3862 3863 3864 ص: وكان مما احتج به أهل المقالة الأولى لقولهم في ذلك ما حدثنا أحمد بن داود ، قال : ثنا يعقوب بن حميد ، قال : ثنا بشر بن السري ، عن إبراهيم بن طهمان ، عن أبي الزبير ، عن عبد الله بن باباه ، قال : "طاف أبو الدرداء بعد العصر ، وصلى قبل مغارب الشمس ، فقلت : أنتم أصحاب محمد - عليه السلام - تقولون : لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ، فقال : إن هذا البلد ليس كسائر البلدان" .
فقالوا : فقد دل قول أبي الدرداء على أن الصلاة للطواف لم يدخل فيها نهي عن النبي - عليه السلام - من الصلاة في الأوقات التي ذكرتم .
قيل لهم : فأنتم لا تقولون بهذا الحديث ؛ لأنا قد رأيناكم تكرهون الصلاة بمكة في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها لغير الطواف ؛ لنهي النبي - عليه السلام - عن الصلاة في تلك الأوقات ، ولا تخرجون حكم مكة في ذلك من حكم سائر البلدان ، وأبو الدرداء فقد أخرج في الحديث الذي احتجتم به حكم مكة من حكم سائر البلدان في المنع من الصلاة في ذلك وأخبر أن النهي لم يدخل حكمها فيه ، وأنه إنما أريد به ما سواها ،
مع أنه قد خالف أبا الدرداء في ذلك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .
[ ص: 402 ] حدثنا يونس ، قال : ثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، قال : " طاف عمر - رضي الله عنه - بالبيت بعد الصبح فلم يركع ، فلما صار بذي طوى وطلعت الشمس صلى ركعتين" .
حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد الرحمن بن عبد القاري ، مثله .
فهذا عمر - رضي الله عنه - لم يركع حينئذ ؛ لأنه لم يكن عنده وقت صلاة ، وأخر ذلك إلى أن دخل عليه وقت الصلاة فصلى ، وهذا بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - فلم ينكره عليه منهم منكر ، ولو كان ذلك الوقت عنده وقت صلاة للطواف لصلى ولما أخر ذلك ؛ لأنه لا ينبغي لأحد طاف بالبيت أن لا يصلي حينئذ إلا من عذر .


