الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3658 ص: حدثنا فهد ، قال : ثنا محمد بن سعيد ] ، قال : ثنا ابن المبارك ، عن سليمان التيمي ، عن غنيم بن قيس ، قال : " سألت سعد بن مالك عن متعة الحج ، ، فقال : فعلناها وهو يومئذ مشرك بالعرش ، - يعني معاوية ، يعني عروش بيوت مكة" . )

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح ، وابن المبارك هو عبد الله بن المبارك الزاهد المشهور ، وسليمان التيمي هو ابن طرخان ، وغنيم بن قيس المازني الكعبي البصري أدرك النبي - عليه السلام - ، ولم يره ، روى له الجماعة سوى البخاري .

                                                وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة .

                                                وأخرجه مسلم : ثنا سعيد بن منصور وابن أبي عمر جميعا ، عن الفزاري - قال سعيد : نا مروان بن معاوية - قال : أنا سليمان التيمي ، عن غنيم بن قيس قال : "سألت سعد بن مالك [أبي] وقاص عن المتعة ، فقال : قد فعلناها ، وهذا يومئذ كافر بالعرش يعني بيوت مكة" .

                                                وله في رواية : "يعني معاوية " وفي أخرى : "المتعة في الحج" .

                                                قوله : "وهو يومئذ" أي معاوية بن أبي سفيان .

                                                "يومئذ مشرك" أراد أنه لم يسلم بعد .

                                                قوله : "بالعرش" بضم العين والراء جمع عريش وأراد عرش مكة وهي بيوتها ، وقال أبو عبيد : وسميت بيوت مكة عرشا لأنها عيدان تنصب وتظل عليها ، ويقال [ ص: 173 ] لها عروش ، فمن قال : عروش فواحدها عرش ، ومن قال : عرش فواحدها عريش ، مثل قليب وقلب ، وقال بعضهم : "كافر بالعرش" بفتح العين وسكون الراء وتأوله ، وهو تصحيف ، ثم إنه أراد بهذا الكلام أنهم تمتعوا قبل إسلام معاوية ، وقيل : أراد بقوله كافر الاختفاء والتغطي ، يعني أنه كان مختفيا في بيوت مكة ، والأول أشهر لأنه صرح في الرواية الأخرى : "وهو يومئذ مشرك" وقد قالوا : إن المراد بقوله : فعلنا متعة الحج وهو يومئذ مشرك هو إحدى العمرتين المتقدمتين : إما الحديبية ، وإما عمرة القضاء ، فأما عمرة الجعرانة فقد كان معاوية معه وقد أسلم لأنها كانت بعد الفتح ، وحجة الوداع بعد ذلك سنة عشر ، وهذا ظاهر ، وقال القاضي : المراد بالمتعة المذكورة : الاعتمار في أشهر الحج والإشارة بذلك إلى عمرة القضاء لأنها كانت في ذي القعدة ، وقد قيل : إن في هذا الوقت كان إسلام معاوية ، والأظهر أنه من مسلمة الفتح . وأما غير هذه من عمرة الجعرانة وإن كانت أيضا في ذي القعدة ، فمعاوية كان أسلم ولم يكن مقيما بمكة ، وكان في عسكر النبي - عليه السلام - إلى هوازن في جملة أهل مكة ، وكذلك في حجة الوداع لم يكن معاوية ممن تخلف عن الحج مع النبي - عليه السلام - ولا تخلف عنه غيره ، إلا أن يكون أراد فسخ الحج في العمرة التي صنعها من قدم مع النبي - عليه السلام - ، فمعاوية أيضا لا يثبت أنه كان مقيما بمكة حينئذ ، وكيف وقد استكتبه النبي - عليه السلام - وكان معه بالمدينة ، فلم يكن حينئذ مقيما بمكة .




                                                الخدمات العلمية