الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب القعود بين السجدتين.

                                                                            661 - أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن علي الكركاني الطوسي بها، نا عبد الله بن يوسف الأصفهاني، أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة ، أنا الحسن بن محمد الزعفراني، نا يزيد بن هارون ، أنا إسرائيل، نا أبو إسحاق ، عن الحارث، عن علي، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا علي، أحب لك ما أحب لنفسي، وأكره لك ما أكره لنفسي، لا تقرأ وأنت راكع، ولا وأنت ساجد، ولا تصل وأنت عاقص شعرك، فإنه كفل الشيطان، ولا تقع بين السجدتين، ولا تعبث بالحصا، ولا تفترش ذراعيك، ولا تفتح على الإمام، ولا تختم بالذهب، ولا تلبس القسي، ولا تركب على المياثر". [ ص: 155 ] .

                                                                            قال أبو عيسى : قد ضعف بعض أهل العلم الحارث الأعور.

                                                                            قلت: هذا الحديث فيه فوائد، منها النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، وأن لا يصلي عاقص الشعر، بل يرسله حتى يسقط على موضع سجوده، كما رويناه عن ابن عباس ، "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكفت منه الشعر والثياب".

                                                                            ومنها كراهية الإقعاء بين السجدتين، وعليه أكثر أهل العلم، وقد صح عن عائشة ، قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن عقبة الشيطان، والإقعاء".

                                                                            قال أبو عبيدة : هو جلوس الإنسان على أليتيه ناصبا فخذيه، واضعا يديه بالأرض مثل إقعاء الكلب والسبع، وليس هذا معنى الحديث من الإقعاء، وتفسير أصحاب الحديث في عقبة الشيطان وفي الإقعاء واحد، وهو أن يضع أليتيه على عقبيه، ويقعد مستوفزا غير مطمئن إلى الأرض، [ ص: 156 ] وذهب بعض أهل العلم إلى الإقعاء بين السجدتين، قال طاوس : قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين؟ قال: "هي السنة".

                                                                            قال طاوس : رأيت العبادلة يفعلون ذلك: عبد الله بن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير .

                                                                            قال أبو سليمان الخطابي: وقد روي عن ابن عمر أنه قال لبنيه: لا تقتدوا بي في الإقعاء، فإني إنما فعلت هذا حين كبرت.

                                                                            وروي عن ابن عمر ، أنه كان يقعي في الصلاة ويثري، معناه: أنه كان يضع يديه بالأرض بين السجدتين، فلا يفارقان الأرض حتى يعيد السجود، وهكذا يفعل من أقعى، وكان يفعل ذلك حين كبرت سنه، قال الخطابي: ويشبه أن يكون حديث الإقعاء منسوخا.

                                                                            والأحاديث الثابتة في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أبي حميد ، ووائل بن حجر: أنه قعد بين السجدتين مفترشا قدمه اليسرى، وقد رويت الكراهية في الإقعاء عن جماعة من الصحابة، وكرهه النخعي ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق ، وأصحاب الرأي، وعامة أهل العلم. [ ص: 157 ] .

                                                                            قلت: ومن فوائد الحديث كراهية مسح الحصى في الصلاة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية