الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            9 - باب ما يقع به الطلاق من الكلام ولا يقع إلا بنية

                                                            2668 - قال الشافعي رحمه الله : ذكر الله الطلاق في كتابه بثلاثة أسماء : الطلاق ، والفراق ، والسراح . فمن خاطب امرأته فأفرد لها اسما من هذه الأسماء لزمه الطلاق " .

                                                            2669 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا عبد الله بن وهب ، عن سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن حبيب ، أنه سمع عطاء بن أبي رباح يقول : أخبرني يوسف بن ماهك : أنه سمع أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد : النكاح ، والطلاق ، والرجيعة " . [ ص: 119 ]

                                                            2670 - وروينا عن ابن المسيب ، عن عمر بن الخطاب ، أنه قال : " أربع معقلات : النذر ، والطلاق ، والعتق ، والنكاح " .

                                                            2671 - حدثنا الإمام أبو الطيب سهل بن محمد بن سليمان إملاء ، وأبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق وغيرهم ، قالوا : حدثنا أبو العباس بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عمي محمد بن علي بن شافع ، عن عبد الله بن علي بن السائب ، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد : أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة المزنية البتة ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إني طلقت امرأتي سهيمة البتة ، ووالله ما أردت إلا واحدة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لركانة : " والله ما أردت إلا واحدة ؟ " فقال ركانة : " والله ما أردت إلا واحدة " ، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطلقها الثانية في زمان عمر ، والثالثة في زمان عثمان .

                                                            2672 - أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا محمد بن يونس النسائي ، أن عبد الله بن الزبير حدثهم ، عن محمد بن إدريس الشافعي ، حدثنا عمي محمد بن علي ، عن ابن السائب ، عن نافع بن عجير ، عن ركانة بن عبد يزيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث .

                                                            2672 - وروينا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال في البتة بنحو من هذا .

                                                            [ ص: 120 ] وروي عنه أيضا في الخلية والبرية والبتة والبائنة واحدة . وهو أحق بها وكذلك في حبلك على غاربك ، إذا قال : " أردت فيها الفراق أو الطلاق " .

                                                            2673 - أخبرنا أبو محمد بن يوسف ، أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي ، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني ، حدثنا أبو عباد ، حدثنا جرير بن حازم ، حدثنا عيسى بن عاصم ، عن زازان ، قال : كنا عند علي رضي الله عنه فذكر الخيار فقال إن " أمير المؤمنين - يعني عمر - قد سألني عن الخيار " فقلت : إن اختارت نفسها فواحدة بائنة ، وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها ، فقال عمر : " ليس كذلك ولكنها إن اختارت زوجها فليس بشيء ، وإن اختارت نفسها فواحدة فهو أحق بها ، فلم أستطع إلا متابعة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه ، فلما خلص الأمر إلي وعلمت أني مسئول عن الفروج أخذت بالذي كنت أرى " ، فقالوا : والله لئن جامعت عليه أمير المؤمنين عمر وتركت رأيك الذي رأيت إنه لأحب إلينا من أمر تفردت به بعده . قال : " فضحك " ، ثم قال أما أنه قد أرسل زيد بن ثابت فسأل زيدا فخالفني وإياه ، فقال زيد " إن اختارت نفسها فثلاث وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها " .

                                                            قلت : وروينا عن عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس أنهما قالا في الخيار نحو قول عمر .

                                                            2673 - وروينا عن أبي إسحاق ، عن أبي جعفر نحو قول عمر قيل له : " فإن أناسا يروون عن علي - يعني خلاف هذا - ؟ " قال : " هكذا وجدوه في الصحف " .

                                                            2674 - وفي الحديث الثابت عن مسروق ، عن عائشة قالت : " خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يكن ذلك طلاقا " . [ ص: 121 ]

                                                            2675 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان ، حدثنا أبو أسامة ، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن مسروق ، قال : سألت عائشة عن الخيرة فقالت : " قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفكان طلاقا ! "

                                                            2676 - وروينا عن عبد الله بن مسعود فيمن " ملك امرأته وطلقت نفسها ثلاثا " قال : " أراها واحدة وهو أحق بها " . فقال عمر : " وأنا أرى ذلك " .

                                                            2677 - وروينا عن زيد بن ثابت مثل ذلك .

                                                            2677 - وروينا عن ابن مسعود أنه " أجاب بهذا فيمن ملك امرأته أمرها " فقالت : " قد طلقتك ثلاثا " . وقال عمر " وأنا أرى ذلك " .

                                                            2678 - وروينا عن منصور أنه قال لإبراهيم : بلغني أن ابن عباس كان يقول : " حطا الله نوءها لو قالت قد طلقت نفسي " . فقال إبراهيم " هما سواء يعني قولها طلقتك وطلقت نفسي سواء " .

                                                            2679 - أخبرنا أبو بكر بن فورك ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا هشام ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن يعلى بن حكيم ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال في " الحرام يمين يكفرها " . وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

                                                            2680 - وروينا عن ابن مسعود أنه قال في الحرام " إن نوى يمينا فيمين ، وإن نوى طلاقا فطلاق ، وهو ما نوى من ذلك " .

                                                            2681 - وروينا عن مسلمة بن علقمة ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر ، عن مسروق ، عن عائشة قالت : " آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم ، فجعل الحرام حلالا ، وجعل في اليمين كفارة " .

                                                            [ ص: 122 ]

                                                            2682 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان ، أنبأنا أحمد بن عبيد ، أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي ، أخبرنا الحسن بن قزعة ، أخبرنا مسلمة بن علقمة فذكره . ورواه غيره عن داود فأرسله .

                                                            2683 - أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أنبأنا أبو منصور النضروي ، أخبرنا أحمد بن نجدة ، أخبرنا سعيد بن منصور ، أخبرنا هشيم ، أخبرنا داود ، عن الشعبي ، عن مسروق أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف لحفصة ألا يقرب أمته ، وقال : " هي عليه حرام " فنزلت الكفارة ليمينه ، وأمر ألا يحرم ما أحل الله .

                                                            2683 - وروينا عن ابن عباس ، وأنس ثم عن الحسن ، وإبراهيم ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم من أهل التفسير نزول الآية في تحريمه مارية على نفسه ، ولم يذكر أحد منهم الحلف .

                                                            2684 - وفي حديث عبيد بن عمير ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان " يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا " ، قالت فتواصيت هذا أنا وحفصة أيتنا دخل عليها فلتقل : " إني أجد منك ريح مغافير ، فدخل على إحداهما " ، قالت ذلك له ، فقال : بل شربت عسلا عند زينب ولن أعود له فنزلت لم تحرم ما أحل الله لك الآية .

                                                            ورواه عروة عن عائشة ولم يذكر نزول الآية في ذلك .

                                                            2686 - رواه هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة وقال في الحديث " ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا " ، وكذلك قاله محمد بن ثور عن ابن جريج .

                                                            2687 - وفي حديث ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس في هذه القصة : " والله لا أشربه " .

                                                            2687 - أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان ، أنبأنا أحمد بن عبيد الصفار ، أخبرنا العباس بن الفضل الأسفاطي ، أخبرنا مسدد ، أخبرنا يحيى ، عن أبي عامر الخزاز ، وحدثني ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال كان النبي صلى الله عليه وسلم " يشرب من شراب يعني عند امرأة من نسائه ، يعني من العسل " ، فدخل على عائشة فقالت : [ ص: 123 ] " إني أجد منك ريحا ، ثم دخل على حفصة " فقالت : " إني أجد منك ريحا ! " فقال : " إني أراه من شراب شربته عند فلانة ، والله لا أشربه " ، فنزلت هذه الآية يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية