الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3900 3901 3902 3903 ص: حدثنا محمد بن خزيمة ، قال : ثنا حجاج ، قال : ثنا يزيد بن زريع ، قال : ثنا داود ، قال : ثنا أبو نضرة ، أنه سمع أبا سعيد الخدري - رضي الله عنه - يقول : "قام عمر - رضي الله عنه - خطيبا حين استخلف ، فقال : إن الله - عز وجل - كان رخص لنبيه - عليه السلام - ما شاء ، ألا وإن نبي الله قد انطلق به فأحصنوا فروج هذه النساء وأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم" .

                                                حدثنا فهد ، قال : ثنا أحمد بن يونس ، قال : ثنا أبو شهاب ، عن داود ، عن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : " قدمنا مع رسول الله - عليه السلام - فصرخ بالحج صراخا ، فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت ، وبالصفا والمروة ، ، فلما كان يوم النحر أحرمنا بالحج ، فلما كان عمر - رضي الله عنه - قال : إن الله - عز وجل - كان يرخص لنبيه - عليه السلام - فيما شاء ، فأتموا الحج ، والعمرة" . .

                                                [ ص: 444 ] ويدخل في هذا أيضا حديث أبي موسى الذي ذكرناه في أول هذا الباب .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان :

                                                الأول : عن ابن خزيمة ، عن الحجاج بن منهال ، عن يزيد بن زريع ، عن داود بن أبي هند البصري ، عن أبي نضرة - بالنون والضاد المعجمة - المنذر بن مالك ، عن أبي سعيد سعد بن مالك الخدري .

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده" : ثنا عبيدة بن حميد ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري قال : "خطب عمر - رضي الله عنه - الناس ، فقال : إن الله - عز وجل - رخص لنبيه ما شاء ، وإن نبي الله - عليه السلام - قد مضى لسبيله ، فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله - عز وجل - وحصنوا فروج هذه النساء" .

                                                قوله : "قد انطلق به" أي بما رخص الله له ، وهذا يدل على أن المتعتين قد انتسختا ، إحداهما : متعة الحج وهو فسخ الحج في العمرة ، والأخرى متعة النساء ، فأشار إلى هذه بقوله : "فأحصنوا فروج هذه النساء" ، وأشار إلى متعة الحج بقوله : "وأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم" وإتمام الحج أن لا يفسخه بعد الشروع فيه ؛ فافهم .

                                                الثاني : عن فهد بن سليمان ، عن أحمد بن عبد الله بن يونس شيخ البخاري ، عن أبي شهاب الحناط - بالنون - الكوفي ، وهو الأصغر واسمه عبد ربه بن نافع الكناني ، روى له الجماعة سوى الترمذي ، عن داود . . . إلى آخره .

                                                قوله : "نصرخ بالحج" أي نلبي به برفع الصوت ، وفيه حجة لرفع الصوت بالتلبية ، وأنه مشروع وليس بواجب خلافا لأهل الظاهر في وجوبه عندهم ، وكذلك في مسجد منى والمسجد الحرام يرفع بهما الصوت ، واختلف في غيرهما من المساجد ، فعن مالك في ذلك روايتان : إحداهما : الرفع كسائر المواضع ، والأخرى : ألا يرفع ، ويسمع نفسه ومن يليه ؛ لئلا يشهر نفسه بين أهل المسجد بأنه حاج [ ص: 445 ] ويخاف فتنته ؛ وهذا مأمون في المسجدين ؛ لأن جميع من فيه بتلك الصفة ، والمرأة لا ترفع صوتها بالتلبية ؛ لأن صوتها عورة .

                                                قوله : "فلما كان يوم النحر أحرمنا بالحج" إشارة إلى أنهم كانوا فسخوا حجهم أولا في عمرة ، فطافوا بالبيت والصفا والمروة وأحلوا ، ثم أحرموا بالحج أيضا يوم النحر .

                                                قوله : "فلما كان عمر - رضي الله عنه - " أراد أنه لما ولي الخلافة منع الناس ، عن فسخ الحج في العمرة ، وقال : هذا كان رخصة من النبي - عليه السلام - لأصحابه ، والآن قد انطلق به رسول الله ، - عليه السلام - ، فأتموا الحج ، يعني لا تفسخوه بعد الشروع فيه في عمرة ، فإن هذا حكم كان ، ثم انتسخ .

                                                قوله : "ويدخل في هذا . . . . " إلى آخره ، من كلام الطحاوي : - رحمه الله - أي يدخل فيما ذكر عن أبي [سعيد] الخدري من أن عمر - رضي الله عنه - أمرنا بإتمام الحج والعمرة حديث أبي موسى الأشعري الذي مضى ذكره في أوائل هذا الباب ، وهو ما رواه طارق بن شهاب عنه قال : "قدمت على رسول الله - عليه السلام - وهو منيخ بالبطحاء" ، وفيه : "فكنت أفتي الناس بذلك ، حتى كان زمن عمر بن الخطاب . . إلى آخره" وأراد أنه كان يفتي الناس بفسخ الحج في العمرة ، فلما كان زمن عمر بن الخطاب منع الناس عن ذلك .




                                                الخدمات العلمية