛ ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ فيقول : أي رب : ولكن هذه لا أسألك غيرها ، وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، فيقول عز وجل : لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها ، فيعاهده أن لا يسأله غيرها . وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ، فترفع له شجرة هي عند باب الجنة أحسن من الأوليين ، فيقول : أي رب ؛ ادنني من هذه لا أسألك غيرها . وربه عز وجل يعلم أنه سيفعل ، وهو يعذره ، لأنه يرى ما لا صبر له عليه ، فيدنيه منها ، فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول : أي رب ؛ أدخلني الجنة ، فيقول : يا ابن آدم ؛ ألم تعاهدني ألا تسألني غيرها ، فيقول : أي رب ؛ أدخلنيها . فيقول : يا بن آدم ما يرضيك مني ؟ . أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها ؟ فيقول : أي رب ، أتستهزئ بي وأنت رب العالمين ! . فضحك ابن مسعود فقال : ألا تسألوني مما أضحك ؟ فقالوا : مم تضحك ؟ فقال : هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك ، فقال : ألا تسألوني مما أضحك ؟ فقال : من ضحك رب العالمين عز وجل منه ، حين يقول : أتستهزئ بي ، فيقول : لا أستهزئ بك ، ولكني على ما أشاء قدير ، فيدخله الجنة " .

[ ص: 1066 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية