الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر تمثيل المهجرين إلى الجمعة بالمهديين، والدليل على أن السابق بالتهجير أفضل

                                                                                                                                                                              1775 - أخبرنا محمد بن عبد الله ، قال: أخبرنا ابن وهب ، قال: أخبرنا يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قال: حدثني أبو عبد الله الأغر، أنه سمع أبا هريرة ، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم الجمعة كان على كل باب من أبواب المسجد ملائكة يكتبون الأول فالأول، فإذا جلس الإمام طووا الصحف وجاؤوا يستمعون الذكر، ومثل المهجر كالذي يهدي بدنة، ثم كالذي يهدي بقرة، ثم كالذي يهدي الكبش، ثم كالذي يهدي الدجاجة، ثم كالذي يهدي البيضة".

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في وقت الرواح إلى الجمعة.

                                                                                                                                                                              فقالت طائفة: الخروج بعد طلوع الشمس والغدو إلى المسجد أفضل، وكان الشافعي يقول: كلما قدم التبكير كان أفضل؛ لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن العلم يحيط بأن من زاد في التقرب إلى الله كان أفضل. [ ص: 58 ]

                                                                                                                                                                              وهذا مذهب الأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وأنكر أحمد قول مالك : لا ينبغي التهجير إلى الجمعة باكرا، فقال: هذا خلاف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا يكون الرواح إلا بعد الزوال، وهذه الساعات التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من راح في الثانية، ثم في الثالثة، ثم في الرابعة" ، هي كلها في الساعة السادسة من يوم الجمعة؛ وذلك لأن الرواح لا يكون إلا في ذلك الوقت. هذا قول مالك .

                                                                                                                                                                              وقال ابن وهب : قال مالك : تروحت عند انتصاف النهار أو عند زوال الشمس، وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه قال لرجل: إن الجمعة لا تحبس مسافرا، فاخرج ما لم يحن الرواح.

                                                                                                                                                                              1776 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، قال: أبصر عمر بن الخطاب رجلا عليه هيئة السفر، فقال الرجل: إن اليوم يوم الجمعة؛ ولولا ذلك لخرجت، فقال عمر: "إن الجمعة لا تحبس مسافرا، فاخرج ما لم يحن الرواح".

                                                                                                                                                                              واحتج آخر لهذا القول بقوله: "غدوة في سبيل الله وروحة خير من الدنيا وما فيها". قال: فالغدوة بالغداة، والرواح بعد الزوال. [ ص: 59 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية