الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          6229 - (د ت س) : المهلب بن أبي صفرة الأزدي العتكي أبو سعيد البصري ، واسم أبي صفرة ظالم بن سارق ، ويقال : ابن سراق بن صبح بن كندي ، ويقال : كندير بن عمرو بن عدي بن وائل بن الحارث بن العتيك بن الأزد ، ويقال : الأسد أيضا بن عمران بن عمرو بن مزيقياء بن عامر ماء السماء بن حارثة الغطريف بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد .

                                                                          روى عن : أسيد بن المتشمس ، والبراء بن عازب ، وسمرة بن جندب ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعن من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ( د ت س ) ، يقول : إن بيتم [ ص: 9 ] فليكن شعاركم حم لا ينصرون .

                                                                          روى عنه : سماك بن حرب ، وعمر بن سيف البصري ، وأبو إسحاق السبيعي ( د ت س ) .

                                                                          ذكره محمد بن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل البصرة قال : وأبو صفرة من أزد دبا ، ودبا فيما بين عمان والبحرين ، وكانوا قد أسلموا وقدم وفدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بالإسلام ، فبعث عليهم مصدقا منهم يقال له : حذيفة بن اليمان الأزدي ، من أهل دبا ، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدوا ومنعوا الزكاة ، فبعث إليهم أبو بكر عكرمة بن أبي جهل فظفر بهم ونزلوا على حكم حذيفة بن اليمان الأزدي ، فقتل مائة من أشرافهم ، وسبى ذراريهم ، وبعث بهم إلى أبي بكر ، وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ يومئذ فأراد أبو بكر قتلهم ، فقال عمر : يا خليفة رسول الله قوم إنما شحوا على أموالهم ، فأبى أبو بكر أن يدعهم فلم يزالوا موقوفين حتى توفي أبو بكر وولي عمر بن الخطاب فدعاهم ، فقال : قد أفضي إلي هذا الأمر فانطلقوا إلى أي البلاد شئتم فأنتم قوم أحرار لا فدية عليكم فخرجوا حتى نزلوا البصرة ورجع بعضهم [ ص: 10 ] إلى بلادهم وكان أبو صفرة ، وهو أبو المهلب ممن نزل البصرة ، وشرف بها ، هو وولده ، ويكنى المهلب أبا سعيد أدرك عمر ، ولم يرو عنه شيئا ، وقد روى عن سمرة بن جندب وغيره .

                                                                          وروي أن عرفجة بن هرثمة الأزدي نظر إلى المهلب بن أبي صفرة يلعب مع الصبيان ، فقال : خذوني به إن لم يسد سرواتكم ... ويبلغ حتى لا يكون له مثل

                                                                          وروي أن أبا صفرة وفد على عمر بن الخطاب ومعه عشرة من ولده ، المهلب أصغرهم ، فجعل عمر ينظر إليهم ويتوسمهم ، ثم قال لأبي صفرة : هذا سيد ولدك - يعني المهلب .

                                                                          وقال الحسن بن عمارة ، عن أبي إسحاق السبيعي : ما رأيت أميرا كان أفضل من المهلب بن أبي صفرة .

                                                                          وفي رواية قال : قيل له : لم رويت عن المهلب بن أبي صفرة ؟ قال : لأني لم أر أميرا أيمن نقيبة ، ولا أشجع لقاء ، ولا أبعد مما يكره ، ولا أقرب مما يحب من المهلب .

                                                                          وقال محمد بن سلام الجمحي : كان بالبصرة أربعة ، كل رجل منهم في زمانه لا يعلم في الأمصار مثله : الأحنف بن قيس في حلمه وعفافه ومنزلته من علي عليه السلام ، والحسن في زهده [ ص: 11 ] وفصاحته وسخائه وموقعه من قلوب الناس ، والمهلب بن أبي صفرة فذكر أمره ، وسوار بن عبد الله القاضي في فضله وتحريه للحق .

                                                                          وقيل : إن المهلب كان يقول : ما شيء أبقى للملك من العفو ، وخير مناقب الملوك العفو ، وكان يقول : لأن يطيعني سفهاء قومي أحب إلي من أن يطيعني حلماؤهم ، وكان يقول لبنيه : يا بني لا تتكلوا على فعل غيركم ، وافعلوا ما ينسب إليكم ثم ينشد : . .

                                                                          إنما المجد ما بنى والد الصدق وأحيا فعاله المولود



                                                                          وقيل : إنه لم يقل شعرا قط إلا هذين البيتين :

                                                                          أنا إذا أنشأت يوما لنا نعم     قالت لنا أنفس أزدية عودوا
                                                                          لا يوجد الجود إلا عند ذي كرم     والمال عند لئام الناس موجود



                                                                          قال خليفة بن خياط : مات سنة إحدى وثمانين ، قال : ويقال : سنة اثنتين وثمانين .

                                                                          وقال في موضع آخر : مات سنة اثنتين وثمانين .

                                                                          وقال أبو عبيد القاسم بن سلام ، وأبو حسان الزيادي ، وغير واحد : مات سنة اثنتين وثمانين .

                                                                          زاد بعضهم : في ذي الحجة بمرو الروذ .

                                                                          قال أبو حسان : ويقال : مات سنة ثلاث وثمانين ، [ ص: 12 ] وقال غيره : مات في ذي الحجة سنة ثلاث وثمانين غازيا بمرو الروذ بقرية يقال لها : داغول ، وله ست وسبعون سنة ، كان مولده في فتح مكة ، وقال نهار بن توسعة يرثيه :


                                                                          لله دركم غداة دفنتم     سم العداة ونابلا لا يحظر
                                                                          إن تدفنوه فإن مثل بلائه     في المسلمين وذكره لا يقبر
                                                                          كان المدافع دون بيضة مصره     والجابر العظم الذي لا يجبر
                                                                          والكافي الثغر المخوف بحزمه     وبيمن طائره الذي لا ينكر
                                                                          أنى لها مثل المهلب بعده     هيهات هيهات الجناب الأنضر
                                                                          كل امرئ ولي الرعية بعده     بدل لعمر أبيك منه أعور
                                                                          ما ساسنا مثل المهلب سائسا     أعفى عن الذنب الذي لا يغفر
                                                                          لا لا وأيمن في الحروب بفتية     منه وأعدل في النهاب وأوقر
                                                                          وأشد في حق العراق شكيمة     يخشى بوادرها الإمام الأكبر
                                                                          جمع المروءة والسياسة والتقى     ومحاسن الأخلاق منها أكثر
                                                                          تحرى له الطير الأيامن عمره     ولو أنه خمسين عاما يحظر
                                                                          لما رأى الأمر العظيم وأنه     سيحل بالمصرين أمر منكر
                                                                          وأرنت العوذ المطافل حوله     حذر السباء وزل عنها المئزر
                                                                          ألقى القناع وصار نحو عصابة     حرز فذاقوا الموت وهو مشمر
                                                                          كان المهلب للعراق سكينة     وولى حادثها الذي يستنكر

                                                                          [ ص: 13 ] روى له أبو داود ، والترمذي ، والنسائي حديثا واحدا من رواية أبي إسحاق عنه عن من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إن بيتم فليكن شعاركم حم لا ينصرون .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية