الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3782 ص: فإن قال قائل : إنما جعل النبي - عليه السلام - حكم الضبع كما ذكرت لأنها تؤكل ، فأما ما كان لا يؤكل من السباع فهو كالكلب .

                                                قيل : قد غلطت في التشبيه ، لأنا قد رأينا النبي - عليه السلام - قد أباح قتل الغراب والحداءة والفأرة ، ، وأكل لحوم هؤلاء مباح عندكم ، فلم يكن إباحة أكلهن ما يوجب حرمة قتلهن ، فكذلك الضبع ليست إباحة أكلها أوجب حرمة قتلها ، وإنما منع من قتلها أنها صيد ، وإن كانت سبعا ، وكل السباع كذلك الا الكلب الذي خصه النبي - عليه السلام - بما خص به .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا السؤال وارد على الجواب عن السؤال المتقدم ، تقريره أن يقال : إنما جعل النبي - عليه السلام - حكم الضبع كما ذكرت من أنها غير داخلة فيما أبيح قتله من الخمس لأنها تؤكل ، فأما ما كان لا يؤكل من السباع فينبغي أن يكون كالكلب في إباحة القتل .

                                                وتقرير الجواب أن يقال : إن هذا التشبيه أعني تشبيه سائر السباع [بالكلب] العقور في هذا الحكم غلط ، وذلك لأن النبي - عليه السلام - قد أباح قتل الغراب والحداءة والفأرة ، والحال أن لحوم هؤلاء مباح عندكم فلم يكن إباحة قتلهن مما يوجب حرمة قتلهن ، فكذلك الضبع ليس أوجب حرمة قتلها إباحة قتلها وإنما أوجب ذلك كونها من الصيد فافهم .

                                                قوله : "يباح عندكم" الخطاب فيه للمالكية ومن تبعهم في هذا ، قال أبو عمر : قال مالك : لا بأس بأكل سباع الطير كلها ، الرخم والنسور والعقبان وغيرها ، ما أكل الجيف منها وما لم يكن (*) ، وهو قول الليث بن سعد ويحيى بن سعيد وربيعة [ ص: 300 ] وأبي الزناد ، وقال الأوزاعي : الطير كله حلال إلا أنهم يكرهون الرخم ، وقال ابن القاسم : لا بأس بأكل خشاش الأرض وعقاربها ودودها في قول مالك .

                                                قلت : خشاش - بكسر الخاء المعجمة - : الحشرات ، قال الجوهري : وقد تفتح الخاء وهو يتناول الفأرة والوزغة والحية والعقرب والسام الأبرص ونحو ذلك من هوام الأرض .




                                                الخدمات العلمية