الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          2264 - (خت) : سعيد بن داود بن سعيد بن أبي زنبر الزنبري ، أبو عثمان المدني . سكن بغداد وقدم الري .

                                                                          [ ص: 418 ] روى عن : سفيان بن عيينة ، وعامر بن صالح الزبيري ، وأبي بكر عبد الحميد بن أبي أويس ، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي ، ومالك بن أنس (خت) ، وأبي شهاب الحناط .

                                                                          روى عنه : البخاري في " الأدب " واستشهد به في " الجامع " وإبراهيم بن إسحاق الحربي ، وإبراهيم بن الوليد الجشاش ، وأحمد بن منصور الرمادي ، وأحمد بن الهيثم بن خالد البزاز ، وأحمد بن يوسف التغلبي ، والجراح بن مخلد ، والحارث بن أبي أسامة ، والحسن بن عليل العنزي ، والحسن بن المتوكل البغدادي ، والزبير بن بكار ، وأبو شعيب صالح بن عمران الدعاء ، وأبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني ، وعلي بن شداد جار تمتام ، وعمر بن حفص السدوسي ، ومحمد بن خالد بن يزيد الآجري ، ومحمد بن علي بن داود ابن أخت غزال ، ومحمد بن عمار بن الحارث الرازي ، ومحمد بن الفرج الأزرق ، والمفضل بن غسان الغلابي ، وأبو يوسف يعقوب بن إسحاق القلوسي البصري ، وأبو الحسن يعقوب بن إسحاق الضبي البغدادي المخرمي ، المعرف بالبيهسي ، ويعقوب بن شيبة السدوسي .

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب : سكن بغداد ، وحدث بها عن مالك بن أنس ، وفي أحاديثه نكرة ، ويقال : إنه قلبت عليه صحيفة ورقاء عن أبي الزناد ، فرواها عن مالك عن أبي الزناد .

                                                                          قال : وذكر أبو حاتم الرازي أنه سأل ابن أبي أويس عنه ، [ ص: 419 ] فقال : قد لقي مالكا ، وكان أبوه وصي مالك ، وأثنى على أبيه خيرا .

                                                                          وقال عبد الله بن علي ابن المديني ، سمعت أبي يقول : كتبت عن الزنبري أحاديث عن مالك من أخبار الناس ، ولو كان رواها عن أبيه ، قال أبي : ولقد حسبت سنه ، فإذا هو قد كان رجلا ، وكان أبوه أجود الناس منزلة من مالك ، وضعفه .

                                                                          قال أبو بكر الخطيب : قوله : لو كان رواها عن أبيه يعني : كان ذلك أقرب لحاله ، واحتملت روايته لها ، فلما رواها عن مالك استعظم علي ذلك واستنكره .

                                                                          وقال أحمد بن علي الأبار : سألت مجاهد بن موسى عن الزنبري ، فقال : سألت عنه عبد الله بن نافع الصائغ ، فقلت : يا أبا محمد ، زعم أن المهدي أمر مالك بن أنس حين أخرج " الموطأ " يصير في صندوق ، حتى إذا كان أيام الموسم حمل الناس عليه ، وأرسل إلى العراق ، فقيل لمالك بن أنس : انظر فإن أهل العراق سيجتمعون ، فإن كان فيه شيء فأصلحه ، فقرأه على أربعة أنفس أنا فيهم ، فقال : كذب سعيد ، أنا والله ، أجالس مالكا منذ ثلاثين سنة ، أو خمس وثلاثين سنة بالغداة والعشي ، وربما هجرت ما رأيته قرأه على إنسان قط .

                                                                          [ ص: 420 ] وقال إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد : سألت يحيى بن معين عن الزنبري ، فقال : ما كان عندي بثقة .

                                                                          وقال أبو بكر الأثرم : ذكرت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل : هشام بن عروة ، فقال : ما كان أروى أبا أسامة عنه ! روى حديث وقف الزبير عنه ، وأحاديث غرائب ، منها حديث أسماء وحديث الإفك . قلت : له حديث الإفك ، رواه مالك ، قال : هكذا أمن يرويه عن مالك ؟ قلت : هذا الذي هاهنا الزنبري ، فتبسم وسكت .

                                                                          وقال أبو بكر الأثرم أيضا : قلت لأبي عبد الله : كنت أمرتني من سنين بالكتاب عن الزنبري ؟ فقال : لا أدري ، أخاف أن يكون الزنبري قد خلط على نفسه .

                                                                          وقال سعيد بن عمرو البرذعي : قلت لأبي زرعة : سعيد بن داود الزنبري ؟ قال : ضعيف الحديث ، حدث عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه بحديث باطل ، ويحدث بأحاديث مناكير عن مالك .

                                                                          قال البرذعي : وقد روى أبو زرعة حديث خارجة هذا عن رجل عنه أملاه علينا إملاء .

                                                                          وهذا الحديث الذي أشار إليه أبو زرعة ، أخبرنا به يوسف بن [ ص: 421 ] يعقوب الشيباني ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد ، قال : أخبرنا أحمد بن علي الحافظ ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ، قال : حدثنا محمد بن الفرج الأزرق ، قال : حدثنا سعيد بن داود الزنبري ، قال : حدثنا مالك ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن زيد بن ثابت : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير يوم خيبر أربعة أسهم : سهمين للقوس ، وسهما له ، وسهما للقرابة .

                                                                          وقال شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري الهروي : الزنبري مدني من خيارهم ، كان عند مالك حظيا ، خصه بأشياء من حديثه .

                                                                          قال البخاري في " التوحيد " من " الجامع " عقيب حديث عبيد الله بن نافع ، عن ابن عمر : أن الله يقبض الأرض يوم القيامة . . . الحديث : ورواه سعيد ، عن مالك ، يعني : عن نافع .

                                                                          وروى عنه في " الأدب " عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر حديث : إذا قال للآخر : كافر ، فقد كفر أحدهما . . . الحديث .

                                                                          ومما وقع لنا عاليا من حديثه ما أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، وأحمد بن شيبان ، وإسماعيل بن العسقلاني ، وزينب بنت مكي ، وفاطمة بنت علي بن القاسم ابن عساكر ، قالوا : أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد ، [ ص: 422 ] قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو طالب بن غيلان ، قال : أخبرنا أبو بكر الشافعي ، قال : حدثنا أبو شعيب صالح بن عمران الدعاء ، قال : حدثنا سعيد بن داود الزنبري ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة أنها قالت : قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أشيروا يا معشر المسلمين ، في أناس أبنوا أهلي ، وأيم الله ، ما علمت على أهلي سوءا قط ، وأبنوهم بامرئ ، والله ، إن علمت عليه سوءا قط ، ولا دخل على أهلي إلا وأنا حاضر ، ولا تغيبت إلا تغيب معي . فقام سعد بن معاذ ، فقال : يا رسول الله ، اضرب أعناقهم ، والله ، لو كانوا من الأوس لرأيت أن أضرب أعناقهم . فقام سعد بن عبادة من الخزرج ، وكانت أم حسان من الخزرج ، وكانت بنت عمه من فخذه ، فقال : والله ما صدقت ، ولو كانوا من رهطك ما رضيت أن يقتلوا .

                                                                          فتنازع سعد بن معاذ وسعد بن عبادة ، وكاد أن يكون بين الأوس والخزرج في المسجد شر ، وما علمت عائشة في ذلك بشيء مما قيل ، ولا بلغها من حديثهم شيء ، حتى إذا كان مساء يوم قام فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذتها أم مسطح فأخبرتها عن مسطح ، وذكره لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الغد بعدما صلى الظهر ، فلما ذكره لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندها أبوها وأمها ، أنزل الله تعالى براءتها في مجلسه ذلك الذي ذكره لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يتفرقوا ، وقبل أن يقوموا من عندها ; أبوها وأمها
                                                                          .

                                                                          هذا حديث غريب من حديث مالك عن هشام بن عروة ، يعد في [ ص: 423 ] أفراد الزنبري عن مالك ، وهو الذي أنكره أحمد بن حنبل عليه فيما رواه أبو بكر الأثرم عنه ، كما تقدم . وقيل : إن أيوب بن عمارة الأنصاري المدني رواه عن مالك أيضا ، والله أعلم .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية