الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          6338 - (بخ م 4) : ميمون بن مهران الجزري ، أبو أيوب [ ص: 211 ] الرقي ، كان مملوكا لامرأة من أهل الكوفة من بني نصر ، فأعتقته ، وبها نشأ ثم نزل الرقة .

                                                                          روى عن : الزبير بن العوام ( ق ) ، مرسل ، وعن سعيد بن جبير ( د س ق ) ، وسعيد بن المسيب ، وشيبان بن محزم ( عس ) ، والضحاك بن قيس ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عباس ( م 4 ) ، وعبد الله بن عمر بن الخطاب ( تم ق ) ، وعدي بن عدي الكندي ، وعمر بن الخطاب ( ق ) ، مرسل ، وعمر بن عبد العزيز ، وعمرو بن عثمان بن عفان ، ومقسم ( د ق ) ، ونافع مولى ابن عمر ( بخ د ) ، ويزيد بن الأصم ( د ) ، وأبي هريرة ( ق ) ، وصفية بنت شيبة ، وعائشة أم المؤمنين ( ق ) ، وأم الدرداء .

                                                                          روى عنه : أبان بن أبي راشد القشيري ، وإسحاق بن راشد الجزري ، وأيوب السختياني ، وبرد بن سنان الشامي ، وجعفر بن برقان ( د ق ) ، وأبو بشر جعفر بن أبي وحشية ( م د ) ، وحبيب بن الشهيد ( د ت س ) ، والحجاج بن أرطاة ، والحجاج بن تميم ( ق ) ، والحكم بن عتيبة ( م ) ، وحميد الطويل ، وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ، وزيد بن أبي أنيسة ، وسالم بن أبي المهاجر ( ق ) ، وسعيد الجريري ، وسلمة بن عبد الحميد ، وسليمان الأعمش وسلام المعلم ، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وعبد الكريم بن مالك الجزري ، وعلي بن بذيمة ، وعلي بن الحكم البناني ( د س ق ) ، وابنه عمرو بن ميمون بن مهران ( ق ) ، وفرات بن السائب ، وفرات بن سلمان ، ومحمد بن أيوب بن سعد الرقي ، ومحمد بن زياد الميموني ، ومعقل بن عبيد الله الجزري ، ونصر بن المثنى الأشجعي ، والنضر بن عربي ، والوليد بن زروان ، وأبو فروة [ ص: 212 ] يزيد بن سنان الرهاوي ( ق ) ، وأبو المليح الرقي ( بخ د ) .

                                                                          ذكره أبو عروبة الحراني في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة .

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني : نحن من سبي إصطخر .

                                                                          وقال خليفة بن خياط : ميمون بن مهران ، مولى الأزد ، ويقال : مولى لباهلة ، ويقال : مولى لبني نصر بن معاوية .

                                                                          وقال كثير بن هشام ، عن جعفر بن برقان : حدثنا ميمون بن مهران ، أن عمر بن عبد العزيز سأله : من مواليك يا ميمون؟ فقال : كانت أمي مولاة للأزد ، وكان أبي مكاتبا لبني نصر بن معاوية فولدت ، وأبي مكاتب فقال عمر : مواليك موالي أمك .

                                                                          قال كثير بن هشام : وكانت بنت سعيد بن جبير امرأة ميمون .

                                                                          وحكى البخاري ، عن ميمون بن مهران قال : كانت أمي لبني نصر بن معاوية من قيس عيلان ، وولدت أنا وأمي حرة وكان أبي للأزد ، كذا قال والمحفوظ الأول .

                                                                          وقال الهيثم بن عدي ، عن عمرو بن ميمون بن مهران قلت لأبي : ممن أنت؟ فقال : كان أبي مكاتبا لبني نصر بن معاوية ، [ ص: 213 ] فعتق ، وكنت أنا مملوكا لامرأة من الأزد من ثمالة يقال لها : أم نمر فأعتقتني ، فلم أزل بالكوفة حتى كان هيج الجماجم ، فتحولت إلى الجزيرة ، وكان أول أمر الجماجم في سنة ثمانين ، وكانت وقعة دجيل في آخر سنة إحدى وثمانين ، وكان آخر الجماجم في أول سنة اثنتين وثمانين .

                                                                          وقال حسين بن عياش ، عن جعفر بن برقان ، سمعت ميمون بن مهران يقول : أتاني مولى أمي فقال ما تريد أن تدعى إلى غير مواليك ، وقد علمت ما قيل في ذلك ؟ قال قلت : وفعلت . قال فأخرج براءة ، فإذا فيها براءة من ميمون بن مهران مولى بني نصر ، فقلت له : إنما نسبت نفسي إلى أبي ، ونسبت أبي إلى مواليه بني نصر .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم ، أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، فيما كتب إلي ، قال : سمعت أبي يقول : ميمون بن مهران ثقة ، أوثق من عكرمة .

                                                                          وقال إسحاق بن إبراهيم الحربي ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، سمعت أبي يقول : ميمون بن مهران أوثق من عكرمة ، ميمون ثقة ، وذكره بخير .

                                                                          [ ص: 214 ] وقال أحمد بن عبد الله العجلي : جزري تابعي ثقة ، وكان يحمل على علي .

                                                                          وقال أبو زرعة : والنسائي : ثقة .

                                                                          وقال محمد بن سعد : كان ثقة قليل الحديث .

                                                                          وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات " .

                                                                          وقال عبد الرحمن بن يوسف بن خراش : جليل .

                                                                          وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن إسماعيل بن عبيد الله ، قال ميمون بن مهران : كنت أفضل عليا على عثمان ، فقال لي عمر بن عبد العزيز : أيهما أحب إليك رجل أسرع في كذا أو رجل أسرع في المال؟ قال : فرجعت ، وقلت : لا أعود .

                                                                          وقال حسين بن عياش ، عن جعفر بن برقان ، حدثنا ميمون بن مهران قال : أتيت المدينة ، فسألت عن أفقه أهلها ، فدفعت إلى سعيد بن المسيب ، فجعلت أسأله فقال : إنك تسأل مسألة رجل كأنه قد تبحر ما ها هنا قبل اليوم .

                                                                          وقال سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن ميمون بن مهران ، قال أبي : أتيت سعيد بن المسيب أسأله فقال : ممن أنت فقلت : [ ص: 215 ] من أهل الجزيرة قال : ما أتاني أحد من أهل بلدك يسألني مسألتك قلت : إني أسأل هناك .

                                                                          وقال هارون بن أبي هارون العبدي ، عن أبي المليح الرقي ، قال ميمون بن مهران : لقد أدركت من لم يتكلم إلا بحق ، أو يسكت ، وأدركت من لم يكن يملأ عينيه من السماء فرقا من ربه عز وجل ، وأدركت من كنت أستحيي أن أتكلم عنده .

                                                                          وقال عطاء بن مسلم ، عن جعفر بن برقان ، وفرات بن سلمان ، قالا : كان عمر بن عبد العزيز إذا نظر إلى ميمون بن مهران قال : إذا ذهب هذا وضربه صار الناس من بعده رجاجا .

                                                                          وقال مبشر بن إسماعيل الحلبي ، عن جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران : كنت عند عمر بن عبد العزيز ، فلما قمت من عنده ، قال : إذا ذهب هذا ، وضرباؤه صار الناس بعده رجراجة .

                                                                          وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن سليمان بن موسى : إن جاءنا العلم من ناحية الجزيرة عن ميمون بن مهران قبلناه ، وذكر الزهري ، ومكحولا ، والحسن البصري ، وقال : كان هؤلاء الأربعة علماء الناس في زمن هشام .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة : سمعت أبا عبد الرحمن الغلابي [ ص: 216 ] يقول حدثني بعض الشاميين قال سأل عبد الملك بن مروان عن فقيه أهل الجزيرة فقيل : ميمون بن مهران في حديث ذكره .

                                                                          وقال عبد الله بن جعفر الرقي ، عن أبي المليح الرقي : ما رأيت أحدا أفضل من ميمون بن مهران ، قال له رجل يوما : يا أبا أيوب أتشتكي أراك مصفرا ؟ قال : نعم لما يبلغني في أقطار الأرض .

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، سمعت عمي عمرا يقول : ما كان أبي يكثر الصيام ، ولا الصلاة ، لكنه كان يكره أن يعصى الله .

                                                                          وقال عيسى بن سالم الشاشي ، عن أبي المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : لا تجالسوا أهل القدر ، ولا تسبوا أصحاب محمد ، ولا تعلموا النجوم .

                                                                          وقال سليمان بن داود المنقري : حدثنا يحيى بن اليمان ، عن سرادة الجرمي ، عن ميمون بن مهران قال : قال لي ابن عباس : يا ميمون لا تشتم السلف ، وادخل الجنة بسلام .

                                                                          وقال معمر بن سليمان الرقي ، عن فرات بن سلمان ، عن ميمون بن مهران : رجلان لا يصحبهما صاحب : مأكل سوء ، وصاحب بدعة [ ص: 217 ] وقال بقية بن الوليد ، عن الحسن بن عمر الفزاري ، وهو أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : رجلان لا تعظهما ليس تنفعهما العظة : رجل قد لهج بكسب خبيث ، وصاحب هوى قد استغرق فيه .

                                                                          وقال بقية أيضا ، عن عبد الملك بن أبي النعمان شيخ من أهل الجزيرة ، عن ميمون بن مهران ، قال : خاصمه رجل في الإرجاء فبينما هما على ذلك إذ سمعا امرأة تغني ، فقال ميمون : أين إيمان هذه من إيمان مريم بنت عمران ؟ قال : فلما قالها انصرف الرجل ، ولم يرد عليه شيئا .

                                                                          وقال عطاء بن مسلم الحلبي ، عن فرات بن سلمان : انتهينا مع ميمون بن مهران إلى دير القائم ، فنظر إلى الراهب ، فقال لأصحابه : فيكم من بلغ من العبادة ما بلغ هذا الراهب؟ قالوا : لا ، قال فما ينفعه ذلك ، ولم يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ، قالوا : لا ينفعه شيء ، قال : كذلك لا ينفع قول إلا بعمل .

                                                                          وقال أبو المليح الرقي ، عن فرات بن سلمان : كنت في مسجد ملطية ، فتذاكرنا هذه الأهواء ، فانصرفت إلى منزلي ، فألقيت نفسي ، فنمت فسمعت هاتفا يهتف : الطريق مع ميمون بن مهران .

                                                                          وقال خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان : لم يكن لميمون بن مهران مجلس في المسجد يعرف .

                                                                          وقال عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن عبد الملك بن زائدة : [ ص: 218 ] ضرب على أهل الرقة بعث ، فجهز فيه ميمون بن مهران بنبال ، فقال مسلمة بن عبد الملك : لقد أصبح أبو أيوب في طاعتنا شمريا .

                                                                          وقال مروان بن معاوية الفزاري ، عن شيخ من بني شيبان ، كان يسكن الجزيرة يقال له : إبراهيم دخل ميمون بن مهران على سليمان بن عبد الملك أو هشام منزله ، فلم يسلم عليه بالإمرة ، فقال له يا أمير المؤمنين لا ترى أني جهلت ، ولكن الوالي إنما يسلم عليه بالإمرة إذا جلس للناس في موضع الأحكام .

                                                                          وقال يعلى بن عبيد الطنافسي ، عن هارون البربري : كتب ميمون بن مهران إلى عمر بن عبد العزيز إني شيخ كبير رقيق ، كلفتني أن أقضي بين الناس ، وكان على خراج الجزيرة ، وقضائها ، فكتب إليه إني لم أكلفك ما يعنيك : اجب الطيب من الخراج ، واقض بما استبان لك ، فإذا ألبس عليك شيء فارفعه إلي ، فإن الناس لو كانوا إذا كبر عليهم أمر تركوه لم يقم دين ولا دنيا .

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، عن عمه عمرو بن ميمون بن مهران ، سمعت أبي يقول : وددت أن إصبعي قطعت من ها هنا ، وأني لم أل . فقلت ولا لعمر؟ قال : لا لعمر ولا لغيره .

                                                                          وقال يحيى بن يوسف الزمي ، عن أبي المليح الرقي قال [ ص: 219 ] ميمون بن مهران : الظالم ، والمعين على الظلم ، والمحب له سواء .

                                                                          وقال جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران : لا يكون الرجل تقيا حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه ، وحتى يعلم من أين ملبسه ، ومطعمه ، ومشربه ، أمن حلال ذلك ، أم من حرام .

                                                                          وقال عيسى بن سالم الشاشي ، عن أبي المليح الرقي ، سمعت ميمون بن مهران يقول : يا أصحاب القرآن لا تتخذوا القرآن بضاعة تلتمسون به الشف - يعني الربح في الدنيا ، والتمسوا الدنيا بالدنيا ، والتمسوا الآخرة بالآخرة .

                                                                          قال : وسمعت ميمونا يقول : لا يزال أحدكم حديث عهد بعمل صالح ، فإنه أهون عليه حين ينزل به الموت أن يتذكر عملا صالحا قد قدمه ، قال : وقال لنا ميمون ونحن حوله : يا معشر الشباب قوتكم اجعلوها في شبابكم ونشاطكم في طاعة الله ، يا معشر الشيوخ حتى متى .

                                                                          وقال أبو جعفر النفيلي وغيره ، عن أبي المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : لا خير في الدنيا إلا لأحد رجلين رجل تاب أو رجل يعمل في الدرجات .

                                                                          وقال جعفر بن برقان ، عن ميمون بن مهران : من أحب أن [ ص: 220 ] يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده ، فإنه قادم على ما قدم لا محالة .

                                                                          وقال سفيان بن عيينة ، عن جامع بن أبي راشد ، سمعت ميمون بن مهران يقول : ثلاث يؤدين إلى البر والفاجر : الرحم توصل برة كانت أو فاجرة ، والأمانة تؤدى إلى البر والفاجر ، والعهد يوفى به للبر والفاجر .

                                                                          وقال عطاء بن مسلم ، عن جعفر بن برقان ، أو عن شيخ من أهل الرقة ، قال : سمعت ميمون بن مهران يقول : بنفسي العلماء ، وجدت صلاح قلبي في مجالستهم ، هم بغيتي في أرض غربة ، وهم ضالتي إذا لم أجدهم .

                                                                          وقال مهدي بن ميمون ، عن يونس بن عبيد ، عن ميمون بن مهران : التودد إلى الناس نصف العقل ، وحسن المسألة نصف الفقه ، ورفقك في المعيشة يلقي عنك نصف المؤونة .

                                                                          وقد روي مرفوعا بإسناد ضعيف .

                                                                          رواه هشام بن عمار ، عن مخيس بن تميم ، عن حفص بن عمر ، عن إبراهيم بن عبد الله بن الزبير ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة ، والتودد إلى الناس نصف العقل ، وحسن السؤال نصف العلم .

                                                                          [ ص: 221 ] وقال علي بن جميل الرقي ، عن أبي المليح قال رجل : يا ميمون بن مهران ، يا أبا أيوب ما يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم ، فقال له ميمون : أقبل على شانك أيها الرجل فما يزال الناس بخير ما اتقوا ربهم .

                                                                          وعن أبي المليح ، عن ميمون بن مهران قال : ما بلغني عن أخ لي مكروه قط إلا كان إسقاط المكروه عنه أحب إلي من تحقيقه عليه ، فإن لم أفعل كان قوله أحب إلي من بينة تشهد عليه بقوله ، وإن قال : قد قلت ولم يعتذر أبغضته من حيث أحببته .

                                                                          وقال عتاب بن بشير الجزري ، عن علي بن بذيمة قيل لميمون بن مهران : ما لك لا تفارق أخا لك عن قلى ؟ وفي رواية ما لصديقك لا يفارقك عن قلى ؟ قال : لأني لا أماريه ولا أشاريه .

                                                                          وقال فياض بن محمد الرقي ، عن جعفر بن برقان ، قيل لميمون بن مهران : إن فلانا يستبطئ نفسه في زيارتك ، قال : إذا ثبتت المودة فلا بأس ، وإن طال المكث .

                                                                          وقال أحمد بن الفرج الحمصي ، عن سلمة بن عبد الملك العوصي ، عن المعافى بن عمران ، عن ميمون بن مهران : من رضي من صلة الإخوان بلا شيء فليؤاخ أهل القبور .

                                                                          وقال أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : إذا نزل بك ضيف فلا تكلف له ما لا تطيق ، وأطعمه من طعام أهلك ، والقه بوجه طلق ، فإنك إن تكلفت له ما لا تطيق أوشك أن تلقاه بوجه يكرهه .

                                                                          [ ص: 222 ] وعن ميمون بن مهران أنه كتب إلى ابنه : أن أحسن معونة فلان ، وأعطه من مالك ولا تسأل الناس ، فإن المسألة تذهب بالحياء .

                                                                          وقال غيره عن ميمون بن مهران : المروءة طلاقة الوجه ، والتودد إلى الناس ، وقضاء الحوائج .

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، عن عمه عمرو بن ميمون بن مهران ، خرجت مع أبي من المسجد بعد صلاة المغرب ، ومعه رجل فدخل وترك الرجل فقلت : يا أبة ما كان يمنعك أن تعرض عليه؟ قال كرهت أن أعرض عليه أمرا لم يكن في نفسي .

                                                                          وقال إسماعيل بن علية ، عن يونس بن عبيد : كان طاعون قبل بلاد ميمون بن مهران ، فكتبت إليه أسأله عن أهله فكتب إلي بلغني كتابك تسألني عن أهلي ، وأنه مات من أهلي وحامتي سبعة عشر إنسانا وإني أكره البلاء إذا أقبل فإذا أدبر لم يسرني أنه لم يكن ، أما أنت فعليك بكتاب الله ، فإن الناس قد بهؤوا عنه ، قال يونس - يعني نسوه واختاروا عليه الأحاديث أحاديث الرجال ، وإياك والجدال والمراء في الدين ، لا تمارين عالما ولا جاهلا ، فإنك إن ماريت الجاهل خشن بصدرك ، ولم يطعك ، وإن ماريت العالم خزن عنك علمه ، ولم يبال ما صنعت .

                                                                          وقال أبو المليح الرقي ، عن ميمون بن مهران : من أساء سرا فليتب سرا ، ومن أساء علانية فليتب علانية ، فإن الناس يعيرون ولا يغفرون ، والله يغفر ولا يعير .

                                                                          وقال خالد بن حيان الرقي ، عن جعفر بن برقان ، قال لي [ ص: 223 ] ميمون بن مهران : قل لي يا جعفر في وجهي ما أكره ، فإن الرجل لا ينصح أخاه حتى يقول له في وجهه ما يكره .

                                                                          وقال عيسى بن سالم ، عن أبي المليح ، سمعت ميمون بن مهران وأتاه رجل فقال : إن رقية امرأة هشام ماتت ، وأعتقت كل مملوك لها ، فقال يعصون الله مرتين ، يبخلون به وقد أمروا أن ينفقوه فإذا صار لغيرهم أسرفوا فيه .

                                                                          وقال إسماعيل بن علية . عن سوار بن عبد الله العنبري : بلغني أن ميمون بن مهران كان جالسا ، وعنده رجل من قراء أهل الشام ، فقال : إن الكذب في بعض المواطن خير من الصدق ، فقال الشامي : لا ، الصدق في كل موطن خير ، فقال ميمون : أرأيت لو رأيت رجلا يسعى ، وآخر يتبعه بالسيف فدخل الدار فانتهى إليك ، فقال أرأيت الرجل ، ما كنت قائلا؟ قال : كنت أقول لا ، قال فذاك .

                                                                          وقال عبد الله بن جعفر الرقي ، عن أبي المليح ، قال ميمون بن مهران : إذا أتى رجل باب سلطان فاحتجب عنه فليأت بيوت الرحمن ، فإنها مفتحة ، فليصل ركعتين ، وليسأل حاجته .

                                                                          وعن ميمون بن مهران قال : قال لي محمد بن مروان : في الديوان أنت ؟ قلت : لا ، قال فما يمنعك أن تكتب في الديوان ، فيكون لك سهم في الإسلام؟ قلت : إني لأرجو أن يكون لي سهام في الإسلام ، فقال من أين ؟ ولست في الديوان؟ قلت : شهادة أن لا إله إلا الله سهم ، والزكاة سهم ، وصيام رمضان سهم ، والحج سهم ، قال محمد : ما كنت أحسب أن لأحد في الإسلام سهما إلا [ ص: 224 ] من كان في الديوان ، قال قلت : هذا ابن عمك حكيم بن حزام ، لم يأخذ ديوانا قط ، وذلك أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة ، فقال : استعف يا حكيم خير لك ، قال ومنك يا رسول الله؟ قال : ومني ، قال لا جرم ، إني لا أسألك ولا غيرك شيئا أبدا ، ولكن ادع الله أن يبارك لي في صفقتي - يعني التجارة - فدعا له وقال أبو شجار ، عن أبي المليح ، سمعت عبد الكريم يقول : لا علم لنا بكم يا أهل الرقة من رأيناه من جانب ميمون علمنا أنه مستقيم ، ومن رأيناه يكره ناحيته علمنا أنه يأخذ ناحية أخرى - يعني الجعد - .

                                                                          وقال يزيد بن قبيس الجبلي ، حدثنا علي بن الحسن الحلبي ، قال : حدثني عمرو بن ميمون بن مهران قال : خرجت بأبي أقوده في بعض سكك البصرة ، فمررت بجدول ، فلم يستطع الشيخ يتخطاه ، فاضطجعت له فمر على ظهري ، ثم قمت فأخذت بيده ، فدفعنا إلى منزل الحسن ، فطرقت الباب فخرجت جارية سداسية ، فقالت من هذا؟ فقلت : هذا ميمون بن مهران أراد لقاء [ ص: 225 ] الحسن فقالت : كاتب عمر بن عبد العزيز؟ قلت لها : نعم ، قالت : يا شقي ، ما بقاك إلى هذا الزمان السوء؟ قال : فبكى الشيخ ، فسمع الحسن بكاءه ، فخرج إليه ، فاعتنقا ثم دخلا ، فقال ميمون : يا أبا سعيد إني قد آنست من قلبي غلظة ، فاستلن لي منه ، فقرأ الحسن : بسم الله الرحمن الرحيم أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون قال فسقط الشيخ ، فرأيته يفحص برجله ما تفحص الشاة المذبوحة ، فأقام طويلا ثم أفاق فجاءت الجارية ، فقالت : قد أتعبتم الشيخ ، قوموا تفرقوا ، فأخذت بيد أبي فخرجت به ثم قلت له : يا أبتاه هذا الحسن ، قد كنت أحسب أنه أكثر من هذا ، قال : فوكز في صدري ، ثم قال : يا بني لقد قرأ علينا آية لو تفهمتها بقلبك لألفي لصافيه كلوم .

                                                                          أخبرنا بذلك أبو محمد عبد الواسع بن عبد الكافي الأبهري ، قال : أنبأنا القاضي أبو الفتح محمد بن أحمد ابن المندائي الواسطي في كتابه إلينا من واسط ، قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي ابن المزرفي ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي ابن المهتدي بالله ، قال : أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان ، قال : حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحافظ ، قال : [ ص: 226 ] حدثنا أبو جعفر محمد بن عبدوس الدقاق الحراني ، قال : حدثنا يزيد بن قبيس ، فذكره .

                                                                          قال جعفر بن محمد بن نوح ، عن إبراهيم بن محمد السمري : صلى ميمون بن مهران في سبعة عشر يوما سبعة عشر ألف ركعة ، فلما كان اليوم الثامن عشر انقطع في جوفه شيء فمات .

                                                                          وقال الهيثم بن عدي : مات آخر إمرة هشام .

                                                                          وقال خليفة بن خياط : مات سنة ست عشرة ومائة بالجزيرة .

                                                                          وقال أبو الحسن الميموني ، عن أبيه ، وأبو المليح الرقي ، وعيسى بن كثير ، وأبو عبيد القاسم بن سلام : مات سنة سبع عشرة ومائة .

                                                                          وقال علي بن معبد الرقي ، عن عبيد الله بن عمرو : ولد سنة أربعين ومات سنة ثماني عشرة ومائة .

                                                                          وقال حسين بن عياش ، عن جعفر بن برقان ، سمعت ميمونا يقول : ولدت سنة أربعين .

                                                                          وقال أبو حاتم بن حبان : ولد سنة أربعين ، سنة الجماعة ، [ ص: 227 ] ومات سنة ثماني عشرة ومائة ، روى له البخاري في "الأدب" والباقون .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية