الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          2149 - (ع) : سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي ، العدوي ، أبو عمر ، ويقال : أبو عبد الله ، ويقال : أبو عبيد الله ، المدني الفقيه . أمه أم سالم ، وهي أم ولد .

                                                                          [ ص: 146 ] روى عن : رافع بن خديج (م) ، وعم أبيه زيد بن الخطاب (خت م) على خلاف فيه ، وسعيد بن المسيب (س ق) على خلاف فيه ، وسفينة مولى أم سلمة (س) ، وأبيه عبد الله بن عمر (ع) ، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق (خ م س) ، وأخيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق - وهما من أقرانه - ، وأبي أيوب الأنصاري ، وأبي الجراح مولى أم حبيبة (د س) ، زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي لبابة بن عبد المنذر (خت م) على خلاف فيه ، وأبي هريرة (خ م س) ، وصفية بنت أبي عبيد زوجة أبيه (د) ، وعائشة أم المؤمنين (س) .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن أبي حنيفة اليمامي ، وإبراهيم بن عقبة ، [ ص: 147 ] وبكير بن عتيق (عخ) وبكير بن موسى (س) ، وجابر الجعفي (ق) ، وجرير بن زيد عم جرير بن حازم (خ س) ، وجهم بن الجارود (د) ، والحارث بن عبد الرحمن خال ابن أبي ذئب (س) ، وحميد الطويل ، وحنظلة بن أبي سفيان (خ م ت س) ، وابن ابن أخيه خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر (ت) ، وخالد بن أبي عمران ، وسالم بن أبي الجعد (س) ، وسالم بن رزين (س ق) ، على خلاف فيه ، وصالح بن كيسان (خ س) ، وصالح بن محمد بن زائدة - وهو أبو واقد الليثي الصغير (د ت) وعاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب (عخ د ت ق) ، وعبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (س ق) ، وأبو قلابة عبد الله بن زيد الجرمي (ت) ، وعبد الله بن العلاء بن زبر (د) ، وعبد الله بن يسار الأعرج (س) ، وعبد العزيز بن أبي رواد (د س ق) ، وعبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب (خ م س ق) ، وعثمان بن عبد الملك المؤذن (تم ق) ، وعقبة بن أبي الصهباء الباهلي ، وعكرمة بن عمار اليمامي (ي م) ، وابن أخيه عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر (خت م د ت ق) ، وابن ابن أخيه عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر (خ م) ، وعمرو بن دينار المكي (خ م د س) ، وعمرو بن دينار البصري قهرمان آل الزبير (ت ق) ، وعمرو بن الوليد الدمشقي ، والعلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب (ي) ، والفضل بن عطية (س ق) ، والفضل بن مبشر الأنصاري (بخ) ، وفضيل بن غزوان الضبي (م) ، وابن أخيه القاسم بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر (بخ م س) ، وقدامة بن [ ص: 148 ] موسى (خت) ، وكثير بن زيد (بخ ت) ، وكثير بن قاروندا (س) ، ومحمد بن أبي حرملة (م س) ، ومحمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ (س) ، ومحمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة (م 4) ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري (ع) ، ومحمد بن واسع (ت) ، ومقاتل بن حيان (س) ، وموسى بن عقبة (ع) ، ونافع مولى ابن عمر (خ د س) ، والوضين بن عطاء ، ويحيى بن أبي إسحاق الحضرمي (خ م س) ، ويحيى بن الحارث الذماري (ق) ، ويزيد بن أبي حبيب (ق) ، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك ، ويزيد بن أبي مريم الدمشقي ، وأبو بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص (خ م) ، وابنه أبو بكر بن سالم بن عبد الله بن عمر (خ م) ، وأبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (س) ، وأبو مطر (بخ ت سي) .

                                                                          قال علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب : قال لي عبد الله بن عمر : أتدري لم سميت ابني سالما ؟ قلت : لا ، قال : باسم سالم مولى أبي حذيفة .

                                                                          وقال يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن سعيد بن المسيب : كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به ، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به .

                                                                          وقال سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق : رأيت سالم بن عبد الله يلبس الصوف ، وكان علج الخلق ، يعالج بيديه ويعمل .

                                                                          [ ص: 149 ] وقال يعقوب بن سفيان ، عن يحيى بن بكير : قدم جماعة من المصريين المدينة ، فأتوا باب سالم بن عبد الله ، فسمعوا رغاء بعير ، فبينا هم كذلك خرج عليهم رجل آدم شديد الأدمة ، متزر بكساء صوف إلى ثندوته ، فقالوا له : مولاك داخل ؟ فقال : من تريدون ؟ قالوا : سالم بن عبد الله . قال ابن بكير : فلما كلمهم جاء شيء غير المنظر . قال : من أردتم ؟ قالوا : سالم . قال : ها أنا ذا ، فما جاء بكم ؟ قالوا : أردنا أن نسائلك ، قال : سلوا عما شئتم ، وجلس ويده ملطخ بالدم والقيح الذي أصابه من البعير ، فسألوه .

                                                                          وقال أشهب بن عبد العزيز ، عن مالك : لم يكن أحد في زمان سالم بن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والفضل والعيش منه ، كان يلبس الثوب بدرهمين ، ويشتري الشمال فيحملها . قال : وقال سليمان بن عبد الملك لسالم - ورآه حسن السحنة - : أي شيء تأكل ؟ قال : الخبز والزيت ، وإذا وجدت اللحم أكلته .

                                                                          فقال له عمر : أوتشتهيه ؟ قال : إذا لم أشتهيه تركته حتى أشتهيه .

                                                                          وقال أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : دخلت على [ ص: 150 ] ابن عمر ، فقومت كل شيء في بيته ، فما وجدته يسوى مائة درهم ، قال : ثم دخلت مرة أخرى ، فما وجدت ما يسوى ثمن طيلسان ، قال : ودخلت على سالم من بعده ، فوجدته على مثل حاله .

                                                                          وقال زيد بن محمد بن زيد ، عن نافع : كان ابن عمر يقبل سالما ويقول : شيخ يقبل شيخا .

                                                                          وقال محمد بن سعد ، عن محمد بن حرب المكي : سمعت خالد بن أبي بكر يقول : بلغني أن عبد الله بن عمر كان يلام في حب سالم ، وكان يقول :

                                                                          يلومونني في سالم وألومهم وجلدة بين العين والأنف سالم



                                                                          وقال الأصمعي ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد : كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد ، حتى نشأ فيهم القراء الغر السادة : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، ففاقوا أهل المدينة علما وتقى وعبادة وورعا ، فرغب الناس حينئذ في السراري .

                                                                          وقال علي بن الحسن العسقلاني ، عن عبد الله بن المبارك : كان فقهاء أهل المدينة الذين كانوا يصدرون عن رأيهم سبعة : سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، والقاسم بن محمد ، وعروة بن الزبير ، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، وخارجة بن زيد بن ثابت . قال : وكانوا إذا جاءتهم المسألة دخلوا فيها جميعا ، فنظروا [ ص: 151 ] فيها ، ولا يقضي القاضي حتى يرفع إليهم ، فينظرون فيها فيصدرون .

                                                                          وقال ابن وهب : حدثني مالك ، عن يزيد بن رومان ، عن سالم بن عبد الله : أنه كان يخرج إلى السوق في حوائج نفسه ، قال : واشترى سالم شملة ، فانتهى بها إلى المسجد ، فرمى بها إلى عبد الملك بن عمر بن عبد العزيز ، فحبسها عنده ساعة ، ثم قال : ألا تبعث من يحملها لك ؟ فقال : بل أنا أحملها .

                                                                          قال : وحدثني مالك قال : كان عبد الله بن عمر يخرج إلى السوق فيشتري ، وكان سالم دهره يشتري في الأسواق ، وكان من أفضل أهل زمانه .

                                                                          وقال أبو سعيد الحارثي ، عن العتبي ، عن أبيه : دخل سالم بن عبد الله على سليمان بن عبد الملك ، وعلى سالم ثياب غليظة رثة ، فلم يزل سليمان يرحب به ، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره ، وعمر بن عبد العزيز في المجلس ، فقال له رجل من أخريات الناس : أما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه ، ويدخل فيها على أمير المؤمنين ؟ قال : وعلى المتكلم ثياب سرية لها قيمة ، فقال له عمر : ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك هذا ، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك .

                                                                          وقال صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، عن أبيه : سالم بن عبد الله مدني تابعي ، ثقة .

                                                                          [ ص: 152 ] وقال أحمد ابن حنبل ، وإسحاق بن راهويه : أصح الأسانيد : الزهري ، عن سالم ، عن أبيه .

                                                                          وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين : سالم والقاسم حديثهما قريب من السواء ، وسعيد بن المسيب أيضا قريب منهما ، وإبراهيم أعجب إلي مرسلات منهم . قلت ليحيى : فسالم أعلم بابن عمر أو نافع ؟ قال : يقولون : إن نافعا لم يحدث حتى مات سالم .

                                                                          وقال البخاري : لم يسمع من عائشة .

                                                                          وقال النسائي في حديث الزهري : عن سالم عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما سقت السماء والأنهار والعيون العشر . . . الحديث . رواه نافع ، عن ابن عمر ، قوله .

                                                                          قال : واختلف سالم ونافع على ابن عمر في ثلاثة أحاديث ، هذا أحدها .

                                                                          والثاني : من باع عبدا وله مال قال سالم ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال نافع : عن ابن عمر ، عن عمر قوله .

                                                                          [ ص: 153 ] وقال سالم : عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : يخرج نار من قبل اليمن ، وقال نافع : عن ابن عمر ، عن كعب قوله .

                                                                          قال : وسالم أجل من نافع ، وأحاديث نافع الثلاثة أولى بالصواب .

                                                                          وقال محمد بن سعد : كان ثقة كثير الحديث ، عاليا من الرجال ورعا .

                                                                          قال الزبير بن بكار ، عن إبراهيم بن المنذر الحزامي ، عن أنس بن عياض : حج هشام بن عبد الملك ، فجاءه سالم بن عبد الله ، فأعجبته سحنته ، فقال : أي شيء تأكل ؟ قال : الخبز والزيت .

                                                                          قال : فإذا لم تشتهه ؟ قال : أخمره حتى أشتهيه . فعانه هشام فمرض ومات ، فشهده هشام ، وأجفل الناس في جنازته ، فرآهم هشام فقال : إن أهل المدينة لكثير . فضرب عليهم بعثا أخرج فيه جماعة منهم ، فلم يرجع منهم أحد فتشاءم به أهل المدينة ، فقالوا : عان فقيهنا وعان أهل بلدنا .

                                                                          وقال عبد الله بن شوذب ، وعطاف بن خالد ، وليث بن أبي سليم ، وضمرة بن ربيعة ، وأبو نعيم ، ومن شاء الله من العلماء : مات سنة ست ومائة . زاد بعضهم : في ذي القعدة . وبعضهم : في ذي الحجة . وصلى عليه هشام بن عبد الملك بعد انصرافه من الحج .

                                                                          قال الأصمعي : توفي سنة خمس ومائة .

                                                                          وقال أبو أمية بن يعلى ، وخليفة بن خياط : مات سنة سبع ومائة .

                                                                          [ ص: 154 ] وقال الهيثم بن عدي : وأبو عمر الضرير : مات سنة ثمان ومائة . والصحيح الأول .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية