الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          6247 - (ت ق) : موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي العلوي ، أبو الحسن المدني الكاظم .

                                                                          روى عن : أبيه جعفر بن محمد الصادق ( ت ق ) ، وعبد الله بن دينار ، وعبد الملك بن قدامة الجمحي .

                                                                          روى عنه : أولاده إبراهيم بن موسى بن جعفر ، وإسماعيل بن موسى بن جعفر ، وحسين بن موسى بن جعفر ، وصالح بن يزيد ، وأخوه علي بن جعفر ( ت ) ، وابنه علي بن موسى بن جعفر أبو الحسن الرضى ( ق ) ، وأخوه محمد بن جعفر ، ومحمد بن صدقة العنبري .

                                                                          قال أبو حاتم : ثقة صدوق إمام من أئمة المسلمين .

                                                                          [ ص: 44 ] أخبرنا يوسف بن يعقوب الشيباني ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ قال : يقال : إنه ولد بالمدينة في سنة ثمان وعشرين ومائة ، وأقدمه المهدي بغداد ، ثم رده إلى المدينة ، وأقام بها إلى أيام الرشيد ، فقدم هارون منصرفا من عمرة شهر رمضان سنة تسع وسبعين - يعني ومائة فحمل موسى معه إلى بغداد ، وحبسه بها إلى أن توفي في محبسه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، قال : حدثني جدي ، وهو أبو الحسن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، قال : كان موسى بن جعفر يدعى العبد الصالح من عبادته واجتهاده ، روى أصحابنا أنه دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسجد سجدة في أول الليل فسمع ، وهو يقول في سجوده عظم الذنب عندي فليحسن العفو من عندك يا أهل التقوى ويا أهل المغفرة ، فجعل يرددها حتى أصبح ، وكان سخيا كريما ، وكان يبلغه عن الرجل أنه يؤذيه فيبعث إليه بصرة فيها [ ص: 45 ] ألف دينار ، وكان يصر الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار ثم يقسمها بالمدينة ، وكان مثل صرر موسى بن جعفر إذا جاءت الإنسان الصرة فقد استغنى .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسن ، قال : أخبرنا الحسن ، قال : حدثني جدي ، قال : حدثنا إسماعيل بن يعقوب ، قال : حدثني محمد بن عبد الله البكري قال : قدمت المدينة أطلب بها دينا فأعياني ، فقلت : لو ذهبت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر فشكوت ذلك إليه فأتيته بنقمى في ضيعته ، فخرج إلي ومعه غلام له معه منسف فيه قديد مجزع ليس معه غيره ، فأكل وأكلت معه ثم سألني عن حاجتي ، فذكرت له قصتي ، فدخل فلم يقم إلا يسيرا حتى خرج إلي فقال لغلامه : اذهب ثم مد يده إلي فدفع إلي صرة فيها ثلاثمائة دينار ، ثم قام فولى فقمت فركبت دابتي ، وانصرفت .

                                                                          قال الحسن ، قال جدي يحيى بن الحسن ، وذكر لي غير واحد من أصحابنا أن رجلا من ولد عمر بن الخطاب كان بالمدينة يؤذيه ويشتم عليا ، قال وكان قد قال له بعض حاشيته دعنا نقتله فنهاهم عن ذلك أشد النهي ، وزجرهم أشد الزجر ، وسأل عن العمري فذكر له أنه يزدرع بناحية من نواحي المدينة فركب [ ص: 46 ] إليه في مزرعته ، فوجده فيها ، فدخل المزرعة بحماره ، فصاح به العمري لا توطئ زرعنا فوطأه الحمار حتى وصل إليه ، فنزل فجلس عنده وضاحكه ، وقال له كم غرمت في زرعك هذا؟ قال له : مائة دينار ، قال : فكم ترجو أن تصيب؟ قال : أنا لا أعلم الغيب ، قال : إنما قلت لك كم ترجو أن يجيئك فيه قال أرجو أن يجيئني مائتا دينار ، قال فأعطاه ثلاثمائة دينار ، وقال هذا زرعك على حاله . قال فقام العمري فقبل رأسه وانصرف ، قال فراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه قال الله أعلم حيث يجعل رسالاته ، قال فوثب أصحابه فقالوا له ما قصتك قد كنت تقول خلاف هذا؟ قال فخاصمهم وشاتمهم قال وجعل يدعو لأبي الحسن موسى كلما دخل وخرج ، قال فقال أبو الحسن : لحامته الذين أرادوا قتل العمري أيما كان خير ؟ ما أردتم ، أو ما أردت أن أصلح أمره بهذا المقدار .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ ، وعمر بن محمد بن عبيد الله المؤدب ، قالا : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال : حدثنا القاضي الحسين بن إسماعيل ، قال : حدثنا عبد الله بن أبي سعد ، قال : حدثني محمد بن الحسين بن محمد بن عبد المجيد الكناني الليثي ، قال : حدثني عيسى بن محمد بن مغيث القرشي ، وبلغ تسعين سنة قال : زرعت بطيخا وقثاء وقرعا في موضع بالجوانية على بئر يقال لها أم عظام ، فلما قرب [ ص: 47 ] الخير واستوى الزرع بيتني الجراد ، فأتى على الزرع كله ، وكنت غرمت على الزرع وفي ثمن جملين مائة وعشرين دينارا ، فبينما أنا جالس طلع موسى بن جعفر بن محمد ، فسلم ثم قال : أيش حالك ؟ فقلت : أصبحت كالصريم بيتني الجراد فأكل زرعي قال : وكم غرمت فيه ؟ قلت مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين ، فقال : يا عرفة زن لابن المغيث مائة وخمسين دينارا نربحك ثلاثين دينارا والجملين ، فقلت : يا مبارك ادخل وادع لي فيها ، فدخل ودعا وحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : تمسكوا ببقايا المصائب ثم علقت عليه الجملين وسقيته فجعل الله فيها البركة ، زكت فبعت منها بعشرة آلاف .

                                                                          وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي ، قال : حدثني جدي ، قال وذكر إدريس بن أبي رافع ، عن محمد بن موسى قال : خرجت مع أبي إلى ضياعه بسايه ، فأصبحنا في غداة باردة ، وقد دنونا منها ، وأصبحنا عند عين من عيون سايه ، فخرج إلينا من تلك الضياع عبد زنجي فصيح مستذفر بخرقة على رأسه قدر فخار يفور ، فوقف على الغلمان فقال : أين سيدكم؟ قالوا : هو ذاك ، قال أبو من يكنى ؟ قالوا له : أبو الحسن . قال فوقف عليه فقال : يا سيدي يا أبا الحسن هذه [ ص: 48 ] عصيدة أهديتها إليك . قال : ضعها عند الغلمان ، فأكلوا منها . قال ثم ذهب فلم نقل بلغ حتى خرج على رأسه حزمة حطب حتى وقف ، فقال له يا سيدي هذا حطب أهديت إليك قال ضعه عند الغلمان ، وهب لنا نارا فذهب فجاء بنار ، قال فكتب أبو الحسن اسمه واسم مولاه فدفعه إلي ، وقال يا بني احتفظ بهذه الرقعة حتى أسألك عنها ، قال فوردنا إلى ضياعه ، وأقام بها ما طاب له ثم قال : امضوا بنا إلى زيارة البيت ، قال : فخرجنا حتى وردنا مكة ، فلما قضى أبو الحسن عمرته دعا صاعدا فقال : اذهب فاطلب لي هذا الرجل فإذا علمت بموضعه فأعلمني حتى أمشي إليه ، فإني أكره أن أدعوه والحاجة لي ، قال صاعد : فذهبت حتى وقفت على الرجل فلما رآني عرفني ، وكنت أعرفه ، وكان يتشيع فلما رآني سلم علي ، وقال أبو الحسن قدم ؟ قلت : لا . قال فأيش أقدمك ؟ قلت : حوائج ، وكان قد علم بمكانه بسايه ، فتتبعني وجعلت أتقصى منه ، ويلحقني بنفسه فلما رأيت أني لا أنفلت منه ، مضيت إلى مولاي ، ومضى معي حتى أتيته فقال لي : ألم أقل لك لا تعلمه فقلت جعلت فداك لم أعلمه ، فسلم عليه فقال له أبو الحسن غلامك فلان تبيعه ؟ قال له جعلت فداك الغلام لك ، والضيعة وجميع ما أملك قال : أما الضيعة فلا أحب أن أسلبكها ، وقد حدثني أبي عن جدي أن بائع الضيعة ممحوق ومشتريها مرزوق ، قال فجعل الرجل يعرضها عليه مدلا بها فاشترى أبو الحسن الضيعة والرقيق منه بألف دينار ، وأعتق العبد [ ص: 49 ] ووهب له الضيعة ، قال إدريس بن أبي رافع فهو ذا ولده في الصرافين بمكة .

                                                                          وبه قال : حدثني الحسن بن محمد الخلال ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن عمران ، قال : حدثنا محمد بن يحيى الصولي ، قال : حدثنا عون بن محمد ، قال : سمعت إسحاق الموصلي غير مرة يقول : حدثني الفضل بن الربيع ، عن أبيه أنه لما حبس المهدي موسى بن جعفر رأى المهدي في النوم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وهو يقول يا محمد فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ، قال الربيع : فأرسل إلي ليلا فراعني ذلك فجئته ، فإذا هو يقرأ هذه الآية ، وكان أحسن الناس صوتا ، وقال : علي بموسى بن جعفر ، فجئته به فعانقه ، وأجلسه إلى جنبه ، وقال يا أبا الحسن إني رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في النوم يقرأ علي كذا ، فتؤمني أن تخرج علي أو على أحد من ولدي ، فقال : والله لا فعلت ذاك ولا ، هو من شأني قال : صدقت يا ربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار ، ورده إلى أهله إلى المدينة ، قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف العوائق .

                                                                          وبه قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، قال : حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، قال : حدثنا الحسين بن القاسم ، قال : حدثني أحمد بن وهب ، قال : أخبرني عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال : حج هارون الرشيد فأتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم زائرا له وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى [ ص: 50 ] ابن جعفر ، فلما انتهى إلى القبر قال : السلام عليك يا رسول الله يا ابن عم ، افتخارا على من حوله فدنا موسى بن جعفر ، فقال : السلام عليك يا أبة فتغير وجه هارون ، وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن حقا .

                                                                          وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي ، قال : حدثني جدي ، قال : حدثني عمار بن أبان قال : حبس أبو الحسن موسى بن جعفر عند السندي بن شاهك فسألته أخته أن تولى حبسه ، وكانت تدين ، ففعل فكانت تلي خدمته فحكي لنا أنها قالت كان إذا صلى العتمة حمد الله عز وجل ، ومجده ، ودعاه ، فلم يزل كذلك حتى يزول الليل ، فإذا زال الليل قام يصلي حتى يصلي الصبح ، ثم يذكر قليلا حتى تطلع الشمس ثم يقعد إلى ارتفاع الضحى ، ثم يتهيأ ، ويستاك ، ويأكل ، ثم يرقد إلى قبل الزوال ، ثم يتوضأ ويصلي حتى يصلي العصر ثم يذكر في القبلة حتى يصلي المغرب ، ثم يصلي ما بين المغرب والعتمة ، فكان هذا دأبه فكانت أخت السندي ، إذا نظرت إليه قالت خاب قوم تعرضوا لهذا الرجل ، وكان عبدا صالحا .

                                                                          وبه قال : أخبرنا الجوهري ، قال : حدثنا محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد الحصيني ، قال : حدثني أحمد بن إسماعيل قال بعث موسى بن جعفر إلى الرشيد من الحبس برسالة كانت : إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء حتى نفضي جميعا إلى يوم [ ص: 51 ] ليس له انقضاء يخسر فيه المبطلون .

                                                                          وبه قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد العلوي ، قال : حدثني جدي قال ، قال أبو موسى العباسي حدثني إبراهيم بن عبد السلام بن السندي بن شاهك ، عن أبيه قال كان موسى بن جعفر عندنا محبوسا فلما مات بعثنا إلى جماعة من العدول من الكرخ فأدخلناهم عليه فأشهدناهم على موته ، وأحسبه قال : ودفن في مقابر الشونيزيين .

                                                                          وبه قال : أخبرنا أبو سعيد الحسن بن محمد بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا القاضي أبو بكر بن عمر بن سلم الحافظ ، قال : حدثني عبد الله بن أحمد بن عامر ، قال : حدثنا علي بن محمد الصنعاني ، قال : قال محمد بن صدقة العنبري : توفي موسى بن جعفر بن محمد بن علي سنة ثلاث وثمانين ومائة .

                                                                          قال غيره لخمس بقين من رجب .

                                                                          وقد تقدم ذكر مولده في أوائل الترجمة .

                                                                          [ ص: 52 ] روى له الترمذي ، وابن ماجه .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية