الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          2229 - (ع) : سعد بن أبي وقاص ، واسمه مالك بن أهيب - ويقال : وهيب - بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي ، أبو إسحاق الزهري .

                                                                          [ ص: 310 ] أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كلاب بن مرة ، أسلم قديما وهاجر إلى المدينة قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يقال له : فارس الإسلام . وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله .

                                                                          وقال علي - رضي الله عنه - : ما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جمع أبويه لأحد إلا لسعد ، فإني سمعته يقول يوم أحد : ارم فداك أبي وأمي .

                                                                          روى عن : النبي (ع) صلى الله عليه وسلم ، وعن خولة بنت حكيم (عخ م ت سي ق) .

                                                                          روى عنه : ابنه إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص (خ م س ق) ، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (خ م) ، والأحنف بن قيس (س) ، وأيمن الحبشي المكي (ص) ، وبسر بن سعيد (عخ م ت سي) ، وجابر بن سمرة (خ م د س) ، والحارث بن مالك (ص) ، وحسين بن عبد الرحمن (د) ، ودينار أبو عبد الله القراظ (م س) ، وراشد بن سعد المقرائي الحمصي (ت) ، وزياد بن جبير بن حية الثقفي (د) ، وزيد أبو عياش المدني (4) ، والسائب بن يزيد (ق) ، وسعيد بن المسيب (ع) ، وسليمان بن أبي عبد الله (د) ، وشريح بن عبيد الحمصي (د) ، وشريح بن هانئ (م س ق) ، وابنه عامر بن أبي وقاص (ع) ، وعبد الله بن ثعلبة بن [ ص: 311 ] صعير (خ) ، وعبد الله بن الرقيم الكناني ، وعبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب (خ س) ، وعبد الله والد حمزة بن عبد الله (ص) ، وعبد الرحمن بن سابط (ص ق) ، وعبد الرحمن بن السائب (ق) ، وعبيد الله بن أبي نهيك (د) ، وعروة بن الزبير (س) ، وعلقمة بن قيس (د س) ، وابنه عمر بن سعد بن أبي وقاص (س) ، وعمرو بن ميمون الأودي (خ ت س) ، وغنيم بن قيس المازني (م) ، والقاسم بن ربيعة بن قانف الثقفي (خد س) ، وقيس بن أبي حازم (خ م ت س ق) ، وقيس بن عباد (خ) ، ومالك بن أوس بن الحدثان (م د ت) ، ومجاهد بن جبر المكي (د س) ، وابنه محمد بن سعد بن أبي وقاص (خ م ت س ق) ، ومحمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي (ت س) ، وابنه مصعب بن سعد بن أبي وقاص (ع) ، وموسى بن طلحة بن عبيد الله ، وهزيل بن شرحبيل (د) ، وأبو بكر بن خالد بن عرفطة (ص) ، وأبو صالح السمان (د س) ، وأبو عبد الرحمن السلمي (ت س) ، وأبو عثمان النهدي (خ م د ق) ، وأبو نجيح والد عبد الله بن أبي نجيح (ص) مرسل ، وعائشة أم المؤمنين (خ) ، وابنته عائشة بنت سعد بن أبي وقاص (خ د ت س)

                                                                          وكان سابع سبعة في الإسلام .

                                                                          وقال الواقدي ، عن سلمة بن بخت ، عن عائشة بنت سعد ، عن سعد : أسلمت وأنا ابن تسع عشرة سنة .

                                                                          وهو أحد الستة الذين جعل عمر فيهم الشورى ، وأخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توفي وهو عنهم راض .

                                                                          وكان [ ص: 312 ] مجاب الدعوة ، مشهورا بذلك ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته . وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم : سمعت سعدا يقول : إني لأول رجل من العرب رمى بسهم في سبيل الله .

                                                                          وروي أن ذلك كان في سرية عبيدة بن الحارث ، وكان معه يومئذ المقداد بن عمرو ، وعتبة بن غزوان ، ويروى أنه قال في ذلك :


                                                                          ألا هل جاء رسول الله أني حميت صحابتي بصدور نبلي     أذود بها عدوهم ذيادا
                                                                          بكل حزونة وبكل سهل     فما يعتد رام من معد
                                                                          بسهم مع رسول الله قبلي



                                                                          قال أبو عمر : وكان أحد الفرسان الشجعان من قريش ، الذين كانوا يحرسون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مغازيه ، وهو الذي كوف الكوفة ونفى الأعاجم ، وتولى قتال فارس ، أمره عمر بن الخطاب على ذلك ، وفتح الله على يديه أكثر فارس ، وله كان فتح القادسية وغيرها ، وكان أميرا على الكوفة ، فشكاه أهلها ورموه بالباطل ، فدعا على الذي واجهه بالكذب دعوة ظهرت إجابتها ، والخبر بذلك مشهور ، وعزله عمر ، وذلك سنة إحدى وعشرين ، حين شكاه أهل الكوفة ، وولى عمار بن ياسر الصلاة ، وعبد الله بن مسعود بيت المال ، وعثمان بن حنيف مساحة الأرض ، ثم عزل عمارا وأعاد سعدا على [ ص: 313 ] الكوفة ثانيا ، ثم عزله وولى جبير بن مطعم ، ثم عزله قبل أن يخرج إليها ، وولى المغيرة بن شعبة فلم يزل عليها حتى قتل عمر ، فأقره عثمان يسيرا ، ثم عزله ، وولى سعدا ، ثم عزله ، وولى الوليد بن عقبة .

                                                                          وقد قيل : إن عمر لما أراد أن يعيد سعدا على الكوفة أبى عليه وقال : تأمرني أن أعود إلى قوم يزعمون أني لا أحسن الصلاة . فتركه فلما طعن عمر وجعله أحد أهل الشورى قال : إن وليها سعد فذاك ، وإلا فليستعن به الوالي ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة .

                                                                          ورامه ابنه عمر بن سعد أن يدعو إلى نفسه بعد قتل عثمان فأبى ، وكذلك رامه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، فلما أبى صار هاشم إلى علي ، وكان سعد ممن قعد ولزم بيته في الفتنة ، وأمر أهله أن لا يخبروه بشيء من أخبار الناس حتى تجتمع الأمة على إمام .

                                                                          وروي أن عليا - رضي الله عنه - سئل عن الذين قعدوا عن بيعته والقيام معه ، فقال : أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل .

                                                                          ومناقبه وفضائله كثيرة جدا .

                                                                          ذكر غير واحد من العلماء ، أنه مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة ، وحمل إلى المدينة على رقاب الرجال ، ودفن بالبقيع ، وصلى عليه مروان بن الحكم .

                                                                          واختلف في تاريخ وفاته ومبلغ سنه ، فقيل : مات سنة خمس وخمسين وهو المشهور . وقيل : سنة إحدى وخمسين . وقيل : سنة [ ص: 314 ] ست وخمسين . وقيل : سنة سبع وخمسين . وقيل : سنة ثمان وخمسين ، وهو ابن بضع وسبعين ، وقيل : ابن ثلاث وسبعين ، وقيل : أربع وسبعين ، وقيل : ابن اثنتين وثمانين ، وقيل : ابن ثلاث وثمانين . وهو آخر العشرة وفاة .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية