الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            646 - أخبرنا أبو عثمان الضبي، أنا أبو محمد الجراحي، أنا أبو العباس المحبوبي، حدثنا أبو عيسى ، نا يحيى بن موسى، نا عبد الرزاق ، أنا ابن جريح، عن عمران بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه، عن أبي رافع أنه مر بالحسن بن علي، وهو يصلي، وقد عقص ضفرته في قفاه فحلها، فالتفت إليه الحسن مغضبا، فقال: " أقبل على صلاتك ولا تغضب، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذلك كفل الشيطان ". [ ص: 139 ] .

                                                                            قوله: "كفل الشيطان" يريد مقعد الشيطان، وأصله أن يجعل الكساء على سنام البعير، ثم يركب، والعقص: أن يلوي شعره، فيدخل أطرافه في أصوله.

                                                                            وكرهوا الصلاة مشدود الوسط فوق الثياب.

                                                                            وروي أن عبد الله بن مسعود كان شعره يبلغ ترقوته، فإذا صلى، جعله خلف أذنه.

                                                                            قلت: ذهب عامة أهل العلم إلى أن وضع الجبهة في السجود واجب، ولو لم يضع أنفه أجزأه، .

                                                                            أما وضع اليدين، والركبتين، والقدمين، فأوجبه الشافعي في أظهر قوليه، ورأى مسروق رجلا ساجدا قد رفع رجليه، فقال: ما تمت صلاته، قيل لسفيان: أيعيد؟.

                                                                            قال: لا.

                                                                            واختلفوا في وجوب كشف الجبهة، فذهب قوم إلى أنه يجب أن يضعها على مصلاه مكشوفة، حتى لو سجد على ناصيته أو عمامته أو كمه أو على شيء يقوم بقيامه لا يجوز، وهو قول الشافعي ، وذهب الأكثرون إلى جوازه.

                                                                            قال أنس: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود. [ ص: 140 ] .

                                                                            وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه. وإلى هذا ذهب مالك والأوزاعي ، وأصحاب الرأي، وأحمد وإسحاق وعامة الفقهاء.

                                                                            وكان ابن عمر يضع كفيه على الذي يضع عليه جبهته.

                                                                            وعامة الفقهاء على أن كشف اليدين ليس بواجب كالقدمين.

                                                                            وقال عكرمة ، عن ابن عباس قال: إذا سجد أحدكم، فليضع أنفه بالأرض، فإنكم قد أمرتم بذلك ".

                                                                            وقال أبو الشعثاء: رأيت ابن عمر إذا سجد يجافي أنفه عن الأرض، فقلت له فيه، فقال: إن أنفي من حر وجهي، وأنا أكره أن أشين وجهي. حر الوجه: ما بدا من الوجه، وحر الرمل: رملة طيبة. [ ص: 141 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية