الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            3 - باب المبتوتة لا نفقة لها في العدة إلا أن تكون حاملا

                                                            قال الله عز وجل وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن .

                                                            2890 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا يحيى بن منصور القاضي ، أخبرنا محمد بن عبد السلام ، أخبرنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك ( ح )

                                                            2890 - وأخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ في آخرين . قالوا : أنبأنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، قال : أنبأنا الربيع بن سليمان ، أنبأنا الشافعي ، أنبأنا مالك ، عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، عن فاطمة بنت قيس ، أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة . وهو غائب بالشام . فأرسل إليها [ ص: 189 ] وكيله بشعير فسخطته . فقال : والله ما لك علينا من شيء . فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : " ليس لك عليه نفقة " وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك . ثم قال " تلك امرأة يغشاها أصحابي . اعتدي عند عبد الله بن أم مكتوم . إنه رجل أعمى . تضعين ثيابك عنده ؛ فإذا حللت فآذنيني " قالت : " فلما حللت ذكرت له ، أن معاوية بن أبي سفيان ، وأبا جهم بن هشام خطباني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه . وأما معاوية فصعلوك لا مال له ، انكحي أسامة بن زيد " قالت : فكرهته . ثم قال " انكحي أسامة بن زيد فنكحته . فجعل الله في ذلك خيرا واغتبطت به " .

                                                            قال الشافعي : حديث صحيح على وجهه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لا نفقة لك عليه وأمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، لعلة لم تذكرها فاطمة كأنها استحيت من ذكرها ، وقد ذكرها غيرها وهي : " أنه كان في لسانها ذرب ، فاستطالت على أحمائها استطالة تفاحشت " ، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم ، واستدل الشافعي بقول ابن عباس في قول الله عز وجل لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال : " أن تبذوا على أهل زوجها . فإن بذت فقد حل إخراجها " .

                                                            2890 - وروي عن ابن المسيب ما ذكر من استطالتها على أحمائها ، وعن عائشة وغيرها ما دل على ذلك .

                                                            2891 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أنبأنا أبو بكر بن داسة ، أخبرنا أبو داود ، أخبرنا محمد بن خالد ، أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيد الله وهو ابن عبد الله بن عتبة ، قال : أرسل مروان إلى فاطمة فسألها ، فأخبرته فذكر الحديث ، قالت : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملا "

                                                            [ ص: 190 ] وروينا هذا عن ابن عباس ، وابن عمر ، وجابر بن عبد الله .

                                                            2891 - والذي روي عن عمر بن الخطاب من الإنكار على فاطمة بنت قيس ، فإنما أنكر عليها ترك السكنى ، وكتمان السبب ، كما أنكرت عائشة ، وهو قول الرواة الحفاظ في حديث عمر : " لا ندع كتاب ربنا دون قوله وسنة نبينا "

                                                            قال أحمد بن حنبل : " لا يصح ذلك " عن عمر ، وقاله أيضا ، الدارقطني ، ففي الكتاب إيجاب السكنى دون النفقة ، وليس في السنة إيجاب النفقة لها إذا لم تكن حاملا . والله أعلم .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية