الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3809 3810 3811 3812 3813 3814 ص: ففي حديث طلحة 5 وعمير بن سلمة ، عن رسول الله - عليه السلام - أنه أباح للمحرمين أكل لحم الصيد الذي تولى صيده الحلال ، فقد خالف ذلك حديث علي 5 وزيد بن [ ص: 333 ] أرقم 5 والصعب بن جثامة ، عن النبي - عليه السلام - ، غير أن حديث طلحة ، وحديث عمير بن سلمة هذين ليس فيهما دليل على حكم الصيد إذا أراد الحلال به المحرم ، فنظرنا في ذلك ، فإذا ابن أبي داود قد حدثنا ، قال : ثنا عياش بن الوليد الرقام ، قال : ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن عبيد الله ، عن عياض بن عبد الله ، عن أبي سعيد الخدري قال : " بعث رسول الله - عليه السلام - أبا قتادة الأنصاري على الصدقة ، وخرج رسول الله - عليه السلام - وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا عسفان ، ، فإذا هم بحمار وحش ، قال : وجاء أبو قتادة وهو حل ، ، فنكسوا رؤوسهم كراهة أن يحدوا أبصارهم فيفطن ، فرآه فركب فرسه وأخذ الرمح فسقط منه ، فقال : ناولونيه ، فقالوا : ما نحن بمعينيك على شيء ، فحمل عليه فعقره ، فجعلوا يشوون منه ، ثم قالوا : رسول الله - عليه السلام - بين أظهرنا ، قال : وكان يقدمهم ، فلحقوه ، فسألوه ، فلم ير بذلك بأسا" . .

                                                حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أبو عمر الحوضي ، قال : ثنا خالد بن عبد الله ، قال : ثنا عمرو بن يحيى ، عن عباد بن تميم ، عن أبي قتادة : " ، أنه كان على فرس وهو حلال ، ورسول الله - عليه السلام - وأصحابه محرمون ، فبصر بحمار وحش ، فنهى رسول الله - عليه السلام - أن يعينوه ، فحمل عليه ، فصرع أتانا ، ، فأكلوا منها" .

                                                حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج بن المنهال ، قال : ثنا شعبة ، قال : أخبرني عثمان بن عبد الله بن موهب ، عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه : " ، أنه كان في قوم محرمين وليس هو بمحرم ، وهم يسيرون ، فرأوا حمارا ، فركب فرسه فصرعه ، فأتوا النبي - عليه السلام - فسألوه عن ذلك ، فقال : أشرتم أو صدتم أو قتلتم ؟ قالوا : لا . قال : فكلوا" .

                                                حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن أبي النضر ، عن نافع مولى أبي قتادة ، عن أبي قتادة : " أنه كان مع رسول الله - عليه السلام - ، حتى إذا كان ببعض طريق مكة تخلف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم ، فرأى حمارا وحشيا ، فاستوى على فرسه ، ثم سأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا ، فسألهم رمحه [ ص: 334 ] فأبوا ، فأخذه ثم شد على الحمار فقتله ، فأكل منه بعض أصحاب النبي - عليه السلام - ، وأبى بعضهم ، فلما أدركوا رسول الله - عليه السلام - سألوه عن ذلك ، فقال : إنما هي طعمة أطعمكموها الله" .

                                                حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، أخبره عن أبي قتادة ، مثله ، وزاد : "أن رسول الله - عليه السلام - قال : هل معكم من لحمه شيء ؟ " .

                                                فقد علمنا أن أبا قتادة لم يصده في وقت ما صاده إرادة منه أن يكون له خاصة ، وإنما أراد أن يكون له ولأصحابه الذين كانوا معه ، فقد أباح رسول الله - عليه السلام - ذلك لهم وله ولم يحرمه عليهم لإرادته أن يكون لهم معه ، وفي حديث عثمان بن عبد الله بن موهب : "أن رسول الله - عليه السلام - سألهم فقال : أشرتم أو صدتم أو قتلتم ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوا" . فدل أنه إنما يحرم عليهم إذا فعلوا شيئا من هذا ، ولا يحرم عليهم بما سوى ذلك وفي ذلك دليل أن معنى قول رسول الله - عليه السلام - في حديث عمرو مولى المطلب : " : أو يصاد لكم" أنه على ما صيد لهم بأمرهم ، فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار المروية عن رسول الله - عليه السلام - .

                                                التالي السابق


                                                ش: أراد بهذا الكلام أن أحاديث علي بن أبي طالب وزيد بن أرقم والصعب بن جثامة التي احتجت بها أهل المقالة الأولى فيما ذهبوا إليه لا يستقيم لهم الاحتجاج بها ، وذلك لأن حديثي طلحة بن عبيد الله وعمير بن سلمة قد عارضا أحاديث هؤلاء ؛ لأن في أحاديثهم يخبر بأن المحرم لا يباح له الأكل من لحم الصيد الذي اصطاده حلال ، وفي حديثي طلحة وعمير يخبر بأن ذلك حلال للمحرم ، فسقط الاحتجاج بالجميع ، غير أنه ليس في حديثهما ما يدل على حكم الصيد إذا أراد الحلال به المحرم ، فلما اعتبرنا ذلك ، وجدنا أحاديث عن أبي قتادة - رضي الله عنه - تدل على شيئين :

                                                أحدهما : جواز أكل المحرم من الصيد الذي اصطاده حلال مريدا به لأجل المحرم ، وذلك لأن أبا قتادة لما صاد صيده لم يكن أراد به أن يكون لنفسه خاصة ، [ ص: 335 ] وإنما أراد به أن يكون له ولأصحابه الذين كانوا معه ، وهذا معلوم من حديثه بلا ريب ، ثم إن رسول الله - عليه السلام - أباح ذلك الصيد له ولأصحابه ولم يحرمه على أصحابه لأجل إرادته أن يكون لهم معه ، أي مع نفسه .

                                                والآخر : يدل على أنه إنما يباح للمحرم ذلك بشرط أن لا تكون منه إشارة ولا دلالة ولا إعانة لأن النبي - عليه السلام - قال : "أشرتم أو صدتم أو قتلتم ؟ " ودل هذا القيد في هذا الحديث على أن المراد من قوله - عليه السلام - في حديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب : "أو يصاد لكم" يعني ما صيد لهم بأمرهم فافهم .

                                                ثم إنه أخرج حديث أبي قتادة من خمس طرق صحاح :

                                                الأول : عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي ، عن عياش - بالياء آخر الحروف المشددة وبالشين المعجمة - بن الوليد الرقام القطان البصري شيخ البخاري وأبي داود ، عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى بن محمد السامي البصري روى له الجماعة ، عن عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبي عثمان المدني روى له الجماعة ، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي السرح القرشي العامري روى له الجماعة ، عن أبي سعيد الخدري سعد بن مالك .

                                                وأخرجه البزار في "مسنده" : ثنا محمد بن عثمان العقيلي وإسماعيل بن بشر بن منصور السليمي ، قالا : ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، عن عبيد الله بن عمر عن عياض بن عبد الله بن سعد ، عن أبي سعيد الخدري قال : "بعث رسول الله - عليه السلام - أبا قتادة الأنصاري . . . " إلى آخره نحوه ، غير أن في لفظه : "كراهية أن يحدوا أبصارهم فيعلم" ، وبعد قوله : "فلم ير به بأسا" قال : وأحسبه - شك عبيد الله - قال : "هل بقي معكم شيء" .

                                                قال البزار : هذا الحديث لا نعلم رواه عن عبيد الله إلا عبد الأعلى ، ولا يعلم أسند عبيد الله عن عياض إلا هذا الحديث . انتهى .

                                                [ ص: 336 ] قوله : "بعث رسول الله - عليه السلام - أبا قتادة على الصدقة" . أي على أخذ الزكوات ، أراد أنه بعثه عاملا ليأخذ الزكاة من أصحاب الأموال والمواشي ، وأبو قتادة اسمه الحارث بن ربعي الأنصاري .

                                                قوله : "وهم محرمون" جملة حالية .

                                                "وعسفان" بضم العين ، بيناها فيما مضى .

                                                قوله : "وهو حل" جملة حالية ، أي والحال أن أبا قتادة حل ، أي حلال غير محرم ، وهو بكسر الحاء وتشديد اللام ، ورواية عياض هذه بينت سبب كون أبي قتادة حلا جاوز الميقات غير محرم ، وقال الأثرم : كنت أسمع أصحاب الحديث يعجبون من حديث أبي قتادة ، ويقولون : كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات غير محرم ؟ ! ولا يدرون ما وجهه حتى رأيته مفسرا في رواية عياض بن عبد الله ، عن أبي سعيد ، وقال أبو الفتح القشيري في الجواب عن عدم إحرام أبي قتادة : يحتمل أنه لم يكن مريدا للحج ، أو أن ذلك قبل توقيت المواقيت .

                                                وزعم المنذري أن أهل المدينة أرسلوه إلى سيدنا رسول الله - عليه السلام - يعلمونه أن بعض العرب ينوي غزو المدينة .

                                                وقال ابن المتن : يحتمل أنه لم ينو الدخول إلى مكة وإنما صحب النبي - عليه السلام - ليكثر جمعه .

                                                قلت : كل هذا فيه نظر ، وإنما الصحيح في ذلك هو أنه بعثه - عليه السلام - على الصدقة كما في رواية عياض بن عبد الله هذه ، والله أعلم .

                                                وقال أبو عمر : يقال : إن أبا قتادة كان رسول الله - عليه السلام - وجهه على طريق البحر مخافة العدو ، فلذلك لم يكن محرما إذ اجتمع مع أصحابه ؛ لأن مخرجهم لم يكن واحدا ، وكان ذلك عام الحديبية أو بعده بعام ، عام القضية .

                                                قوله : "فنكسوا رؤوسهم" أي طأطأوها ، قال الجوهري : الناكس هو المطأطئ رأسه .

                                                [ ص: 337 ] قوله : "كراهة أن يحدوا أبصارهم" من حددت النظر إلى فلان إذا وجهت نظرك إليه ، وانتصاب كراهة على التعليل .

                                                قوله : "فيفطن" أي فيعلم أي أبو قتادة ، من الفطنة وهي الفهم ، قال الجوهري ، وفي الدستور هو من باب علم تعلم تقول فطن يفطن فطانة .

                                                قوله : "ما نحن بمعينيك" أصله ما نحن بمعينين ، فلما أضيفت إلى كاف الخطاب سقطت النون .

                                                قوله : "بين أظهرنا" أراد به أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار والاستناد إليهم ، وكذلك قولهم : بين ظهرانيهم ، والمعنى أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه ، فهو مكنوف من جانبيه ومن جوانبه .

                                                قوله : "فلم ير بذلك بأسا" أي فلم ير رسول الله - عليه السلام - بما أكلوا من الصيد .

                                                الثاني : عن إبراهيم بن أبي داود أيضا ، عن أبي عمر حفص بن عمر بن الحارث النمري الحوضي البصري شيخ البخاري وأبي داود ، عن خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان الواسطي روى له الجماعة ، عن عمرو بن يحيى بن عمارة الأنصاري المدني أحد مشايخ أبي يوسف القاضي روى له الجماعة ، عن عباد بن تميم بن غزية الأنصاري المدني روى له الجماعة ، عن أبي قتادة الحارث بن ربعي .

                                                وأخرجه الجماعة : بألفاظ متباينة وأسانيد مختلفة .

                                                قوله : "فبصر بحمار" أي رآه .

                                                قوله : "فصرع أتانا" وهي الأنثى من الحمير الوحشية .

                                                الثالث : عن محمد بن خزيمة . . . إلى آخره .

                                                [ ص: 338 ] ورجاله رجال الصحيح ما خلا ابن خزيمة .

                                                وأخرجه النسائي : أنا محمود بن غيلان ، نا أبو داود ، أنا شعبة ، أخبرني عثمان بن عبد الله بن موهب ، سمعت عبد الله بن أبي قتادة يحدث عن أبيه : "أنهم كانوا في مسيرهم بعضهم محرم وبعضهم ليس بمحرم ، قال : فرأيت حمار وحش ، فركبت فرسي ، وأخذت الرمح ، فاستعنتهم فلم يعينوا أي يعينوني فاختلست سوطا من بعضهم ، فشددت على الحمار فأصبته ، فأكلوا منه ، فأشفقوا ، قال : فسئل عن ذلك النبي - عليه السلام - ، فقال : هل أشرتم أو أعنتم ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوا" .

                                                وأخرجه الدارمي في "سننه" : أنا أبو الوليد ، نا شعبة ، عن عثمان بن عبد الله بن موهب ، عن عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري ، عن أبيه قال : "بينا نحن نسير وهم محرمون وأبو قتادة حلال إذ رأيت حمارا ، فركبت فرسا فأصبته ، فأكلوا من لحمه وهم محرمون ، ولم آكل ، فأتوا النبي - عليه السلام - فسألوه ، فقال : أشرتم ؟ - أو قال - : ضربتم ؟ قالوا : لا ، قال : فكلوا" .

                                                وأخرجه البخاري ومسلم مطولا يعني هذا اللفظ ، وفي لفظ لمسلم : وفي رواية شعبة قال : "أشرتم أو أعنتم أو صدتم" قال شعبة : لا أدري قال أعنتم أو صدتم .

                                                قوله : "أشرتم" أي هل أشرتم إليه ؟

                                                قوله : "أو صدتم" وفي رواية : "أو أصدتم" بتخفيف الصاد ، معناه أمرتم بالصيد أو جعلتم من يصيده ؟ وقيل : معناه أثرتم الصيد من موضعه ؟ يقال : "أصدته" أي أثرته ، قال القاضي : وهو أولى من رواية من روى صدتم أو أصدتم بالتشديد ، إذ قد علم - عليه السلام - أنهم لم يصيدوا ، وإنما سألوه عن صيد غيرهم .

                                                [ ص: 339 ] قلت : فيه نظر ؛ لأن أصدت من كلام العامة وهو خطأ ، قاله ابن درستويه ، وقال الكلبي وغيره : لم نر من قاله بالألف ، وقال ابن الأثير : في حديث أبي قتادة : "قال له : هل أشرتم أو أصدتم ؟ " يقال : أصدت غيري إذا حملته على الصيد وأغريته به ، وفيه : "إنا أصدنا حمار وحش هكذا روي بصاد مشددة ، وأصله اصطدنا فقلبت الطاء صادا ، وأدغمت ، مثل اصبر من اصطبر ، وأصل الطاء مبدلة من تاء افتعل .

                                                الرابع : عن يونس بن عبد الأعلى . . . إلى آخره .

                                                ورجاله رجال الصحيح ، وأبو النضر بالنون والضاد المعجمة سالم بن أبي أمية .

                                                وأخرجه مسلم : قال : ثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك . . . إلى آخره نحوه .

                                                وثنا قتيبة ، عن مالك فيما روى عليه ، عن أبي النضر ، عن نافع مولى أبي قتادة ، عن أبي قتادة : "أنه كان مع رسول الله - عليه السلام - . . . " إلى آخره .

                                                وأخرجه أبو داود : عن عبد الله بن مسلمة ، عن مالك .

                                                والترمذي : عن قتيبة ، عن مالك .

                                                قوله : "طعمة" بضم الطاء ، أي رزق ساقه الله إليكم .

                                                الخامس : عن يونس أيضا . . . إلى آخره .

                                                وهذا أيضا رجاله كلهم رجال الصحيح .

                                                وأخرجه مالك في "موطأه" ، ومسلم ، والترمذي كلاهما عن قتيبة ، عن مالك .

                                                [ ص: 340 ] ويستفاد من هذه الأحاديث أحكام :

                                                الأول : فيه دليل على أن لحم الصيد حلال أكله للمحرم إذا لم يصده وصاده الحلال .

                                                الثاني : فيه دليل على أن قوله تعالى : وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما معناه الاصطياد ، وقيل : الصيد وأكله لمن صاده ، وأما من لم يصده فليس بمن عني بالآية ، والله أعلم ، وتكون هذه الآية على هذا التأويل مثل قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم سواء ؛ لأن هذه الآية إنما ينهى فيها عن قتل الصيد واصطياده لا غير ، قاله أبو عمر .

                                                الثالث : فيه دليل على أن المحرم إذا أعان الحلال على الصيد بما قل أو كثر فقد فعل ما لا يجوز له ، وهذا إجماع من العلماء ، واختلفوا في المحرم يدل الحلال أو المحرم على الصيد ، فأما إذا دل المحرم الحلال على الصيد فقال مالك والشافعي وأصحابه : يكره ذلك له ، ولا جزاء عليه ، وهو قول ابن الماجشون وأبي ثور ، ولا شيء عليه ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : عليه الجزاء ، قال أبو حنيفة : ولو دله في الحرم لم يكن عليه جزاء . وقال زفر : عليه الجزاء ، في الحل دله عليه أو في الحرم ، وبه قال أحمد وإسحاق ، وهو قول علي وابن عباس وعطاء ، واختلف العلماء أيضا فيما يجب على المحرم يدل المحرم على الصيد فيقتله ، فقال قوم : عليه كفارة واحدة ، منهم عطاء وحماد بن أبي سليمان ، وقال آخرون : على كل واحد منهما كفارة ، روي ذلك عن سعيد بن جبير والشعبي والحارث العكلي ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، وعن سعيد بن جبير أنه قال : على كل واحد من القاتل والآمر والمشير والدال جزاء ، وقال الشافعي وأبو ثور : لا جزاء إلا على القاتل وحده ، واختلفوا في الجماعة يشتركون في قتل صيد ، فقال مالك : على كل [ ص: 341 ] واحد منهم جزاء كامل ، محلين كانوا أو محرمين . وبه قال الثوري والحسن بن حي ، وهو قول الحسن البصري والشعبي والنخعي ، ورواية عن عطاء ، وقال أبو حنيفة وأصحابه : إذا قتل جماعة محرمون صيدا فعلى كل واحد منهم جزاء كامل ، وإن قتل جماعة محلون صيدا في الحرم فعلى جماعتهم جزاء واحد ، وقال الشافعي : عليهم كلهم جزاء واحد ، وسواء كانوا محرمين أو محلين في الحرم ، وهو قول عطاء والزهري ، وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور .




                                                الخدمات العلمية