الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          6439 - (ت س) : النعمان بن ثابت التيمي ، أبو حنيفة [ ص: 418 ] الكوفي ، مولى بني تيم الله بن ثعلبة فقيه أهل العراق ، وإمام أصحاب الرأي ، وقيل : إنه من أبناء فارس .

                                                                          رأى أنس بن مالك .

                                                                          وروى عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر ، وإسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصفيراء ، وجبلة بن سحيم ، وأبي هند الحارث بن عبد الرحمن الهمداني ، والحسن بن عبيد الله ، والحكم بن عتيبة ، وحماد بن أبي سليمان ، وخالد بن علقمة ، وربيعة بن أبي عبد الرحمن ، وزبيد اليامي ، وزياد بن علاقة ، وسعيد بن مسروق الثوري ، وسلمة بن كهيل ، وسماك بن حرب ، وأبي رؤبة شداد [ ص: 419 ] ابن عبد الرحمن ، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي ، وهو من أقرانه ، وطاووس بن كيسان فيما قيل ، وطريف أبي سفيان السعدي ، وأبي سفيان طلحة بن نافع ، وعاصم بن كليب ، وعاصم بن أبي النجود ( س ) ، وعامر الشعبي ، وعبد الله بن أبي حبيبة ، وعبد الله بن دينار ، وعون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وقابوس بن أبي ، وعبد الكريم أبي أمية البصري ، وعبد الملك بن عمير ، وعدي بن ثابت الأنصاري ، وعطاء بن أبي رباح ( ت ) ، وعطاء بن السائب ، وعطية بن سعد العوفي ، وعكرمة مولى ابن عباس ، وعلقمة بن مرثد ، وعلي بن الأقمر ، وعلي بن الحسن الزراد ، وعمرو بن دينار ، وعوف بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وقابوس بن أبي ظبيان ، والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وقتادة بن دعامة ، وقيس بن مسلم الجدلي ، ومحارب بن دثار ، ومحمد بن الزبير الحنظلي ، ومحمد بن السائب الكلبي ، وأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن قيس الهمداني ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، ومحمد بن المنكدر ، ومخول بن راشد ، ومسلم .البطين ، ومسلم الملائي ، ومعن بن عبد الرحمن ، ومقسم ، ومنصور بن المعتمر ، وموسى بن أبي عائشة ، وناصح بن عبد الله المحلمي ، ونافع مولى ابن عمر ، وهشام بن عروة ، وأبي غسان الهيثم بن حبيب الصراف ، والوليد بن سريع المخزومي ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، وأبي حجية يحيى بن عبد الله الكندي ، ويحيى بن عبد الله الجابر ، ويزيد بن صهيب الفقير ، ويزيد بن عبد الرحمن الكوفي ، ويونس بن عبد الله بن أبي فروة ، وأبي إسحاق السبيعي ، وأبي بكر بن عبد الله بن [ ص: 420 ] أبي الجهم ، وأبي جناب الكلبي ، وأبي حصين الأسدي ، وأبي الزبير المكي ، وأبي السوار ويقال : أبي السوداء السلمي ، وأبي عون الثقفي ، وأبي فروة الجهني ، وأبي معبد مولى ابن عباس ، وأبي يعفور العبدي .

                                                                          روى عنه : إبراهيم بن طهمان ، والأبيض بن الأغر بن الصباح المنقري ، وأسباط بن محمد القرشي ، وإسحاق بن يوسف الأزرق ، وأسد بن عمرو البجلي القاضي ، وإسماعيل بن يحيى الصيرفي ، وأيوب بن هانئ الجعفي ، والجارود بن يزيد النيسابوري ، وجعفر بن عون ، والحارث بن نبهان ، وحبان بن علي العنزي ، والحسن بن زياد اللؤلؤي ، والحسن بن فرات القزاز ، والحسين بن الحسن بن عطية العوفي ، وحفص بن عبد الرحمن البلخي القاضي ، وحكام بن سلم الرازي ، وأبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي ، وابنه حماد بن أبي حنيفة ، وحمزة بن حبيب الزيات ، وخارجة بن مصعب السرخسي ، وداود بن نصير الطائي ، وأبو الهذيل زفر بن الهذيل التميمي ، وزيد بن الحباب العكلي ، وسابق الرقي ، وسعد بن الصلت ، قاضي شيراز ، وسعيد بن أبي الجهم القابوسي ، وسعيد بن سلام بن أبي الهيفاء العطار البصري ، وسلم بن سالم البلخي ، وسليمان بن عمرو النخعي ، وسهل بن مزاحم ، وشعيب بن إسحاق الدمشقي ، والصباح بن محارب ، والصلت بن الحجاج الكوفي ، وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ، وعامر بن الفرات النسوي ، وعائذ بن حبيب ، وعباد بن العوام ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الله بن يزيد المقرئ ، وأبو يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني ( ت ) ، وعبد الرزاق بن همام [ ص: 421 ] ، وعبد العزيز بن خالد الترمذي ، وعبد الكريم بن محمد الجرجاني ، وعبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد ، وعبد الوارث بن سعيد ، وعبيد الله بن الزبير القرشي ، وعبيد الله بن عمرو الرقي ، وعبيد الله بن موسى ، وعتاب بن محمد بن شوذب ، وعلي بن ظبيان الكوفي .القاضي ، وعلي بن عاصم الواسطي ، وعلي بن مسهر ، وعمرو بن محمد العنقزي ، وأبو قطن عمرو بن الهيثم القطعي ، وعيسى بن يونس ( س ) ، وأبو نعيم الفضل بن دكين ، والفضل بن موسى السيناني ، والقاسم بن الحكم العرني ، والقاسم بن معن المسعودي ، وقيس بن الربيع ، ومحمد بن أبان العنبري الكوفي ، ومحمد بن .بشر العبدي ، ومحمد بن الحسن بن أتش الصنعاني ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، ومحمد بن خالد الوهبي ، ومحمد بن عبد الله الأنصاري ، ومحمد بن الفضل بن عطية ، ومحمد بن القاسم الأسدي ، ومحمد بن مسروق الكوفي ، ومحمد بن يزيد الواسطي ، ومروان بن سالم ، ومصعب بن المقدام ، والمعافى بن عمران الموصلي ، ومكي بن إبراهيم البلخي ، وأبو سهل نصر بن عبد الكريم البلخي ، المعروف بالصيقل ، ونصر بن عبد الملك العتكي ، وأبو غالب النضر بن عبد الله الأزدي ، والنضر بن محمد المروزي ، والنعمان بن عبد السلام الأصبهاني ، ونوح بن دراج القاضي ، وأبو عصمة نوح بن أبي مريم ، وهشيم بن بشير ، وهوذة بن خليفة ، والهياج بن بسطام البرجمي ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن أيوب المصري ، ويحيى بن نصر بن حاجب ، ويحيى بن يمان ، ويزيد بن زريع ، ويزيد بن هارون ، ويونس بن بكير الشيباني ، وأبو إسحاق الفزاري ، وأبو حمزة السكري ، وأبو سعد [ ص: 422 ] الصاغاني ، وأبو شهاب الحناط ، وأبو مقاتل السمرقندي ، والقاضي أبو يوسف .

                                                                          قال أحمد بن عبد الله العجلي : أبو حنيفة النعمان بن ثابت كوفي تيمي من رهط حمزة الزيات ، وكان خزازا يبيع الخز .

                                                                          وقال محمد بن إسحاق البكائي ، عن عمر بن حماد بن أبي حنيفة أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى فأما زوطى فإنه من أهل كابل ، وولد ثابت على الإسلام ، وكان زوطى مملوكا لبني تيم الله بن ثعلبة ، فأعتق فولاؤه لبني تيم الله بن ثعلبة ، ثم لبني قفل ، وكان أبو حنيفة خزازا ، ودكانه معروف في دار عمرو بن حريث .

                                                                          وقال إسماعيل بن عبد الله بن ميمون عن أبي عبد الرحمن المقرئ : كان أبو حنيفة من أهل بابل .

                                                                          وقال النضر بن محمد المروزي ، عن يحيى بن النضر القرشي : كان والد أبي حنيفة من نسا .

                                                                          وقال سليمان بن الربيع ، عن الحارث بن إدريس : أبو حنيفة أصله من ترمذ .

                                                                          [ ص: 423 ] وقال أحمد بن إسحاق بن البهلول بن حسان التنوخي الأنباري ، عن أبيه ، عن جده : ثابت والد أبي حنيفة من أهل الأنبار .

                                                                          وقال مكرم بن أحمد القاضي : حدثنا أحمد بن عبيد الله بن شاذان المروزي ، قال : حدثني أبي عن جدي ، قال : سمعت إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة يقول : أنا إسماعيل بن حماد بن النعمان بن ثابت بن النعمان بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار ، والله ما وقع علينا رق قط ، ولد جدي في سنة ثمانين ، وذهب ثابت إلى علي بن أبي طالب ، وهو صغير فدعا له بالبركة فيه وفي ذريته ، ونحن نرجو من الله أن يكون قد استجاب الله ذلك لعلي بن أبي طالب فينا ، قال : والنعمان بن المرزبان أبو ثابت ، هو الذي أهدى لعلي بن أبي طالب الفالوذج في يوم النيروز ، فقال : نورزونا كل يوم ، وقيل : كان ذلك في المهرجان ، فقال : مهرجونا كل يوم .

                                                                          أخبرنا بذلك يوسف بن يعقوب الشيباني ، قال : أخبرنا زيد بن الحسن الكندي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الحافظ ، قال : أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي الصيمري ، قال : أخبرنا عمر بن إبراهيم المقرئ ، قال : حدثنا مكرم بن أحمد فذكره .

                                                                          [ ص: 424 ] وقال محمد بن سعد العوفي ، سمعت يحيى بن معين يقول : كان أبو حنيفة ثقة ، لا يحدث بالحديث إلا بما يحفظه ، ولا يحدث بما لا يحفظ .

                                                                          وقال صالح بن محمد الأسدي الحافظ ، سمعت يحيى بن معين يقول : كان أبو حنيفة ثقة في الحديث .

                                                                          وقال أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز ، عن يحيى بن معين : كان أبو حنيفة لا بأس به .

                                                                          وقال مرة : كان أبو حنيفة عندنا من أهل الصدق ، ولم يتهم بالكذب ، ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء فأبى أن يكون قاضيا .

                                                                          وبالإسناد المذكور إلى أبي بكر الحافظ ، قال : أخبرنا الحسن بن محمد الخلال ، قال : أخبرنا علي بن عمرو الحريري أن القاضي أبا القاسم علي بن محمد بن كأس النخعي حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن محمود الصيدناني ، قال : حدثنا محمد بن شجاع ابن الثلجي ، قال : حدثنا الحسن بن أبي مالك ، عن أبي يوسف قال ، قال أبو حنيفة : لما أردت طلب العلم جعلت أتخير العلوم ، وأسأل عن عواقبها ، فقيل : تعلم القرآن فقلت إذا تعلمت القرآن وحفظته فما يكون آخره ، قالوا : تجلس في المسجد ويقرأ عليك الصبيان والأحداث ، ثم لا تلبث أن يخرج فيهم من هو أحفظ منك أو يساويك في الحفظ ، فتذهب رئاستك ، قلت : فإن [ ص: 425 ] سمعت الحديث ، وكتبته حتى لم يكن في الدنيا أحفظ مني ، قالوا : إذا كبرت ، وضعفت حدثت واجتمع عليك الأحداث والصبيان ، ثم لم تأمن أن تغلط فيرموك بالكذب ، فيصير عارا عليك في عقبك ، فقلت لا حاجة لي في هذا ، ثم قلت : أتعلم النحو ، فقلت : إذا حفظت النحو والعربية ما يكون آخر أمري ، قالوا : تقعد معلما فأكثر رزقك ديناران إلى الثلاثة ، قلت : وهذا لا عاقبة له ، قلت : فإن نظرت في الشعر فلم يكن أحد أشعر مني ما يكون أمري ، قالوا : تمدح هذا فيهب لك أو يحملك على دابة ، أو يخلع عليك خلعة ، وإن حرمك هجوته ، فصرت تقذف المحصنات ، فقلت : لا حاجة لي في هذا ، قلت : فإن نظرت في الكلام ما يكون آخره ، قالوا : لا يسلم من نظر في الكلام من مشنعات الكلام ، فيرمى بالزندقة ، فإما أن تؤخذ فتقتل ، وإما أن تسلم ، فتكون مذموما ملوما ، قلت : فإن تعلمت الفقه ، قالوا : تسأل وتفتي الناس ، وتطلب للقضاء ، وإن كنت شابا ، قلت : ليس في العلوم شيء أنفع من هذا ، فلزمت الفقه وتعلمته .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري أن [ ص: 426 ] النخعي حدثهم ، قال : حدثني جعفر بن محمد بن خازم ، قال : حدثنا الوليد بن حماد عن الحسن بن زياد ، عن زفر بن الهذيل ، قال : سمعت أبا حنيفة يقول : كنت أنظر في الكلام حتى بلغت فيه مبلغا يشار إلي فيه بالأصابع ، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان ، فجاءتني امرأة يوما ، فقالت لي : رجل له امرأة أمة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها؟ فلم أدر ما أقول فأمرتها أن تسأل حمادا ثم ترجع فتخبرني فسألت حمادا فقال : يطلقها وهي طاهر من الحيض والجماع تطليقة ثم يتركها حتى تحيض حيضتين ، فإذا اغتسلت فقد حلت للأزواج ، فرجعت ، فأخبرتني فقلت : لا حاجة لي في الكلام ، وأخذت نعلي فجلست إلى حماد ، فكنت أسمع مسائله ، فأحفظ قوله ثم يغيرها من الغد ، فأحفظها ويخطئ أصحابه ، فقال : لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة ، فصحبته عشر سنين ثم نازعتني نفسي الطلب للرئاسة ، فأحببت أن أعتزله ، وأجلس في حلقة لنفسي ، فخرجت يوما بالعشي وعزمي أن أفعل ، فلما دخلت المسجد فرأيته لم تطب نفسي أن أعتزله ، فجئت فجلست معه ، فجاءه في تلك الليلة نعي قرابة له قد مات بالبصرة ، وترك مالا وليس له وارث غيره ، فأمرني أن أجلس مكانه ، فما هو إلا أن خرج حتى وردت علي مسائل لم أسمعها منه ، فكنت أجيب وأكتب جوابي ، [ ص: 427 ] فغاب شهرين ثم قدم فعرضت عليه المسائل وكانت نحوا من ستين مسألة ، فوافقني في أربعين وخالفني في عشرين فآليت على نفسي أن لا أفارقه حتى يموت ، فلم أفارقه حتى مات .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد ، قال : حدثنا الوليد بن بكر الأندلسي ، قال : حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي ، قال : حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي ، قال : حدثني أبي قال : قال أبو حنيفة : قدمت البصرة فظننت أني لا أسأل عن شيء إلا أجبت فيه ، فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب ، فجعلت على نفسي أن لا أفارق حمادا حتى يموت ، فصحبته ثماني عشرة سنة .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن عمر الداوودي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب المقرئ ، قال : حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي ، قال : حدثني شعيب بن أيوب ، قال : حدثنا أبو يحيى الحماني ، قال : سمعت أبا حنيفة ، يقول : رأيت رؤيا فأفزعتني رأيت كأني أنبش قبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتيت البصرة ، فأمرت رجلا يسأل محمد بن سيرين ، فسأله فقال هذا رجل ينبش أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : حدثنا محمد [ ص: 428 ] ابن أحمد بن الحسن الصواف ، قال : حدثنا محمود بن محمد المروزي ، قال : حدثنا حامد بن آدم ، قال : حدثناأبو وهب محمد بن مزاحم ، قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : لولا أن الله عز وجل أغاثني بأبي حنيفة ، وسفيان كنت كسائر الناس .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن القاسم الشاهد بالبصرة ، قال : حدثنا علي بن إسحاق المادرائي ، قال : أخبرنا أحمد بن زهير إجازة ، قال أخبرني سليمان بن أبي شيخ .

                                                                          ( ح ) ، قال : وأخبرني أبو بشر الوكيل ، وأبو الفتح الضبي قالا : حدثنا عمر بن أحمد الواعظ ، قال : حدثنا الحسين بن أحمد بن صدقة الفرائضي ، وهذا لفظ حديثه ، قال : حدثنا أحمد بن أبي خيثمة ، قال : حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثني حجر بن عبد الجبار ، قال : قيل للقاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود : ترضى أن تكون من غلمان أبي حنيفة؟ قال : ما جلس الناس إلى أحد أنفع من مجالسة أبي حنيفة ، وقال له القاسم : تعال معي إليه فجاء ، فلما جاء إليه لزمه ، وقال : ما رأيت مثل هذا .

                                                                          زاد الفرائضي قال سليمان : وكان أبو حنيفة ورعا سخيا .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا البرقاني ، قال : حدثنا أبو العباس بن [ ص: 429 ] حمدان لفظا ، قال : حدثنا محمد بن أيوب ، قال : حدثنا أحمد بن الصباح ، قال : سمعت الشافعي محمد بن إدريس قال : قيل لمالك بن أنس : هل رأيت أبا حنيفة؟ قال : نعم رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا لقام بحجته ،

                                                                          وبه ، قال : حدثني الصوري ، قال : أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضي بمصر ، قال : حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان الطرسوسي ، قال : حدثنا عبد الله بن جابر البزاز ، قال : سمعت جعفر بن محمد بن عيسى بن نوح يقول : سمعت محمد بن عيسى ابن الطباع يقول ، سمعت روح بن عبادة يقول : كنت عند ابن جريج سنة خمسين - يعني ومائة - وأتاه موت أبي حنيفة ، فاسترجع وتوجع ، وقال : أي علم ذهب قال : ومات فيها ابن جريج .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن علي بن عفان ، قال : حدثنا ضرار بن صرد ، قال : سئل يزيد بن هارون : أيما أفقه أبو حنيفة أو سفيان؟ قال : سفيان أحفظ للحديث ، وأبو حنيفة أفقه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن علي بن عفان ، قال : حدثنا أبو كريب ، قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول .

                                                                          ( ح ) ، قال : وأخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال : [ ص: 430 ] أخبرنا محمد بن نعيم الضبي ، قال : حدثني أبو سعيد محمد بن الفضل المذكر ، قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن سعيد المروزي ، قال : حدثنا أبو حمزة يعلى بن حمزة ، قال : سمعت أبا وهب محمد بن مزاحم يقول : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : رأيت أعبد الناس ، ورأيت أورع الناس ، ورأيت أعلم الناس ، ورأيت أفقه الناس ، فأما أعبد الناس فعبد العزيز بن أبي رواد ، وأما أورع الناس فالفضيل بن عياض ، وأما أعلم الناس فسفيان الثوري ، وأما أفقه الناس فأبو حنيفة ، ثم قال : ما رأيت في الفقه مثله .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل القطان ، قال : أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم أبو حمزة المروزي ، قال : سمعت ابن أعين أبا الوزير المروزي قال قال عبد الله - يعني ابن المبارك - إذا اجتمع سفيان ، وأبو حنيفة فمن يقوم لهما على فتيا .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسين بن علي بن محمد المعدل ، قال : حدثنا علي بن الحسن الرازي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثنا الوليد بن شجاع ، قال : حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ، قال : كان عبد الله بن المبارك يقول : إذا اجتمع هذان على شيء فذاك قوي - يعني الثوري وأبا حنيفة .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا محمد [ ص: 431 ] ابن إبراهيم بن علي ، قال : حدثنا أبو عروبة الحراني ، قال : سمعت سلمة بن شبيب يقول ، سمعت عبد الرزاق يقول ، سمعت ابن المبارك يقول : إن كان أحد ينبغي له أن يقول برأيه فأبو حنيفة ينبغي له أن يقول برأيه .

                                                                          وبه ، قال : حدثني عبد الباقي بن عبد الكريم ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الخلال ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثني علي بن أبي الربيع ، قال : سمعت بشر بن الحارث يقول ، سمعت عبد الله بن داود .

                                                                          ( ح ) ، قال جدي : وحدثنيه إبراهيم بن هاشم ، قال بشر : حدثنيه ، عن ابن داود قال : إذا أردت الآثار ، أو قال الحديث ، وأحسبه قال : والورع فسفيان ، وإذا أردت تلك الدقائق فأبو حنيفة .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم ، قال : حدثنا عمر بن شهاب العبدي ، قال : حدثنا جندل بن والق ، قال : حدثني محمد بن بشر قال : كنت أختلف إلى أبي حنيفة ، وإلى سفيان فآتي أبا حنيفة ، فيقول لي : من أين جئت؟ فأقول : من عند سفيان ، فيقول : لقد جئت من عند رجل لو أن علقمة والأسود حضرا لاحتاجا إلى مثله ، فآتي سفيان فيقول : من أين جئت؟ ، فأقول : من عند أبي حنيفة ، فيقول : لقد جئت من عند أفقه أهل الأرض .

                                                                          [ ص: 432 ] وبه ، قال : أخبرنا علي بن القاسم البصري ، قال : حدثنا علي بن إسحاق المادرائي ، قال : حدثنا أبو قلابة ، قال : حدثنا بكر بن يحيى بن زبان ، عن أبيه ، قال : قال لي أبو حنيفة : يا أهل البصرة أنتم أورع منا ، ونحن أفقه منكم .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا إبراهيم بن عبد الله الأصبهاني ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : حدثنا الجوهري ، قال : حدثنا أبو نعيم قال : كان أبو حنيفة صاحب غوص في المسائل .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الجوهري ، قال : أخبرنا محمد بن عمران المرزباني ، قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد الخصيبي ، قال : حدثني أبو مسلم الكجي إبراهيم بن عبد الله ، قال : حدثني محمد بن سعيد أبو عبد الله الكاتب ، قال : سمعت عبد الله بن داود الخريبي يقول : يجب على أهل الإسلام أن يدعوا الله لأبي حنيفة في صلاتهم ، قال : وذكر حفظه عليهم السنن والفقه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري ، أن النخعي حدثهم ، قال : حدثنا إبراهيم بن مخلد البلخي ، قال : حدثنا أحمد بن محمد البلخي ، قال : سمعت شداد بن حكيم يقول : ما رأيت أعلم من أبي حنيفة .

                                                                          [ ص: 433 ] وقال النخعي ، حدثنا إسماعيل بن محمد الفارسي ، قال : سمعت مكي بن إبراهيم ذكر أبا حنيفة فقال : كان أعلم أهل زمانه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا العتيقي ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن نصر بن محمد الدمشقي بها ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أحمد بن علي بن سعيد القاضي ، قال : سمعت يحيى بن معين يقول ، سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول : لا نكذب الله ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة ، وقد أخذنا بأكثر أقواله ، قال يحيى بن معين : وكان يحيى بن سعيد يذهب في الفتوى إلى قول الكوفيين ، ويختار قوله من أقوالهم ، ويتبع رأيه من بين أصحابه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن علي ، قال : سمعت حمزة بن علي البصري يقول ، سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : الناس عيال على أبي حنيفة في الفقه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد بن يوسف الواعظ ، قال : حدثنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق ، قال : حدثنا إبراهيم بن محمد بن أحمد أبو إسحاق البخاري [ ص: 434 ] ، قال : حدثنا عباس بن عزير أبو الفضل القطان ، قال : حدثنا حرملة بن يحيى ، قال : سمعت محمد بن إدريس الشافعي يقول : الناس عيال على هؤلاء الخمسة ، من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة ، قال : وسمعته - يعني الشافعي يقول : كان أبو حنيفة ممن وفق له الفقه ، ومن أراد أن يتبحر في الشعر فهو عيال على زهير بن أبي سلمى ، ومن أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق ، ومن أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي ، ومن أراد أن يتبحر في تفسير القرآن فهو عيال على مقاتل بن سليمان .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن المحسن المعدل ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب الكاغدي ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي البخاري ببخارى ، قال : حدثنا أحمد بن الحسين البلخي ، قال : حدثنا حماد بن قريش ، قال : سمعت أسد بن عمرو يقول : صلى أبو حنيفة فيما حفظ عليه صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة ، فكان عامة الليل يقرأ جميع القرآن في ركعة واحدة ، وكان يسمع بكاؤه بالليل حتى يرحمه جيرانه ، وحفظ عليه أنه ختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعين ألف مرة .

                                                                          [ ص: 435 ] وبه ، قال : أخبرنا الحسين بن محمد ، أخو الخلال ، قال : حدثنا إسحاق بن محمد بن حمدان المهلبي ببخارى ، قال : حدثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب ، قال : حدثنا قيس بن أبي قيس ، قال : حدثنا محمد بن حرب المروزي ، قال : حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ، عن أبيه قال : لما مات أبي سألنا الحسن بن عمارة أن يتولى غسله ، ففعل فلما غسله قال : رحمك الله غفر لك لم تفطر منذ ثلاثين سنة ، ولم يتوسد يمينك بالليل منذ أربعين سنة ، وقد أتعبت من بعدك ، وفضحت القراء .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم ، قال : حدثنا محمد بن الحسن بن مكرم ، قال : حدثنا بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال : بينا أنا أمشي مع أبي حنيفة إذ سمعت رجلا يقول لرجل : هذا أبو حنيفة لا ينام الليل فقال أبو حنيفة : والله لا يتحدث عني بما لم أفعل ، فكان يحيي الليل صلاة ودعاء وتضرعا .

                                                                          وقال النخعي أيضا ، حدثنا محمد بن علي بن عفان ، قال : حدثنا علي بن حفص البزاز ، قال : سمعت حفص بن عبد الرحمن يقول ، سمعت مسعر بن كدام يقول : دخلت ذات ليلة المسجد [ ص: 436 ] فرأيت رجلا يصلي ، فاستمليت قراءته ، فقرأ سبعا ، فقلت : يركع ثم قرأ الثلث ثم النصف ، فلم يزل يقرأ القرآن حتى ختمه كله في ركعة ، فنظرت فإذا ، هو أبو حنيفة .

                                                                          وقال النخعي أيضا ، حدثنا إبراهيم بن مخلد البلخي ، قال : حدثنا إبراهيم بن رستم المروزي ، قال : سمعت خارجة بن مصعب يقول : ختم القرآن في ركعة أربعة من الأئمة عثمان بن عفان ، وتميم الداري ، وسعيد بن جبير ، وأبو حنيفة .

                                                                          قال : وقال إبراهيم بن مخلد : حدثنا أحمد بن يحيى الباهلي ، قال : حدثنا يحيى بن نصر قال : كان أبو حنيفة ربما ختم القرآن في شهر رمضان ستين ختمة !

                                                                          وقال النخعي أيضا : حدثنا سليمان بن الربيع ، قال : حدثنا حبان بن موسى ، قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : قدمت الكوفة ، فسألت عن أورع أهلها فقالوا : أبو حنيفة قال : وقال سليمان بن الربيع : سمعت مكي بن إبراهيم يقول : جالست الكوفيين فما رأيت منهم أورع من أبي حنيفة .

                                                                          وقال النخعي أيضا : حدثنا الحسين بن الحكم الحبري [ ص: 437 ] ، قال : حدثنا علي بن حفص البزاز قال : كان حفص بن عبد الرحمن شريك أبي حنيفة ، وكان أبو حنيفة يجهز عليه ، فبعث إليه في رفقة بمتاع ، وأعلمه أن في ثوب كذا وكذا عيبا فإذا بعته فبين ، فباع حفص المتاع ، ونسي أن يبين ، ولم يعلم ممن باعه ، فلما علم أبو حنيفة تصدق بثمن المتاع كله .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسن بن أبي بكر ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ، قال : حدثنا محمود بن محمد المروزي ، قال : سمعت حامد بن آدم يقول ، سمعت عبد الله بن المبارك يقول : ما رأيت أحدا أورع من أبي حنيفة ، وقد جرب بالسياط والأموال .

                                                                          قال : وقال محمود بن محمد المروزي : سمعت إبراهيم بن عبد الله الخلال ذكروا له عن حامد بن آدم أنه قال : سمعت عبد الله بن المبارك يقول : ما رأيت أحدا أورع من أبي حنيفة ، فقال : من رأيي أن أخرج إلى حامد في هذا الحديث الواحد أسمعه منه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي ، قال : حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن حماد بن سفيان بالكوفة ، قال : حدثنا الحسين بن محمد بن الفرزدق الفزاري ، قال : حدثنا أبو عبد الله عمرو بن أحمد بن عمرو بن السرح بمصر ، قال : حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي الكوفي ، [ ص: 438 ] قال : حدثنا علي بن معبد ، قال : حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي ، قال : كلم ابن هبيرة أبا حنيفة أن يلي قضاء الكوفة ، فأبى عليه ، فضربه مائة سوط وعشرة أسواط في كل يوم عشرة أسواط ، وهو على الامتناع ، فلما رأى ذلك خلى سبيله .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا التنوخي ، قال : حدثنا أحمد بن عبد الله الدوري ، قال : أخبرنا أحمد بن القاسم بن نصر ، أخو أبي الليث الفرائضي ، قال : حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثني الربيع بن عاصم مولى بني فزارة قال : أرسلني يزيد بن عمر بن هبيرة ، فقدمت بأبي حنيفة ، فأراده على بيت المال ، فأبى فضربه أسواطا .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الخلال ، قال : أخبرنا الحريري أن النخعي حدثهم ، قال : حدثنا سوادة بن علي ، قال : حدثنا خارجة بن مصعب بن خارجة ، قال : سمعت مغيث بن بديل يقول : قال خارجة بن مصعب : أجاز المنصور أبا حنيفة بعشرة آلاف درهم ، فدعي ليقبضها ، فشاورني ، وقال : هذا رجل إن رددتها عليه غضب ، وإن قبلتها دخل علي في ديني ما أكره ، فقلت : إن هذا المال عظيم في عينه ، فإذا دعيت لتقبضها فقل : لم يكن هذا أملي من أمير المؤمنين فدعي ليقبضها فقال ذلك فرفع إليه خبره فحبس الجائزة . قال : فكان أبو حنيفة لا يكاد يشاور في أمره غيري .

                                                                          [ ص: 439 ] وقال النخعي أيضا ، حدثنا محمد بن علي بن عفان ، قال : حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ، قال : سمعت يزيد بن هارون يقول : أدركت الناس فما رأيت أحدا أعقل ، ولا أفضل ، ولا أورع من أبي حنيفة .

                                                                          وقال النخعي أيضا : حدثنا أبو قلابة ، قال : سمعت محمد بن عبد الله الأنصاري قال : كان أبو حنيفة يتبين عقله في منطقه ، ومشيه ، ومدخله ، ومخرجه .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسين بن علي الحنيفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن الرازي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثنا أحمد بن زهير ، قال : حدثنا سليمان بن أبي شيخ ، قال : حدثني حجر بن عبد الجبار قال : ما رأى الناس أكرم مجالسة من أبي حنيفة ، ولا إكراما لأصحابه قال حجر : كان يقال : إن ذوي الشرف أتم عقولا من غيرهم .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان ، قال : حدثنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدثنا سهل بن عثمان ، قال : حدثنا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة قال : كان لنا جار طحان رافضي ، وكان له بغلان سمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر فرمحه ذات ليلة أحدهما [ ص: 440 ] فقتله ، فأخبر أبو حنيفة فقال : انظروا البغل الذي رمحه الذي سماه عمر ، فنظروا فكان كذلك ! .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الحسين بن علي الحنيفي ، قال : حدثنا علي بن الحسن الرازي ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني ، قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : أخبرني سليمان بن أبي شيخ قال : قال مساور الوراق :


                                                                          كنا من الدين قبل اليوم في سعة حتى ابتلينا بأصحاب المقاييس .

                                                                              قاموا من السوق إذ قلت مكاسبهم
                                                                          فاستعملوا الرأي عند الفقر والبؤس .

                                                                              أما العريب فأمسوا لا عطاء لهم
                                                                          وفي الموالي علامات المغاليس

                                                                          .

                                                                          فلقيه أبو حنيفة فقال : هجوتنا نحن نرضيك فبعث إليه بدراهم فقال .


                                                                          إذا ما أهل مصر بادهونا     بداهية من الفتيا لطيفة
                                                                          .

                                                                          أتيناهم بمقياس صحيح     صليب من طراز أبي حنيفة
                                                                          .

                                                                          إذا سمع الفقيه به حواه     وأثبته بحبر في صحيفة

                                                                          .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو القاسم الأزهري ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، قال : حدثنا جدي قال : أملى علي بعض أصحابنا أبياتا مدح بها عبد الله بن المبارك أبا حنيفة : [ ص: 441 ]

                                                                          رأيت أبا حنيفة كل يوم     يزيد نبالة ويزيد خيرا
                                                                          .

                                                                          وينطق بالصواب ويصطفيه     إذا ما قال أهل الجور جورا
                                                                          .

                                                                          يقايس من يقايسه بلب     فمن ذا تجعلون له نظيرا
                                                                          .

                                                                          كفانا فقد حماد وكانت     مصيبتنا به أمرا كبيرا
                                                                          .

                                                                          فرد شماتة الأعداء عنا     وأبدى بعده علما كثيرا
                                                                          .

                                                                          رأيت أبا حنيفة حين يؤتى     ويطلب علمه بحرا غزيرا
                                                                          إذا ما المشكلات تدافعتها     رجال العلم كان بها بصيرا

                                                                          .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا علي بن القاسم البصري الشاهد ، قال : حدثنا علي بن إسحاق المادرائي قال ذكر أبو داود - يعني السجستاني ولم أسمعه منه - عن نصر بن علي ، قال : سمعت ابن داود يقول : الناس في أبي حنيفة حاسد وجاهل وأحسنهم عندي حالا الجاهل .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي ، قال : حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن إبراهيم القاضي بالأهواز ، قال : حدثني محمد بن محمد بن عزرة ، قال : حدثنا أبو الربيع الحارثي ، قال : سمعت عبد الله بن داود يقول : الناس في أبي حنيفة رجلان جاهل به وحاسد له .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا الأهوازي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق [ ص: 442 ] القاضي ، قال : حدثنا محمود بن محمد الواسطي ، قال : حدثنا سفيان بن وكيع ، قال : سمعت أبي يقول : دخلت على أبي حنيفة فرأيته مطرقا مفكرا ، فقال لي : من أين أقبلت من عند شريك؟ ، ورفع رأسه وأنشأ يقول :

                                                                          إن يحسدوني فإني غير لائمهم     قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
                                                                          .

                                                                          فدام لي ولهم ما بي وما بهم     ومات أكثرنا غيظا بما يجد

                                                                          .

                                                                          قال وكيع : وأظنه كان بلغه عنه شيء .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ، قال : أخبرنا أحمد بن شعيب البخاري ، قال : حدثنا علي بن موسى القمي ، قال : حدثني أحمد بن عبد ، قاضي الري ، قال : حدثنا أبي قال : كنا عند ابن عائشة فذكر حديثا لأبي حنيفة ، فقال بعض من حضر : لا نريده فقال لهم : أما إنكم لو رأيتموه لأردتموه ، وما أعرف له ولكم مثلا إلا ما قال الشاعر :

                                                                          أقلوا عليهم ويلكم لا أبا لكم من اللوم     أو سدوا المكان الذي سدوا

                                                                          .

                                                                          وبه قال أخبرني عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر [ ص: 443 ] المؤدب ، قال : أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الخلال ، قال : حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب ، قال : حدثنا جدي ، قال : حدثني أحمد بن سهل ، قال : سمعت يحيى بن أيوب ، قال : سمعت يزيد بن هارون يقول : وذكر أبا حنيفة فقال : أبو حنيفة رجل من الناس خطؤه كخطأ الناس وصوابه كصواب الناس .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي ، قال : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، قال : حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، قال : حدثنا يحيى بن معين ، قال : سمعت عبيد بن أبي قرة يقول ، سمعت يحيى بن ضريس يقول : شهدت سفيان وأتاه رجل فقال له : ما تنقم على أبي حنيفة؟ قال : وما له؟ قال سمعته يقول آخذ بكتاب الله فما لم أجد فبسنة رسول الله ، فما لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله أخذت بقول أصحابه ، آخذ بقول من شئت منهم ، وأدع من شئت منهم ، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم ، فأما إذا انتهى الأمر أو جاء إلى إبراهيم والشعبي ، وابن سيرين ، والحسن ، وعطاء ، وسعيد بن المسيب ، وعدد رجالا ، فقوم اجتهدوا فأجتهد كما اجتهدوا . قال : فسكت سفيان طويلا ثم قال كلمات برأيه ما بقي أحد في المجلس إلا كتبه نسمع الشديد من [ ص: 444 ] الحديث فنخافه ، ونسمع اللين فنرجوه ، ولا نحاسب الأحياء ، ولا نقضي على الأموات ، نسلم ما سمعنا ، ونكل ما لا نعلم إلى عالمه ، ونتهم رأينا لرأيهم .

                                                                          قد ذكرنا فيما مضى أن مولد أبي حنيفة كان في سنة ثمانين ، وذكرنا عن روح بن عبادة ، وغيره أن وفاته كانت في سنة خمسين ومائة .

                                                                          وكذلك ، قال أبو نعيم ، والهيثم بن عدي ، وقعنب بن المحرر ، وسعيد بن كثير بن عفير في آخرين ، وهو المحفوظ .

                                                                          زاد ابن عفير في رجب .

                                                                          وزاد الهيثم ببغداد .

                                                                          وقال أبو بكر بن أبي خيثمة ، عن يحيى بن معين : مات سنة إحدى وخمسين ومائة .

                                                                          وقال مكي بن إبراهيم البلخي : مات سنة ثلاث وخمسين ومائة ، ولقيته بالكوفة ، وببغداد ، وبمكة .

                                                                          وقال أحمد بن عبد الله الأسلمي : حدثنا الحسن بن يوسف [ ص: 445 ] الرجل الصالح ، قال يوم مات أبو حنيفة : صلي عليه ست مرات من كثرة الزحام آخرهم صلى عليه ابنه حماد ، وغسله الحسن بن عمارة ورجل آخر .

                                                                          روى له الترمذي في كتاب "العلل" من "جامعه" قوله : ما رأيت أحدا أكذب من جابر الجعفي ، ولا أفضل من عطاء بن أبي رباح .

                                                                          وروى له النسائي حديث أبي رزين ، عن ابن عباس قال : ليس على من أتى بهيمة حد .

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية