الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3838 3839 3840 ص: وقد روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن رسول الله - عليه السلام - : "أنه رمل في حجة الوداع" .

                                                حدثنا محمد بن خزيمة وفهد ، قالا : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثنا الليث ، قال : حدثني ابن الهاد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : " طاف رسول الله - عليه السلام - في حجة الوداع سبعا ، رمل منها ثلاثا ، ومشى أربعا" . .

                                                حدثنا ربيع المؤذن ، قال : ثنا أسد ، قال : ثنا حاتم بن إسماعيل ، قال : ثنا جعفر بن محمد . ... ، فذكر بإسناد مثله .

                                                حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا أخبره ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : " أن رسول الله - عليه السلام - طاف سبعة ، رمل في ثلاثة منهن من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود " . .

                                                فلما ثبت عن رسول الله - عليه السلام - أنه رمل في حجة الوداع ولا عدو ؛ ثبت أنه لم يفعله إذ كان العدو من أجل العدو ، ولو كان فعله إذ كانوا من أجلهم ، لما فعله في وقت عدمهم ، فثبت بذلك أن الرمل من سنن الحج المفعولة فيه الذي لا ينبغي تركها .

                                                التالي السابق


                                                ش: أخرج عن جابر بن عبد الله من ثلاثة طرق صحاح أنه رمل في حجة الوداع ، والحال أنه لا عدو حينئذ حتى يكون الرمل لأجلهم ، فثبت بذلك أنه لم يفعله حين فعله مع وجود العدو لأجل العدو ؛ لأنه لو كان فعله هذا لأجلهم لما فعله عند عدمهم ، فلما فعله عند عدمهم دل على أنه سنة مبتدأة ، وسنن الحج لا ينبغي تركها . هذا ما قاله الطحاوي وهو قوله : "فلما ثبت عن رسول الله - عليه السلام - . . . " إلى آخره .

                                                [ ص: 374 ] والأحسن أن يقال : إنه فعل الرمل حين كان العدو لأجل العدو ، وإظهارا منهم للتجلد والقوة حين قالوا : "قد وهنتهم حمى يثرب" ، ثم فعله حين عدمهم على أنه سنة مبتدأة ، وإن كانت خفيت علينا حكمته ، وإنما قلنا : إنه الأحسن ؛ لأن ابن عباس قال في حديثه : "إنما سعى رسول الله - عليه السلام - بالبيت وبين الصفا والمروة ؛ ليري المشركين قوته" رواه البخاري ، وفي رواية له عن ابن عباس : "ارملوا ؛ ليري المشركين قوتهم والمشركين من قبل قعيقعان " ، وفي رواية لمسلم : "أروهم منكم ما يكرهون" فرمل رسول الله - عليه السلام - ليري المشركين قوته وقوة أصحابه ، فهذا كله يدل على أن رمله - عليه السلام - في عمرته كان لأجل العدو ، ولكنه رمل أيضا في حجة الوداع على أنه سنة مبتدأة ، والله أعلم .

                                                الطريق الأول : عن محمد بن خزيمة وفهد بن سليمان ، كلاهما عن عبد الله بن صالح ، عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي المدني ، عن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - المشهور بالصادق ، عن أبيه محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب المشهور بالباقر ، عن جابر - رضي الله عنه - .

                                                وأخرجه النسائي : أنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن شعيب ، أنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر قال : "طاف رسول الله - عليه السلام - سبعا ، رمل منها ثلاثا ، ومشى أربعا" .

                                                الثاني : عن ربيع بن سليمان المؤذن صاحب الشافعي ، عن أسد بن موسى ، عن حاتم بن إسماعيل المدني ، عن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه محمد بن علي ، عن جابر بن عبد الله .

                                                [ ص: 375 ] وأخرجه مسلم مطولا : نا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن حاتم - قال أبو بكر : نا حاتم بن إسماعيل المدني - عن جعفر بن محمد ، عن أبيه قال : "دخلنا على جابر . . . " الحديث . وفيه : "حتى إذا أتينا البيت معه ، استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا" وقد ذكرناه بتمامه فيما مضى .

                                                الثالث : عن يونس بن عبد الأعلى ، عن عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر .

                                                وأخرجه مالك في "موطأه" .

                                                وأخرجه مسلم : نا عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، قال : نا مالك ، ونا يحيى - واللفظ له - قال : قرأت على مالك ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله أنه قال : "رأيت رسول الله - عليه السلام - رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف" .

                                                والترمذي : نا علي بن خشرم قال : أنا عبد الله بن وهب ، عن مالك بن أنس ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : "أن النبي - عليه السلام - رمل من الحجر إلى الحجر ثلاثا ، ومشى أربعا" ، وقال : حديث جابر حديث حسن صحيح .

                                                والنسائي : عن محمد بن مسلمة ، عن أبي القاسم ، عن مالك . . . نحو رواية مسلم .

                                                وابن ماجه : ثنا علي بن محمد ، ثنا أبو الحسين العكلي ، عن مالك بن أنس . . . نحو رواية الترمذي .




                                                الخدمات العلمية