الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3743 3744 3745 ص: فاحتمل أن يكون النبي - عليه السلام - أمر بذلك للضرورة كما قالوا ، واحتمل أن يكون ذلك لا للضرورة ولكن ؛ لأن حكم البدن كذلك تركب في حال الضرورة ، وفي حال الوجود ، فنظرنا في ذلك فإذا نصر بن مرزوق قد حدثنا ، قال : ثنا علي ابن معبد ، قال : ثنا إسماعيل بن جعفر ، عن حميد ، عن أنس : " أن رسول الله - عليه السلام - رأى رجلا يسوق بدنة وقد جهد ، قال : اركبها ، قال : يا رسول الله ، إنها بدنة ، قال : اركبها" .

                                                [ ص: 267 ] حدثنا فهد ، قال : ثنا أبو غسان ، والنفيلي ، قالا : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا حميد الطويل ، عن ثابت ، عن أنس : " أن النبي - عليه السلام - رأى رجلا يسوق بدنة ، فكأنه رأى به جهد ، فقال : اركبها ، قال : إنها بدنة ، قال : اركبها وإن كانت بدنة" . .

                                                التالي السابق


                                                ش: أشار بهذا الكلام إلى أن ما جاء من أمره - عليه السلام - بركوب البدنة مطلقا فإنه محمول على التقييد بالضرورة والاحتياج إليه ، ولكن لأن ما ذكر في الأمر بالركوب في الأحاديث المذكورة يحتمل أن يكون ذلك للضرورة كما قاله أهل المقالة الثانية ، ويحتمل أن يكون حكم البدنة أنها تركب مطلقا ، فنظرنا في أمر هذين الاحتمالين ، فوجدنا بعض الأحاديث المروية في هذا الباب تدل على ترجيح أحد الاحتمالين ، وهو ما قاله أهل المقالة الثانية ، وذلك في حديث أخرجه من طريقين بإسناد صحيح .

                                                الأول : عن نصر بن مرزوق ، عن علي بن معبد بن شداد ، عن إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري المدني ، عن حميد الطويل ، عن أنس . . . إلى آخره .

                                                وأخرجه النسائي : كما ذكرناه فإنه فيه : "وقد جهد" على صيغة المجهول ، أي أعيى وكل ، وفي رواية النسائي : "وقد جهده المشي" أي غلب عليه وشق ، فدل ذلك أن أمره المطلق فيما استدلت به الطائفة الأولى محمول على حالة الضرورة .

                                                الثاني : عن فهد بن سليمان ، عن أبي غسان مالك بن إسماعيل النهدي شيخ البخاري ، وعن عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي الحراني شيخ البخاري وأبي داود ، كلاهما عن زهير بن معاوية ، عن حميد الطويل ، عن ثابت عن أنس .

                                                وأخرجه أحمد نحوه .

                                                قوله : "جهدا" بضم الجيم : مشقة وتعبا .




                                                الخدمات العلمية