الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3782 ص: فهذا ما أباح النبي - عليه السلام - للمحرم قتله في إحرمه ، وأباح للحلال قتله في الحرم ، وعد ذلك خمسا ، فذلك ينفي أن يكون (أشكال) شيء من ذلك كحكم هذه الخمس إلا ما اتفق عليه من ذلك أن النبي - عليه السلام - عناه .

                                                التالي السابق


                                                ش: أي فهذا المذكور وهو الخمس الفواسق التي أباح النبي - عليه السلام - قتلها في الحل والحرم للمحرم والحلال ، ونص عليها بالعدد ، والتنصيص عليها بالعدد ينافي أن يكون أشكال شيء أي أنظاره وأمثاله كحكم هذه الخمس ، ألا ترى أنه ذكر الحدأة والغراب وهما من ذي المخلب من الطيور وعينهما ؛ فلا يلحق بهما سائر ذوي المخالب من الطيور ، كالصقر والبازي والشاهين والعقاب ونحو ذلك ، وهذا بلا خلاف .

                                                فإن قلت : التنصيص على الشيء باسمه العلم لا يقتضي الخصوص سواء كان المنصوص عليه باسم العدد مقرونا أو لم يكن ، فكيف تقول فذلك ينفي أن يكون أشكال شيء من ذلك كحكم هذه الخمس ؟

                                                قلت : هذا الباب فيه خلاف ، فذهب قوم إلى أن المنصوص إذا كان مقرونا بالعدد ، يدل على نفي الحكم عن غيره ، لأن في إثبات الحكم في غيره إبطال العدد المنصوص ، وذا لا يجوز ، كما في قوله - عليه السلام - : "أحلت لنا ميتتان ودمان . . " الحديث فيحتمل أن يكون الطحاوي قد ذهب إلى هذا المذهب .

                                                فإن قيل : فعلى هذا ينبغي أن لا يجوز قتل الحية للمحرم على قوله .

                                                قلت : ذكر ابن برندة في أحكامه : قال الطحاوي : لا يقتل المحرم الحية ولا الوزغ ولا شيئا غير الحدأة والغراب والكلب العقور والفأرة والعقرب ، فهذا يدل [ ص: 297 ] على أنه قصر هذا الحكم على الخمس المنصوص عليه في الحديث ، ولكن الذي يفهم من كلامه ها هنا أن للمحرم قتل الحية لورود الحديث بذلك عموما وخصوصا ، على ما يأتي ذكره عن قريب إن شاء الله ، ولا يقال : إنه ينافي ما ذكره من قوله : ينفي أن يكون أشكال شيء من ذلك كحكم الخمس ، لأنا نقول : إنه دفع هذا بقوله إلا ما اتفق عليه من ذلك أن النبي - عليه السلام - عناه أي قصده ، والحية من جملة ما عناه من ذلك ، على ما يأتي من حديث عبد الله بن مسعود : "أن النبي - عليه السلام - أمرهم بقتل الحية في منى " . وجاء أحد الخمس الحية فيما رواه أبو داود وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري كما ذكرناه الآن .




                                                الخدمات العلمية