الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            639 - أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد الحميدي ، أنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ، نا محمد بن إسماعيل السلمي، نا أبو نعيم ، حدثنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع ، [ ص: 124 ] عن أنس، قال: "ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا".

                                                                            قال الحاكم: وإسناد هذا الحديث حسن.

                                                                            وروى شعبة ، عن عمرو بن مرة ، قال: سمعت ابن أبي ليلى ، يحدث عن البراء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، "أنه كان يقنت في الصبح".

                                                                            وعن الأسود قال: "صليت خلف عمر في السفر والحضر ما لا أحصي، فكان يقنت في صلاة الفجر".

                                                                            وقال عرفجة: "صليت مع ابن مسعود صلاة الفجر، فلم يقنت، وصليت مع علي فقنت".

                                                                            وقال أحمد، وإسحاق : لا يقنت في صلاة الفجر إلا عند نازلة [ ص: 125 ] تنزل بالمسلمين، فيدعو الإمام لجيوش المسلمين.

                                                                            وقال سفيان الثوري : إن قنت في الصبح فحسن، واختار ترك القنوت فيها. [ ص: 126 ] .

                                                                            ومحل القنوت في الصبح بعد الركوع عند أكثر من يختار القنوت فيها، وقال عروة: يقنت قبل الركوع بعد القراءة.

                                                                            وروي عن حميد " أن أنسا سئل عن القنوت في صلاة الصبح أقبل الركوع، أم بعده؟ فقال: بل كنا نفعله قبل وبعد ".

                                                                            قلت: ويجهر بالقنوت، لحديث أبي هريرة ، "ويؤمن من خلفه"، لحديث ابن عباس .

                                                                            أما القنوت في الوتر، فقد اختلفوا فيه، وفي موضعه، فذهب قوم إلى أنه يقنت فيها جميع السنة، وهو قول عبد الله بن مسعود ، وبه قال إبراهيم النخعي ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وابن المبارك، وإسحاق ، وأصحاب الرأي، وقالوا: يقنت قبل الركوع بعد القراءة.

                                                                            وذهب قوم إلى أنه لا يقنت في الوتر إلا في النصف الآخر من شهر رمضان، وكذلك فعل أبي بن كعب ، وابن عمر ، ومعاذ القارئ، وبه قال الزهري ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد، ومحله بعد الركوع.

                                                                            روي عن علي بن أبي طالب "أنه كان يقنت بعد الركوع"، [ ص: 127 ] وروي عن ابن مسعود "أنه كان يرفع يديه في القنوت إلى ثدييه"، وعن عمر في قنوت الصبح، وعن أبي هريرة ، "أنه كان يرفع يديه في قنوته في شهر رمضان"، وروى نافع، عن ابن عمر ، "أنه كان لا يقنت في شيء من الصلاة". [ ص: 128 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية