الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إباحة إمامة غير المدرك إذا كان أكثر أخذا للقرآن من أصحابه

                                                                                                                                                                              1923 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال: نا مسدد ، قال: نا يزيد بن زريع ، قال: نا خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عمرو بن سلمة، قال: كنت أتلقى الركبان تجوز من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستقرئهم، فأخبرونا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليؤمكم أكثركم قرآنا قال: فكنت أكثرهم قرآنا فكنت أؤمهم".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وقد اختلف الناس في إمامة غير البالغ؛ فقالت طائفة بظاهر حديث عمرو بن سلمة، وقدم الأشعث غلاما فقيل له: فقال: إنما أقدم القرآن، وروينا عن عائشة أنها قالت: كنا نأخذ الصبيان من الكتاب فنقدمهم يصلون لنا شهر رمضان، ونعمل لهم القلية والخشكنان.

                                                                                                                                                                              1924 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال: نا أبو بكر ، قال: نا وكيع ، عن [ ص: 170 ] هشام، عن أبيه، أن الأشعث ، قدم غلاما فقيل له، فقال: إنما قدمت القرآن.

                                                                                                                                                                              1925 - وحدثونا عن إسحاق بن راهويه ، قال: أخبرنا إبراهيم بن الحكم ، وعبد السلام العدني وغيرهما، عن الحكم بن أبان، عن عكرمة ، عن عائشة ، قالت: كنا نأخذ الصبيان من الكتاب فنقدمهم، يصلون لنا شهر رمضان ونعمل لهم القلية والخشكنان.

                                                                                                                                                                              وممن كان يرى ذلك جائزا الحسن البصري ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وقال الزهري : إن اضطروا إليه أمهم.

                                                                                                                                                                              وكرهت طائفة إمامة من لم يبلغ كره ذلك عطاء ، والشعبي ، ومجاهد ، ومالك ، وسفيان الثوري ، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              وذكر لأحمد حديث عمرو بن سلمة؟ فقال: دعه ليس هو شيء بين، جبن أن يقول فيه شيئا.

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : لا يؤم الغلام في الصلاة المكتوبة حتى يحتلم، إلا أن يكونوا قوما ليس معهم من القرآن شيء فإنه يؤمهم الغلام المراهق.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن ابن عباس أنه قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم [ ص: 171 ] .

                                                                                                                                                                              1926 - حدثونا عن محمد بن يحيى ، قال: نا النفيلي، قال: نا معمر ، عن حجاج ، عن داود بن حصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: لا يؤم الغلام حتى يحتلم.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن لا تجزئ الجمعة خلف الإمام لم يحتلم، ويؤم في سائر الصلوات، هذا قول الشافعي آخر قوله، وكان يقول إذ هو بالعراق : ومن أجزأت إمامته في المكتوبة أجزأت إمامته في الجمع والأعياد، غير أني أكره في الجمع والأعياد إمامة غير الوالي.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إمامة غير البالغ جائزة إذا عقل الصلاة وقام بها؛ لدخوله في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم"، لم يذكر بالغا ولا غير بالغ، والأخبار على العموم لا يجوز الاستثناء فيها إلا بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو إجماع، ولا أعلم شيئا يوجب دفع حديث عمرو بن سلمة، ويدخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" تقديم الابن على الأب إذا كان أقرأ منه.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية