الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          [ ص: 446 ] 2278 - (ع) : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي ، العدوي ، أبو الأعور ، ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل ، وصهره على أخته فاطمة بنت الخطاب ، وكانت أخته عاتكة بنت زيد تحت عمر بن الخطاب ، وهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة .

                                                                          روى عن : النبي - صلى الله عليه وسلم - (ع) .

                                                                          روى عنه : حميد بن عبد الرحمن بن عوف (ت س) ، ورياح بن الحارث النخعي (د س ق) ، وزر بن حبيش الأسدي ، وطلحة بن [ ص: 447 ] عبد الله بن عوف (ع) ، وأبو الطفيل عامر بن واثلة الليثي ، وعباس بن سهل بن سعد الساعدي (م) ، وعبد الله بن ظالم المازني (ع) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الرحمن بن الأخنس (د ت س) ، وعبد الرحمن بن عمرو بن سهل الأنصاري (خ ت كن) ، وعروة بن الزبير (خ م د ت س) ، وعمرو بن حريث المخزومي (خ م ت س ق) ، وقيس بن أبي حازم (خ) ، ومحمد بن زيد بن عبد الله بن عمر (م) ، ومحمد بن سيرين ، وأبو الخير مرثد بن عبد الله اليزني ، ونوفل بن مساحق (د) ، وابنه هشام بن سعيد بن زيد ، وهلال بن يساف (د) ، ويزيد بن الحارث العبدي ، ويزيد بن يحنس ، وأبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وأبو عثمان النهدي (م ت) .

                                                                          وروى أبو بكر بن حويطب (ت ق) عن جدته ، عن أبيها ، وهو سعيد بن زيد .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى ، قال : وأمه فاطمة بنت بعجة بن أمية بن خويلد بن خالد بن المعمور بن حيان بن غنم بن مليح من خزاعة . وقيل : ابن المعمود ، بدل المعمور ، وقيل : ابن المعمر ، وقيل : ابن المأمور .

                                                                          وقال أبو الأسود ، عن عروة في تسمية أهل بدر : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قدم من الشام بعدما رجع رسول الله - صلى الله عليه [ ص: 448 ] وسلم - من بدر ، فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب له بسهمه ، قال : وأجري يا رسول الله ؟ قال - زعموا - : وأجرك .

                                                                          وكذلك قال الزهري وموسى بن عقبة ، ومحمد بن إسحاق وغير واحد : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب له بسهمه وأجره .

                                                                          وقال الواقدي : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - بعثه هو وطلحة يتحسبان العير ، فضرب له بسهمه وأجره .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين ، ضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر بسهمه وأجره ، وكان بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وطلحة بن عبيد الله يتحسبان له أمر عير قريش قبل أن يخرج من المدينة ، فلم يحضرا بدرا ، وضرب لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمهما وأجرهما .

                                                                          وقال الواقدي : حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة ، عن المسور بن رفاعة ، عن عبد الله بن مكنف من بني حارثة من الأنصار . قال الواقدي : وسمعت بعض هذا الحديث من غير ابن أبي سبرة ، قالوا لما تحين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عير قريش من الشام بعث طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، قبل خروجه من المدينة بعشر ليال يتحسبان خبر العير ، فخرجا حتى بلغا الروحاء ، [ ص: 449 ] فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرت بهم العير ، وبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر قبل رجوع طلحة وسعيد إليه ، فندب أصحابه وخرج يريد العير ، فتساحلت العير وأسرعت ، وساروا الليل والنهار فرقا من الطلب ، وخرج طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد يريدان المدينة ، ليخبرا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر العير ، ولم يعلما بخروجه ، فقدما المدينة في اليوم الذي لاقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النفير من قريش ببدر ، فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلقياه بتربان ، فيما بين ملل والسيالة ، على المحجة منصرفا من بدر ، فلم يشهد طلحة وسعيد الوقعة ، وضرب لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمانهما وأجورهما في بدر ، فكانا كمن شهدها ، وشهد سعيد أحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق في تسمية المهاجرين المتقدمي الإسلام ، قال : ثم أسلم ناس من قبائل العرب ، منهم : سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أخو بني عدي بن كعب ، وامرأته فاطمة بنت الخطاب أخت عمر بن الخطاب .

                                                                          وقال أبو عمر بن عبد البر : كان من المهاجرين الأولين ، وكان إسلامه قديما ، قبل عمر ، وبسبب زوجته كان إسلام عمر ، وخبرهما في ذلك خبر حسن ، وهاجر هو وامرأته فاطمة بنت الخطاب .

                                                                          [ ص: 450 ] وقال الواقدي عن محمد بن صالح ، عن يزيد بن رومان : أسلم سعيد بن زيد قبل أن يدخل النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم ، وقبل أن يدعو فيها .

                                                                          وقال إسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس بن أبي حازم : قال سعيد بن زيد : لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام ، وما كان أسلم بعد .

                                                                          وقال صدقة بن المثنى : حدثني جدي رياح بن الحارث أن المغيرة بن شعبة كان في المسجد الأكبر وعنده أهل الكوفة عن يمينه وعن يساره ، فجاء رجل يدعى سعيد بن زيد ، فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير ، فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة ، فسب وسب ، قال : من يسب هذا يا مغيرة ؟ قال : يسب علي بن أبي طالب . قال : يا مغير بن شعيب ، يا مغير بن شعيب - ثلاثا - ألا أسمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبون عندك ، لا تنكر ولا تغير فأنا أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما سمعت أذناي ووعاه قلبي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني لم أكن أروي عنه كذبا يسألني عنه إذا لقيته أنه قال : أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن في الجنة ، وسعد بن مالك [ ص: 451 ] في الجنة ، وتاسع المؤمنين في الجنة ، لو شئت أن أسميه لسميته . قال : فضج أهل المسجد يناشدونه : يا صاحب رسول الله ، من التاسع ؟ قال : ناشدتموني بالله ، والله عظيم ، أنا تاسع المؤمنين ، ورسول الله العاشر .

                                                                          ثم أتبع ذلك يمينا ، قال : والله ، لمشهد شهده رجل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغبر فيه وجهه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من عمر أحدكم ، ولو عمر عمر نوح .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الفرج بن أبي عمر بن قدامة ، وأبو الحسن ابن البخاري المقدسيان ، وأبو الغنائم ابن علان ، وأحمد بن شيبان ، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، قال أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو علي بن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، عن صدقة بن المثنى . فذكره .

                                                                          رواه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه من حديث صدقة بن المثنى . وروي من غير وجه عن سعيد بن زيد .

                                                                          وقال الزبير بن بكار : حدثني إبراهيم بن حمزة ، قال : حدثني عبد العزيز بن أبي حازم ، عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن أبيه : أن أروى بنت أويس استعدت مروان بن الحكم - وهو والي المدينة - على سعيد بن زيد في أرضه في الشجرة ، وقالت : إنه قد أخذ حقي ، وأدخل [ ص: 452 ] ضفيرتي في أرضه بالشجرة . قال سعيد : كيف أظلمها وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : من اقتطع شبرا من الأرض ظلما طوقه الله من سبع أرضين يوم القيامة . فترك لها سعيد ما ادعت وقال : اللهم ، إن كانت أروى ظلمتني فاعم بصرها واجعل قبرها في بئرها . فعميت أروى ، وجاء سيل فأبدى عن ضفيرتها ، وحقها خارجا من حق سعيد ، فجاء سعيد إلى مروان فقال له : أقسمت عليك لتركبن معي ، ولتنظرن إلى ضفيرتها . فركب مروان معه ، وركب بالناس معه حتى نظروا إليها ، قالوا : ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعدما عميت ، فوقعت في البئر فماتت .

                                                                          قال الزبير : قال إبراهيم بن حمزة : وسمعت عبد العزيز بن أبي حازم يقول : سألت أروى سعيدا أن يدعو لها ، وقالت : إني قد ظلمتك . فقال : لا أرد على الله شيئا أعطانيه .

                                                                          قال : وكان أهل المدينة يدعو بعضهم على بعض فيقول : أعماك الله عمى أروى . يريدونها ، ثم صار أهل الجهل يقولون : أعماك الله عمى الأروى . يريدون الأروى التي بالجبل ، يظنونها شديدة العمى .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أخبرنا أبو حفص بن طبرزد ، قال : أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون ، قال : أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة ، قال : أخبرنا أبو طاهر المخلص ، قال : [ ص: 453 ] حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي ، قال : حدثنا الزبير بن بكار . فذكره .

                                                                          قال يحيى بن بكير ، وابن نمير ، وخليفة بن خياط ، وغير واحد من العلماء : مات سنة إحدى وخمسين بالمدينة .

                                                                          وقيل : إنه مات بالكوفة .

                                                                          وقال الواقدي : حدثنا عبد الملك بن زيد ، من ولد سعيد بن زيد ، عن أبيه ، قال : توفي سعيد بن زيد بالعقيق ، فحمل على رقاب الرجال فدفن بالمدينة ، ونزل في حفرته سعد وابن عمر ، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين ، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة ، وكان رجلا طوالا ، آدم ، أشعر .

                                                                          قال الواقدي : وهو الثبت عندنا ، لا اختلاف فيه بين أهل البلد وأهل العلم قبلنا أن سعيد بن زيد مات بالعقيق ، وحمل فدفن بالمدينة ، وشهده سعد بن أبي وقاص ، وابن عمر وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقومه وأهل بيته ، وولده على ذلك يعرفونه ويروونه ، وروى أهل الكوفة أنه مات عندهم بالكوفة في خلافة معاوية ، وصلى عليه المغيرة بن شعبة وهو يومئذ والي الكوفة لمعاوية .

                                                                          وقال المدائني : قالوا : مات سعيد بن زيد سنة إحدى وخمسين وهو ابن ثلاث وسبعين ، وقبر بالمدينة .

                                                                          [ ص: 454 ] وقال عمرو بن علي : مات بالمدينة سنة إحدى وخمسين ، وهو ابن أربع وسبعين سنة .

                                                                          وقال عبيد الله بن سعد الزهري : مات سنة اثنتين وخمسين .

                                                                          روى له الجماعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية