الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب البداءة بالطعام إذا حضر وإن أقيمت الصلاة.

                                                                            800 - أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي، أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، أنا أبو محمد حاجب بن أحمد الطوسي، حدثنا عبد الرحيم بن منيب، نا سفيان، عن الزهري ، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إذا حضر العشاء، وأقيمت الصلاة، فابدؤوا بالعشاء".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن عمرو الناقد، وغيره، عن سفيان بن عيينة ، وأخرجاه من طرق، عن الزهري ، وعن عائشة ، وابن عمر .

                                                                            وروي عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " جمع عليه ثيابه، ثم خرج إلى الصلاة، فأتي بهدية: خبز، ولحم، فأكل ثلاث لقم، ثم صلى بالناس، وما مس ماء ".

                                                                            هذا حديث صحيح. [ ص: 356 ] .

                                                                            والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: أبو بكر ، وعمر، وابن عمر : أنه يبدأ بالعشاء وإن فاتته الجماعة، وكان ابن عمر يوضع له الطعام، وتقام الصلاة، فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه يسمع قراءة الإمام.

                                                                            وكان ابن عباس ، وأبو هريرة يأكلان طعاما وشواء، فجاء المؤذن ليقيم، فقال ابن عباس : لا تعجل حتى نأكل هذا الشواء، ولا نقوم إلى الصلاة وفي أنفسنا شيء.

                                                                            قال أبو الدرداء: من فقه المرء إقباله على حاجته حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ.

                                                                            قلت: هذا إذا كانت نفسه شديدة التوقان إلى الطعام، وكان في الوقت سعة، فأما إذا كان متماسكا في نفسه لا يزعجه الجوع، [ ص: 357 ] ولا تنازعه شهوة الطعام، فلا يعجله عن إيفاء حق الصلاة، فيبدأ بالصلاة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، "كان يحتز من كتف شاة، فدعي إلى الصلاة، فألقاها، ثم قام فصلى".

                                                                            وروي عن جابر، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يؤخر الصلاة لطعام، ولا لغيره".

                                                                            وهذا في حق المتماسك في نفسه، أو إذا كان في الوقت ضيق يخاف فوته، فيبدأ بالصلاة، والله أعلم.

                                                                            قال وكيع : إنما يبدأ بالعشاء إذا كان طعاما يخاف فساده. [ ص: 358 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية