الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          2214 - (4) : سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن حزيمة ، ويقال : ابن حارثة بن حرام بن أبي حزيمة ، ويقال : ابن حارثة بن حزيمة بن أبي حزيمة بن ثعلبة بن طريف بن الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج الأكبر ، الأنصاري ، الخزرجي ، سيد الخزرج ، أبو ثابت ، ويقال : أبو قيس ، المدني ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                          [ ص: 278 ] أمه عمرة بنت مسعود ، ويقال : بنت سعيد بن عمرو بن زيد مناة ، ولها صحبة ، وماتت في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - . اختلف في شهوده بدرا ، وشهد العقبة وغيرها من المشاهد .

                                                                          روى عن : النبي (4) صلى الله عليه وسلم .

                                                                          روى عنه : ابنه إسحاق بن سعد بن عبادة (صد) ، وأبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف ، والحسن البصري (د س) ولم يدركه ، وابنه سعيد بن سعد بن عبادة (س) ، وسعيد بن المسيب (د س ق) ، وابن ابنه شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة (س) على خلاف فيه ، وعبد الله بن عباس (س) ، وعيسى بن قائد (د) وقيل بينهما رجل ، وابنه قيس بن سعد بن عبادة ، وروى ربيعة بن أبي عبد الرحمن (ت) ، عن ابن لسعد بن عبادة ، عن أبيه .

                                                                          قال أبو الحسن الميموني ، عن أحمد ابن حنبل ، عن سفيان بن عيينة : عبادة بن الصامت عقبي ، أحدي ، بدري ، شجري ، وهو نقيب .

                                                                          وذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى ممن لم يشهد بدرا ، وقال : كان يتهيأ للخروج إلى بدر ، فنهش فأقام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لئن كان سعد لم يشهدها ، لقد كان حريصا عليها . وكان عقبيا ، نقيبا ، سيدا ، جوادا .

                                                                          وقال في " الطبقات الكبير " في تسمية النقباء : ومن بني [ ص: 279 ] ساعدة بن كعب بن الخزرج : سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن أبي حزيمة ، وأمه عمرة بنت مسعود بن قيس بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار ، وهو ابن خالة سعد بن زيد الأشهلي ، من أهل بدر ، وكان سعد في الجاهلية يكتب بالعربية ، وكانت الكتابة في العرب قليلا ، وكان يحسن العوم والرمي ، وكان من أحسن ذلك ، سمي : الكامل . وكان سعد بن عبادة وعدة آباء له قبله في الجاهلية ، ينادى على أطمهم : من أحب الشحم واللحم ، فليأت أطم دليم بن حارثة .

                                                                          قال محمد بن عمر : وكان سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ، وأبو دجانة لما أسلموا يكسرون أصنام بني ساعدة ، وسعد شهد العقبة مع السبعين من الأنصار في روايتهم جميعا ، وكان أحد النقباء الاثني عشر ، وكان سيدا جوادا ، ولم يشهد بدرا ، كان يتهيأ للخروج إلى بدر ، ويأتي دور الأنصار يحضهم على الخروج فنهش قبل أن يخرج فأقام ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لئن كان سعد لم يشهدها لقد كان حريصا عليها .

                                                                          وروى بعضهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضرب له بسهمه وأجره
                                                                          . وليس ذلك بمجمع عليه ولا بثبت ، ولم يذكره أحد ممن يروي المغازي في تسمية من شهد بدرا ، ولكنه قد شهد أحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                          وكان سعد لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة يبعث إليه في كل يوم جفنة فيها ثريد بلحم ، أو ثريد بلبن [ ص: 280 ] أو بخل وزيت ، أو بسمن ، وأكثر ذلك اللحم ، وكانت جفنة سعد تدور مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيوت أزواجه ، وكانت أمه عمرة بنت مسعود من المبايعات ، توفيت بالمدينة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - غائب في غزوة دومة الجندل ، وكانت في شهر ربيع الأول سنة خمس من الهجرة ، وكان سعد بن عبادة معه في تلك الغزوة ، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة أتى قبرها فصلى عليها .

                                                                          وقال مقسم ، عن ابن عباس : كانت راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المواطن كلها راية المهاجرين مع علي بن أبي طالب ، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة .

                                                                          وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس : لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إقبال أبي سفيان قال : أشيروا علي ، فقام أبو بكر فقال له : اجلس ، ثم قام عمر فقال له : اجلس ، فقام سعد بن عبادة فقال : إيانا تريد يا رسول الله ؟ فلو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا ذلك .

                                                                          وقال جرير بن حازم ، عن محمد بن سيرين : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أمسى قسم ناسا من أهل الصفة بين ناس من أصحابه ، وكان الرجل يذهب بالرجل ، والرجل يذهب بالرجلين ، والرجل يذهب بالثلاثة - حتى ذكر عشرة - وكان سعد بن عبادة يرجع كل ليلة إلى أهله بثمانين منهم يعشيهم .

                                                                          [ ص: 281 ] وقال هشام بن عروة ، عن أبيه : كان منادي سعد بن عبادة ينادي على أطمه : من كان يريد شحما أو لحما فليأت سعدا .

                                                                          قال : وكان سعد يقول : اللهم هب لي حمدا وهب لي مجدا ، لا مجد إلا بفعال ، ولا فعال إلا بمال ، اللهم إنه لا يصلحني القليل ، ولا أصلح عليه .

                                                                          ومناقبه وفضائله كثيرة جدا .

                                                                          قال أبو عمر بن عبد البر : وتخلف سعد بن عبادة عن بيعة أبي بكر ، وخرج عن المدينة ولم ينصرف إليها إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة عمر ، وذلك سنة خمس عشرة ، وقيل : سنة أربع عشرة .

                                                                          وقيل : بل مات سعد بن عبادة في خلافة أبي بكر سنة إحدى عشرة ، ولم يختلفوا أنه وجد ميتا في مغتسله وقد اخضر جسده ، ولم يشعروا بموته حتى سمعوا قائلا يقول - ولم يرون أحدا - :


                                                                          قد قتلنا سيد الخز رج سعد بن عباده     ورميناه سهميـ
                                                                          ــن فلم يخط فؤاده

                                                                          وقال ابن جريج ، عن عطاء : سمعت أن الجن قالت في سعد بن عبادة ، فذكر البيتين .

                                                                          وقال يحيى بن بكير ، وعمرو بن علي : مات سنة ست عشرة .

                                                                          له ذكر في غير موضع من الصحيحين ، وروى له الأربعة .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية