الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            7 - باب السلب للقاتل

                                                            3507 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا عبد الله بن وهب ، قال : وسمعت مالك بن أنس يقول : حدثني يحيى بن سعيد ، عن عمر بن كثير بن أفلح ، عن أبي محمد مولى أبي قتادة ، عن أبي قتادة ، قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين ، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة ، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت حتى أتيته من ورائه ، فضربته على حبل عاتقه فأقبل علي ، فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ، فأرسلني ، فلحقت عمر بن الخطاب ، فقال : ما للناس فقلت : أمر الله ، ثم إن الناس رجعوا ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " من قتل قتيلا له عليه بينة ، فله سلبه " ، قال : فقلت : من يشهد لي ثم جلست ، ثم قال مثل ذلك ، فقمت ، فقلت : من يشهد لي ، ثم جلست ، ثم قال مثل ذلك الثالثة ، فقمت ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما لك يا أبا قتادة " ، وقصصت عليه القصة ، فقال رجل من القوم : صدق يا رسول الله ، وسلب ذلك القتيل عندي ، فأرضه من حقه . فقال أبو بكر : لاها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله عز وجل ، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فيعطيك سلبه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صدق ، فأعطه إياه " ، فأعطاني قال : فبعت الدرع ، فابتعت به مخرفا في بني سلمة ، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام " .

                                                            3508 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، وأبو زكريا بن أبي إسحاق ، وغيرهما قالوا : أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع بن سليمان ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا مالك فذكره بإسناده ، ومعناه غير أنه قال : فلحقت عمر بن الخطاب ، [ ص: 374 ] فقلت له : ما بال الناس ، قال : أمر الله . وزاد قال الشافعي : قال مالك : المخرف النخل .

                                                            وروينا هذه القصة في حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك ، وفيه من الزيادة : فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا ، فأخذ أسلابهم " .

                                                            3509 - وروينا عن حاطب بن أبي بلتعة أنه قتل مشركا يوم أحد ، فسلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه .

                                                            3510 - وروينا عن سعد بن أبي وقاص أنه دعا الله تعالى أن يلقيه رجلا شديدا بأسه حتى يقتله ، ويأخذ سلبه ، وذلك يوم أحد ، وفي قصة علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود ، فقال عمر بن الخطاب : هلا استلبته درعه ، وذلك في قصة الخندق ، وفيها قتلت صفية بنت عبد المطلب يهوديا ، وقولها لحسان انزل ، فاستلبه " .

                                                            3511 - وروينا عن الزبير أنه قتل يهوديا يوم قريظة فنفله النبي صلى الله عليه وسلم سلبه .

                                                            3512 - وروينا في غزوة مؤتة أن خزيمة بن ثابت بارز رجلا ، فأصابه ، وعليه بيضة له فيها ياقوتة ، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنفله إياها " .

                                                            3513 - وعن عقيل بن أبي طالب أنه بارز رجلا يوم مؤتة ، فقتله ، فنفله سيفه ، وترسه .

                                                            3514 - وروينا عن محمد بن مسلمة أنه أثخن مرحب يوم خيبر ، وخفف عليه علي ، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه محمد بن مسلمة سيفه ، ودرعه ، ومغفره ، وبيضته .

                                                            3515 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، أخبرنا الأسفاطي ، وهو العباس بن الفضل ، أخبرنا أبو الوليد ، أخبرنا عكرمة بن عمار ، أخبرنا إياس بن سلمة بن الأكوع ، عن أبيه قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن ، فبينا نحن نتضحى عامتنا مشاة ، وفيها ضعف إذ دخل رجل على جمل [ ص: 375 ] أحمر ، فانتزع ظلفا من حقو البعير ، فقيد به جمله ، ثم مال إلى القوم ، فلما رأى ضعفهم أطلقه ، ثم أناخه ، فقعد عليه ، ثم خرج يركض ، وأتبعه رجل من أسلم : على ناقة ورقاء من ظهر القوم ، فخرجت أعدو ، فأدركته ، ورأس الناقة عند ورك البعير ، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل ، فأنخته ، فلما صارت ركبته بالأرض اخترطت سيفي ، فأضربه ، فندر رأسه ، فجئت براحلته ، وما عليها ، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس مقبلا ، فقال : " من قتل الرجل " ، فقالوا : ابن الأكوع قال : " له السلب أجمع " .

                                                            3516 - وروينا عن عوف بن مالك الأشجعي ، وخالد بن الوليد أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قضى في السلب للقاتل ، ولم يخمس في السلب .

                                                            3517 - والذي روي في هذه القصة من تخميس خالد بن الوليد ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : " يا خالد لا ترد عليه هل أنتم تاركو لي أمرائي " ، فيحتمل أنه عزره بذلك .

                                                            3518 - والذي روي عن عمر بن الخطاب أنه قال : إنا كنا لا نخمس السلب ، وإن سلب البراء قد بلغ مالا ، ولا أراني إلا خامسه ، فقد قيل لابن سيرين نخمسه ، فقال : لا إذ روى .

                                                            وروينا عن خالد بن الوليد ، أنه بارز هرمزا ، فقتله ، فنفله أبو بكر الصديق سلبه ، فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم .

                                                            3519 - وعن شبر بن علقمة أنه قال : بارزت رجلا يوم القادسية ، فقتلته ، فبلغ سلبه اثنتي عشر ألفا ، فنفله سعد .

                                                            3520 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا ابن عيينة ، عن الأسود بن قيس ، عن رجل من قومه يقال له شبر بن علقمة ، فذكره .

                                                            التالي السابق


                                                            الخدمات العلمية