الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الأمر بالسكينة في المشي إلى الجمعة

                                                                                                                                                                              قال الله جل ذكره: ( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) .

                                                                                                                                                                              فاختلف أهل العلم في تأويل هذه الآية وفي قراءتها، فكان عمر بن الخطاب يقرؤها: (فامضوا إلى ذكر الله) . وذكر قتادة أن في حرف ابن مسعود : (فامضوا إلى ذكر الله) . وروي ذلك عن عبد الله بن الزبير .

                                                                                                                                                                              1777 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، وغيره، عن الزهري ، عن سالم، عن ابن عمر ، قال: "لقد توفي عمر وما يقرأ هذه الآية التي في سورة الجمعة إلا: (فامضوا إلى ذكر الله) .

                                                                                                                                                                              1778 - حدثنا يحيى، قال: نا أبو الربيع ، قال: نا حماد، قال: سمعت علي بن زيد ، يقول لعاصم بن المنذر بن الزبير : " ( إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ) ، فقال: كان عمك عبد الله بن الزبير يقرؤها: (فامضوا إلى ذكر الله) .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : وأكثر القراء على القراءة التي في المصاحف: ( فاسعوا إلى ذكر الله ) ، وممن كان يقرأ هذه الآية أبي بن كعب ، وعوام القراء، وهم وإن اختلفوا في قراءة الآية، فلا أحسبهم يختلفون في معناها؛ لأني لا أحفظ عن أحد منهم أنه قال: معناه السعي على الأقدام والعدو، [ ص: 60 ] والدليل على صحة هذا المعنى ثبوت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن السعي على الأقدام إلى الصلوات، ودخلت الجمعة في جمل الصلوات وعمومها.

                                                                                                                                                                              1779 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن ابن المسيب ، عن أبي هريرة ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون، ولكن ائتوها وأنتم تمشون وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".

                                                                                                                                                                              وكان قتادة يقول: السعي يا ابن آدم أن تسعى بقلبك وعملك، وهو المضي، وقال عطاء : السعي الذهاب المشي، وقال مالك : السعي في كتاب الله العمل، قال الله: ( إن سعيكم لشتى ) ، وذكر مالك آيات تدل على هذا المعنى، وقد روينا عن غير واحد أخبارا تدل على هذا المعنى، هي مذكورة في كتاب التفسير.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : قد يقال للعامل على الصدقة الساعي على الصدقة.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فالسعي الذي أمر الله غير السعي الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، وفي حديث أوس بن أبي أوس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من [ ص: 61 ] غسل يوم الجمعة واغتسل، ثم بكر وابتكر، ومشى فدنا، فاستمع وأنصت".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : فذكر المشي في هذا الحديث، ونهى عن السعي في حديث أبي هريرة [ ص: 62 ] .

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية