الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3830 ص: حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن أبي عاصم الغنوي ، عن أبي الطفيل ، قال : " قلت لابن عباس : يزعم قومك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد رمل بالبيت ، ، وأن ذلك سنة! قال : صدقوا وكذبوا . قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟ ! قال : صدقوا ، قد رمل رسول الله - عليه السلام - بالبيت ، وكذبوا : ليست بسنة ، إن قريشا قالت زمن الحديبية : دعوا محمدا وأصحابه حتى يموتوا موت النغف ، فلما صالحوه على أن يجيء في العام المقبل ، فيقيموا ثلاثة أيام بمكة ، تقدم رسول الله - عليه السلام - ، والمشركون على جبل قيقعان ، فقال رسول الله - عليه السلام - لأصحابه : ارملوا بالبيت ثلاثا . وليست بسنة" .

                                                التالي السابق


                                                ش: أبو عاصم الغنوي وثقه يحيى بن معين ، وقال أبو حاتم : لا أعلم روى عنه غير حماد بن سلمة ، ولا أعرفه ولا أعرف اسمه . روى له أبو داود ، وأبو الطفيل عامر بن واثلة ، وهو آخر من مات من الصحابة .

                                                [ ص: 362 ] وأخرجه أبو داود : نا أبو سلمة موسى بن إسماعيل ، قال : نا حماد ، قال : أنا أبو عاصم الغنوي ؛ عن أبي الطفيل ، قال : قلت لابن عباس . . . إلى آخره نحوه ، وفي روايته بعد قوله : "وليس بسنة" : "قلت : يزعم قومك أن رسول الله - عليه السلام - طاف بين الصفا والمروة على بعير وأن ذلك سنة ، قال : صدقوا وكذبوا ، قلت : ما صدقوا وما كذبوا ؟ قال : صدقوا ، قد طاف رسول الله - عليه السلام - بين الصفا والمروة على بعير ، وكذبوا ، ليست بسنة كان الناس لا يدفعون عن رسول الله ولا ينصرفون عنه ، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ، ولا تناله أيديهم" .

                                                قوله : "ليست بسنة" ، معناه أنه أمر لم يسن فعله لعامة المسلمين ، على معنى القربة كالسنن التي هي عبادات ، ولكنه شيء فعله رسول الله - عليه السلام - لسبب خاص .

                                                قوله : "زمن الحديبية" أراد به عام الحديبية ، وكان سنة ست من الهجرة .

                                                قوله : "موت النغف" أي كموت النغف ، وهو بفتح النون بعدها غين معجمة مفتوحة وبعدها فاء ، واحدتها : نغفة ، وهي الدود التي تكون في أنوف الأنعام ، وعن الأصمعي أنها تكون في أنوف الإبل والغنم ، وقال أبو عبيد : وتكون أيضا في باطن النوى ، وما سوى ذلك فليس بنغف .

                                                وفي حديث يأجوج ومأجوج : "فيرسل الله عليهم النغف فيصبحون" قال ابن الأثير في تفسيره : النغف - بالتحريك - دود يكون في أنوف الإبل والغنم ، واحدتها : نغفة .

                                                قوله : "والمشركون على جبل قعيقعان" وفي رواية أبي داود : "والمشركون من قبل قعيقعان" : وهو جبل مشهور بمكة ، سمي به لأن جرهما لما تحاربوا كثرت قعقعة السلاح هناك ، وهو بضم القاف وفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وكسر القاف وبعدها عين مهملة وبعدها ألف ونون ، وهو جبل مشرف على مكة من غربيها كما أن جبل أبي قبيس مشرف على مكة من شرقيها .




                                                الخدمات العلمية