الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر إمامة العبد

                                                                                                                                                                              واختلفوا في إمامة العبد فأجازت طائفة إمامة العبد، كانت عائشة يؤمها غلام لها يقال له: ذكوان ، وأم أبو سعيد مولى أبي أسيد وهو عبد، وخلفه نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيهم حذيفة ، وأبو مسعود .

                                                                                                                                                                              1933 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، قال: حدثني عبد الله بن أبي مليكة ، أنهم كانوا يأتون عائشة أم المؤمنين بأعلى الوادي هو وأبوه، وعبيد بن عمير، ومسور بن مخرمة وناس كثير فيؤمهم أبو عمرو مولى عائشة ، - وأبو عمرو غلام لم يعتق - قال: فكان إمام أهلها بني محمد بن أبي بكر ، وعروة وأهلها، إلا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، وكان يستأخر عنه أبو عمرو قال: قالت [ ص: 175 ] عائشة : إذا غيبني أبو عمرو وولاني في حفرتي فهو حر.

                                                                                                                                                                              1934 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه، أن عائشة ، كان يؤمها غلام لها يقال له ذكوان .

                                                                                                                                                                              1935 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال: نا حجاج ، نا حماد، قال: أخبرنا داود بن أبي هند ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال: تزوجت امرأة فكان عندي ليلة زفاف امرأتي نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما حضرت الصلاة أراد أبو ذر أن يتقدم فيصلي فجبذه حذيفة ، وقال: رب البيت أحق بالصلاة، فقال لأبي مسعود: أكذلك؟ قال: نعم، قال أبو سعيد : فتقدمت فصليت بهم وأنا يومئذ عبد، وأمراني إذا أتيت بامرأتي أن أصلي ركعتين، وأن تصلي خلفي إن فعلت.

                                                                                                                                                                              وممن رخص في إمامة العبد إبراهيم النخعي ، والحكم ، والشعبي ، والحسن البصري ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . [ ص: 176 ]

                                                                                                                                                                              وكرهت طائفة إمامة العبد، كره ذلك أبو مجلز ، وروي عن الضحاك أنه قال: لا يؤم المملوك وفيهم حر، وقال مالك : لا يؤمهم إلا أن يكون العبد قارئا ومن معه من الأحرار لا يقرؤون، فيؤمهم في المكان الذي يلزمه أن يكون فيه إماما حين يحتاج إليه، إلا أن يكون في عيد أو جمعة فإن العبد لا يؤم فيهما. وقال الأوزاعي : بلغنا أن أربعة لا يؤمون الناس فذكر العبد إلا أن يؤم أهله، ويجزئ عند الأوزاعي صلاتهم إن صلوا وراءه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : إمامة العبد جائزة، وإذا استووا في القراءة فالحر أحق بالإمامة من العبد، وإن كان العبد أقرأ فهو أولى بالإمامة لحديث أبي سعيد .

                                                                                                                                                                              1936 - حدثنا محمد بن يحيى ، قال: نا عبد الله بن عبد الوهاب، قال: نا أبو عوانة ، عن قتادة ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اجتمع ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم". ولم يذكر حرا ولا عبدا.

                                                                                                                                                                              ويدل حديث أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم: "يؤم القوم أقرؤهم" على مثل ما دل عليه حديث أبي سعيد والله أعلم [ ص: 177 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية