الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر صفة صلاة الجالس .

                                                                                                                                                                              2289 - حدثني عبد الرحمن بن يوسف ، قال: ثنا محمد بن عبد الله المخرمي، حدثنا أبو داود الحفري، عن حفص بن غياث .

                                                                                                                                                                              وقد ذكرت الحديث في أبواب صلوات التطوع قاعدا.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في صفة جلوس المصلي قاعدا، فقالت طائفة: يكون في حال قيامه متربعا.

                                                                                                                                                                              فممن روينا عنه أنه كان يرى أن يصلي متربعا أنس بن مالك ، وابن عمر ، وابن سيرين ، ومجاهد .

                                                                                                                                                                              2290 - حدثنا محمد بن علي ، حدثنا سعيد ، ثنا جرير، عن مغيرة، عن سماك بن سلمة، قال: "رأيت ابن عمر وابن عباس أو عباسا - شككت أنا - [ ص: 433 ] متربعين في الصلاة".

                                                                                                                                                                              2291 - حدثنا محمد، ثنا سعيد ، حدثنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا أبو الرحال الطائي، قال: "رأيت أنس بن مالك يصلي في مسجد الكوفة متربعا".

                                                                                                                                                                              2292 - حدثنا موسى، حدثنا داود بن عمرو الضبي، ثنا عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، عن نافع ، عن ابن عمر : "أنه كان يأمر نساءه يتربعن في الصلاة".

                                                                                                                                                                              وهو قول عطاء ، وإبراهيم النخعي ، وسعيد بن جبير ، وبه قال سفيان الثوري ، والشافعي .

                                                                                                                                                                              وقال أحمد، وإسحاق : يجعل قيامه متربعا، فإذا أراد أن يركع ثنى رجله كما يركع القائم. [ ص: 434 ]

                                                                                                                                                                              وكرهت طائفة الصلاة متربعا، وروينا عن عبد الله بن مسعود أنه قال: لأن أصلي على رضفة أحب إلي من أن أصلي متربعا، وروينا عن عطاء رواية، قال: في الرجل يجلس في صلاته متربعا، قال: لا، إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يطيق إلا ذلك، وروي عن النخعي خلاف القول الأول.

                                                                                                                                                                              2293 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال: أخبرنا عون، أخبرنا سليمان التيمي ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن الهيثم، أن عبد الله بن مسعود ، قال: "لأن أصلي على رضفة أحب إلي من أن أصلي متربعا".

                                                                                                                                                                              2294 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن دينار ، قال: " رأى ابن عمر رجلا متربعا فنهاه، قال: هو ذا أنت تصلي متربعا، قال: إني أشتكي رجلي".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : حديث حفص بن غياث قد تكلم في إسناده، روى هذا الحديث جماعة عن عبد الله بن شقيق ليس فيه ذكر التربع، ولا أحسب الحديث يثبت مرفوعا، وإذا لم يثبت الحديث فليس في صفة جلوس المصلي قاعدا سنة تتبع، وإذا كان كذلك كان للمريض أن يصلي فيكون جلوسه كما يسهل ذلك عليه، إن شاء صلى متربعا، وإن شاء [ ص: 435 ] محتبيا، وإن شاء جلس كجلوسه بين السجدتين، كل ذلك قد روي عن [ ص: 436 ] المتقدمين، ويشبه أن يكون من حجة من رأى أن يتربع في الصلاة أن المصلي قائما لما كان حاله قائما غير حاله جالسا، وجب أن يفرق بين الحالين، فيكون في حال قيامه متربعا ليفصل بين حال قيامه وحال جلوسه مع ما روي عنه عن ابن عمر وأنس.

                                                                                                                                                                              وقد اختلفوا فيمن صلى فكان في جلوسه متربعا كيف يفعل في حال ركوعه، فقالت طائفة: إذا أراد أن يركع ثنى فخذه كما يجلس في الصلاة، ثم يركع ويسجد. هذا قول النخعي ، وابن سيرين ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، وسالم بن عبد الله بن عمر، وبه قال أحمد، وإسحاق .

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: يكون جلوسه متربعا، ويركع وهو متربع، فإذا أراد أن يسجد ثنى رجله، هذا قول سفيان الثوري ، وحكي عن مالك نحو من قول الثوري، وقد روينا عن ابن المسيب أنه قال: إذا أراد أن يسجد ثنى رجله وسجد.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية