الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3533 ص: حدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا وهب ، قال : ثنا شعبة ، عن قتادة ، عن أبي حسان ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : " أن رسول الله - عليه السلام - صلى بذي الحليفة ، ، ثم أتي براحلته فركبها ، فلما استوت به البيداء أهل" . .

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح ، ورجاله ثقات ، وأبو حسان الأجرد ويقال الأعرج البصري ، واسمه مسلم بن عبد الله ، روى له الجماعة البخاري مستشهدا .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" بأتم منه : ثنا بهز ، قال : ثنا شعبة ، قال : قتادة أخبرني ، قال : سمعت أبا حسان يحدث ، عن ابن عباس قال : "صلى رسول الله - عليه السلام - الظهر بذي الحليفة ثم أتي ببدنة فأشعر صفحة سنامها الأيمن ، ثم سلت الدم عنها ، ثم قلدها نعلين ، ثم أتي براحلته ، فلما قعد عليها واستوت به البيداء أهل بالحج" .

                                                قوله : "براحلته" والراحلة من البعير القوي على الأسفار والأحمال ، والذكر والأنثى فيه سواء ، والهاء فيه للمبالغة ، وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر ، فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت .

                                                و "البيداء" في اللغة : المفازة لا شيء بها .

                                                وقال ابن الأثير : البيداء ها هنا اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة ، وأكثر ما ترد ويراد بها هذه .

                                                وقال الكرماني : البيداء ها هنا فوق علمي ذي الحليفة إذا صعدت من الوادي ، وفي أول البيداء بئر ماء .

                                                [ ص: 61 ] وقال عياض: البيداء ها هنا هي الشرف الذي أمام ذي الحليفة ، وهي أقرب إلى مكة من ذي الحليفة ، وكل مفازة بيداء وجمعها بيد .

                                                وفي كتاب "الأنوار" شرح الموطأ : ولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر بالبيداء فذكر ذلك لرسول الله - عليه السلام - فقال : مرها فلتغتسل ثم لتهل" .

                                                وفي رواية : "ولدت بذي الحليفة" .

                                                ثم قال : هذا ليس بخلاف ؛ لأن البيداء صحراء متصلة بذي الحليفة ، ولعل أبا بكر - رضي الله عنه - قصد النزول بها للانفراد لحاجة أهله إلى الولادة ، وأضاف ذلك في رواية إلى ذي الحليفة لأنها المقصودة ، ولا يكون الإهلال إلا بذي الحليفة . انتهى .

                                                وانتصاب "البيداء" ها هنا على الظرفية ، أي على البيداء أو فيها .

                                                قوله : "أهل" أي رفع صوته بالتلبية .




                                                الخدمات العلمية