الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            574 - أخبرنا أبو الحسن طاهر بن الحسين بن محمد الروقي الطوسي بها، أنا أبو الحسين محمد بن يعقوب ، أنا محمد بن محمد بن يوسف ، نا الحسن بن سفيان، نا محمد بن عبيد بن حساب، وأبو كامل، قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد ، نا عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، [ ص: 40 ] عن أبي هريرة ، قال: " سكت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين التكبير والقراءة إسكاتة، قال: حسبته قال: هنيهة، قال: قلت: بأبي وأمي يا رسول الله، أرأيت إسكاتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج، والماء، والبرد ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن موسى بن إسماعيل ، وأخرجه مسلم عن أبي كامل الجحدري، كلاهما عن عبد الواحد بن زياد .

                                                                            قوله إسكاتك: إفعال من السكوت، ولم يرد به ترك الكلام، بل أراد ترك رفع الصوت بالكلام.

                                                                            وقوله: "اغسلني بالثلج، والماء، والبرد" أي: طهرني من الذنوب، وذكر كله، مبالغة في مسألة التطهير، لا أنه يحتاج إلى ثلج وبرد. [ ص: 41 ] .

                                                                            قلت: ويروى عن عبد الواحد بن زياد بهذا الإسناد، عن أبي هريرة : "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية، استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت".

                                                                            وروي عن قتادة ، عن الحسن، عن سمرة بن جندب ، " أنه حفظ سكتتين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من قراءة ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) ".

                                                                            وقال يونس، عن الحسن: سكتة إذا كبر، وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب، وسورة عند الركوع، فأنكر ذلك عمران بن حصين ، فكتبوا [ ص: 42 ] في ذلك إلى المدينة إلى أبي بن كعب ، فصدق سمرة.

                                                                            قلت: وذهب إلى هذا قوم من أهل العلم، منهم: الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق يستحبون أن يسكت الإمام هاتين السكتتين بعد التكبير، وبعد قراءة فاتحة الكتاب حتى يقرأ من خلفه، ولا ينازعوه القراءة.

                                                                            وكان قتادة يعجبه إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه.

                                                                            وقال مالك وأصحاب الرأي: السكتة مكروهة. [ ص: 43 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية