الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3930 ص: واحتج أيضا الذين قالوا : يطوف القارن لحجته وعمرته طوافا واحدا بما حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا محمد بن خازم ، قال : ثنا [ ص: 484 ] الحجاج بن أرطاة ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عبد الله : " أن النبي - عليه السلام - قرن بين الحج والعمرة ، فطاف لهما طوافا واحدا" . .

                                                قيل لهم : ما أعجب هذا ؟ ! إنكم تحتجون بمثل هذا ، وقد رويتم عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : " أن رسول الله - عليه السلام - أفرد الحج" .

                                                وعن ابن جريج 5 والأوزاعي ، وعمرو بن دينار ، وقيس بن سعد ، عن عطاء ، عن جابر : " أنهم قدموا صبيحة رابعة مهلين بالحج ، فأمرهم رسول الله - عليه السلام - أن يجعلوها عمرة ، وهو على الصفا في آخر طواف" .

                                                فكيف تقبلون مثل هلا وتدعون مثل هذا ؟ ! .

                                                التالي السابق


                                                ش: يعقوب بن حميد فيه مقال ، فعن يحيى : ليس بشيء ، وعنه : ليس بثقة .

                                                والحجاج بن أرطاة ، أيضا فيه مقال ، فقال الدارقطني : لا يحتج به ، وقال النسائي : ليس بالقوي .

                                                ومحمد بن خازم - بالخاء والزاي المعجمتين - أبو معاوية الضرير ، روى له الجماعة .

                                                وأبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، روى له الجماعة البخاري مستشهدا .

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : نا أبو معاوية ، عن حجاج ، عن أبي الزبير ، عن جابر "أن النبي - عليه السلام - طاف لهما طوافا واحدا" .

                                                قوله : "قيل لهم : ما أعجب هذا . . " إلى آخره ، جواب عن هذا الحديث بطريق الإنكار عليهم في احتجاجهم به ؛ لأنهم متناقضون في كلامهم ؛ لأنهم رووا من طريق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر ، عن النبي - عليه السلام - : "أنه أفرد الحج" ثم يستدلون بما رووا عن جابر أيضا : "أن رسول الله - عليه السلام - قرن بين الحج والعمرة" فهذا أمر عجيب ، حيث يستدلون بحديثين متناقضين ، ويجعلون كلا منهما [ ص: 485 ] حجة ، وأعجب من هذا أن الدارقطني روى من طريق جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر : "أن النبي - عليه السلام - قرن العمرة والحج ، وطاف لهما واحدا" والحال أنه روى من هذا الطريق أيضا : "أنه - عليه السلام - أفرد الحج" .

                                                قوله : "وعن ابن جريج " . أي ورويتم أيضا عن عبد الملك بن جريج وعبد الرحمن ابن عمرو الأوزاعي وعمرو بن دينار وقيس بن سعد المكي ، عن عطاء بن أبي رباح المكي ، عن جابر بن عبد الله : "أنه - عليه السلام - أهل بالحج مفردا"

                                                ثم تروون عن جابر أيضا أنه قرن" وهذا تناقض لا يخفى .

                                                وجواب آخر : أن الحديث ضعيف كما ذكرنا ، فانظر إلى أدب الطحاوي - رحمه الله - : ومتانة دينه كيف أجاب عن هذا الحديث بالطريق المذكور ، ولم يتعرض إلى أحد من رجاله بشيء من القدح والطعن ، ولو كان غيره وكان في معرض الاستدلال علينا لم يكن جوابه عن الحديث إلا بالقدح والطعن في رجاله .




                                                الخدمات العلمية