3725 3726 3727 3728 3729 3730 3731 ص: فقال قائل ممن كره القران والتمتع لمن استحبهما : اعتللتم علينا بقول الله - عز وجل - : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي في إباحة المتعة وليس ذلك كذلك ، وإنما تأويل هذه الآية : ما روي عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه - [فذكر ما] حدثنا محمد بن الحجاج ونصر بن مرزوق ، قالا : ثنا الخصيب بن ناصح ، قال : ثنا وهيب بن خالد ، عن إسحاق بن سويد ، قال : "سمعت عبد الله بن الزبير وهو يخطب يقول : يا أيها الناس ألا إنه والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون ولكن التمتع بالعمرة إلى الحج : أن يخرج الرجل حاجا فيحبسه عدو أو مرض أو أمر يعذر به حتى تذهب أيام الحج ، ، فيأتي البيت فيطوف به سبعا ويسعى بين الصفا والمروة ، ويتمتع بحله إلى العام المقبل فيحج ويهدر" .
حدثنا ابن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا حماد ، قال : ثنا إسحاق بن سويد . ... فذكره نحوه . قالوا : فهذا تأويل هذه الآية .
[ ص: 244 ] قيل لهم : لئن وجب بأن يكون تأويلها كذلك لقول ابن الزبير ، فإن تأويلها أحرى ألا يكون كذلك كما رويناه عن رسول الله - عليه السلام - وعن أصحابه من بعده مثل عمر ، وعلي ومن ذكرنا معهم فيما تقدم من هذا الباب .
وقد حدثنا يونس ، قال : ثنا سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم - أو مالك بن الحارث - عن أبي نصر قال : "أهللت بالحج فأدركت عليا - رضي الله عنه - فقلت : إني أهللت بالحج أفأستطيع أن أضم إليه عمرة ؟ فقال : لا ، لو كنت أهللت بالعمرة ثم أردت أن تضيف إليها الحج فعلت" .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن علي بن حسين ، عن مروان بن الحكم ، قال : "كنا مع عثمان بن عفان ، - رضي الله عنه - فسمعنا رجلا يهتف بالحج والعمرة فقال عثمان : من هذا ؟ قالوا : علي ، فسكت" .
حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا الخصيب ، قال : ثنا همام ، عن قتادة ، عن جري بن كليب ، وعبد الله بن شقيق : " أن عثمان - رضي الله عنه - خطب ، فنهى عن المتعة ، فقام علي - رضي الله عنه - فلبى بهما ، فأنكر عثمان ذلك ، فقال علي: إن أفضلنا في هذا الأمر أشدنا اتباعا له" .
حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا هشيم ، قال : ثنا أبو بشر ، عن سليمان اليشكري ، عن جابر بن عبد الله ، قال : " لو أهللت بالحج والعمرة طفت لهما طوافا واحدا ولكنت مهديا" . ) .
قال أبو جعفر : - رحمه الله - : فهذا من ذكرنا من أصحاب رسول الله - عليه السلام - قد صرف تأويل قول الله - عز وجل - : فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي إلى خلاف ما صرفه إليه عبد الله بن الزبير ، وهو أصح التأويلين عندنا والله أعلم ، لأن في الآية ما يدل على فساد تأويل ابن الزبير ؛ لأن الله - عز وجل - قال فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج والصيام في الحج لا يكون بعد فوت الحج ، ولكنه قبل فوته ثم قال : وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام [ ص: 245 ] فكأن الله - عز وجل - إنما جعل المتعة ، وأوجب فيها ما أوجب على من فعلها إذا لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وقد أجمعت الأمة أن من كان أهله حاضري المسجد الحرام أو غير حاضري المسجد الحرام ففاته الحج ، أن حكمه في ذلك وحكم غيره سواء وأن حاله بحضور أهله المسجد الحرام لا يخالف حاله ببعدهم عن المسجد الحرام فثبت بذلك أن المتعة التي ذكرها الله - عز وجل - في هذه الآية هي التي يفترق فيها من كان أهله بحضرة المسجد الحرام ومن كان أهله بغير حضرة المسجد الحرام ، وذلك في التمتع بالعمرة إلى الحج التي كرهها مخالفنا .


