الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            726 - أخبرنا عمر بن عبد العزيز ، أنا القاسم بن جعفر ، أنا أبو علي اللؤلؤي، نا أبو داود ، نا مسدد ، نا يحيى، عن حجاج الصواف، حدثني يحيى بن أبي كثير ، عن هلال بن أبي ميمونة ، عن عطاء بن يسار ، عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، [ ص: 238 ] فعطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثكل أماه، ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون أيديهم على أفخاذهم، فعرفت أنهم يصمتونني، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي ما ضربني، ولا كهرني، ولا سبني، ثم قال: "إن هذه الصلاة لا يحل فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح، والتكبير، وقراءة القرآن"، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله، إنا قوم حديث عهد بجاهلية، وقد جاءنا الله بالإسلام، ومنا رجال يأتون الكهان، قال: "فلا تأتهم"، قال: قلت: ومنا رجال يتطيرون؟ قال: "ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدهم"، قلت: ومنا رجال يخطون، قال: "كان نبي من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك"، قال: قلت: جارية لي كانت ترعى غنيمات قبل أحد والجوانية، إذ اطلعت عليها اطلاعة، فإذا الذئب قد ذهب بشاة منها، وأنا من بني آدم آسف كما يأسفون، لكني [ ص: 239 ] صككتها صكة، فعظم ذاك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: أفلا أعتقها؟ قال: "ائتني بها" فجئت بها، فقال: "أين الله"؟ قالت: في السماء، قال: "من أنا"؟، قالت: أنت رسول الله، قال: "أعتقها فإنها مؤمنة".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن إسماعيل بن إبراهيم ، عن حجاج .

                                                                            شرح الحديث في الطيرة، والخط مذكور في كتاب الطب والرقى.

                                                                            وقوله: ما كهرني، أي: ما انتهرني، وفي قراءة عبد الله: فأما اليتيم فلا تكهر.

                                                                            قلت: ففيه دليل على أن كلام الجاهل بالحكم لا يبطل الصلاة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه حكم الصلاة، وتحريم الكلام فيها، ولم يأمره بإعادة الصلاة.

                                                                            وممن ذهب إلى أن كلام الناسي والجاهل لا يبطل الصلاة: عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن الزبير ، وبه قال عطاء ، والشعبي ، والأوزاعي ، ومالك ، والشافعي . [ ص: 240 ] .

                                                                            وزاد الأوزاعي قال: إذا تكلم في الصلاة عامدا بشيء من مصلحة الصلاة، مثل أن قام الإمام في محل القعود، فقال له: اقعد، أو جهر في موضع السر، فأخبره، لا يبطل صلاته.

                                                                            وقال النخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، وأصحاب الرأي: كلام الناسي والجاهل يبطل الصلاة.

                                                                            وقال أصحاب الرأي: إذا سلم ناسيا لا يبطل صلاته.

                                                                            وحديث أبي هريرة في سجود السهو حجة لمن لم ير كلام الناسي مبطلا للصلاة.

                                                                            وقال إبراهيم النخعي : ومن عطس في صلاته يحمد الله ويخفي.

                                                                            وروي عن ابن عمر أنه كان يجهر بـ ( الحمد لله ) ، وبه قال أحمد.

                                                                            وروي عن رفاعة بن رافع، قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست، فقلت: الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، مباركا عليه، كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف، فقال: " من المتكلم في الصلاة؟ فقال رفاعة: أنا.

                                                                            قال: "لقد ابتدرها [ ص: 241 ] بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها".


                                                                            فذهب بعض أهل العلم إلى أنه كان في التطوع، أما في المكتوبة، فيحمد في نفسه.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية