الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                3612 ص: وأما محمد بن الحسن - رحمه الله - : فإنه كان يذهب في ذلك إلى ما روي عن عمر وعثمان بن أبي العاص وابن عمر - رضي الله عنهم - من كراهته ، وكان من الحجة له في ذلك : أن ما ذكر في حديث عائشة - رضي الله عنها - من تطيب رسول الله - عليه السلام - عند الإحرام إنما فيه أنها كانت تطيبه إذا أراد أن يحرم ، فقد يجوز أن يكون كانت تفعل به هذا ثم يغتسل إذا أراد أن يحرم فيذهب بغسله عنه ما كان على بدنه من طيب ويبقى فيه ريحه .

                                                التالي السابق


                                                ش: لما كان مذهب محمد بن الحسن كراهة التطيب عند الإحرام لما روي عن هؤلاء الصحابة وذكر فيما مضى ، وكان هذا اختياره على ما يقول في آخر الباب وبه يأخذ ، ذكره ليجيب عن ما روي عن عائشة الذي احتجت به أهل المقالة الثانية الذين أبو حنيفة وأبو يوسف منهم نصرة لما قاله محمد الذي هو مختاره ، وهو الذي [ ص: 115 ] أشار إليه بقوله : "وكان من الحجة له" أي لمحمد - رحمه الله - : "في ذلك" أي فيما ذهب إليه ، وهو ظاهر .

                                                وقد أجاب بعضهم نصرة له بأن هذا كان مخصوصا بالنبي - عليه السلام - ، وفيه نظر ؛ لأنه قد روى ابن حزم : من طريق حماد بن زيد ، عن عمرو بن دينار ، عن سالم بن عبد الله ، عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت : "طيبته - عليه السلام - بيدي" وروي أنهن كن يضمخن جباههن بالمسك ثم يحرمن ثم يعرقن ، فيسيل على وجوههن ، فيرى ذلك رسول الله - عليه السلام - فلا ينكره .




                                                الخدمات العلمية