الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الرخصة في الصلاة جماعة في المسجد الذي قد جمع فيه

                                                                                                                                                                              2046 - حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال: نا عفان ، قال: نا وهيب ، قال: نا سليمان الأسود ، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد ، أن رجلا، دخل المسجد وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه".

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فرأت طائفة الرخصة في أن تصلي جماعة بعد جماعة في مسجد واحد، وممن فعل ذلك أنس بن مالك ، وروي ذلك عن ابن مسعود .

                                                                                                                                                                              2047 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن جعفر بن سليمان ، قال: نا الجعد أبو عثمان ، قال: مر بنا أنس بن مالك ومعه أصحاب له زهاء عشرة، وقد صلينا صلاة الغداة، فقال: أصليتم؟ قلنا: نعم، قال: فأمر بعضهم فأذن، وصلى ركعتين، ثم أمره فأقام، ثم تقدم أنس فصلى بأصحابه ثم انصرف، وقد ألقوا له وسادة ومرفقة". [ ص: 247 ]

                                                                                                                                                                              2048 - وحدثنا موسى، قال: نا أبو بكر ، قال: نا إسحاق الأزرق، عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سلمة بن كهيل ، أن ابن مسعود ، دخل المسجد وقد صلوا فجمع بعلقمة، والأسود ، ومسروق ".

                                                                                                                                                                              2049 - حدثنا علي، قال: نا حجاج ، قال: نا حماد، عن داود، عن الشعبي ، عن علقمة ، أن ابن مسعود صلى به وبالأسود فقام بينهما.

                                                                                                                                                                              وبه قال عطاء ، والنخعي ، والحسن البصري ، وقتادة ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، واحتج إسحاق بفعل أنس بن مالك ، وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجمع تزيد على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة".

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا تجمع في مسجد مرتين، كذلك قال سالم بن عبد الله ، وبه قال أبو قلابة ، وابن عون، وأيوب ، والبتي ، وقد روينا هذا القول عن الحسن البصري ، والنخعي ، خلاف القول الأول، وممن قال: لا يجمع في مسجد مرتين، مالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأصحاب الرأي. [ ص: 248 ]

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث، قاله أحمد بن حنبل ، قال: لا يصلى في المسجد الحرام ومسجد المدينة صلاة يعني جماعة، وأما غير ذلك من المساجد فأرجو، أنس فعله.

                                                                                                                                                                              وكان مالك ، والشافعي ، يقولان في مسجد على طريق من طرق المسلمين أتى قوم فجمعوا فيه، ثم أتى قوم من بعدهم: فلا بأس أن يجمعوا أيضا فيه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر : ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجميع تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"، وثبت عنه أنه قال: "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل مع الثلاثة أزكى، وما كثر فهو أحب إلى الله"، وحديث أبي سعيد ثابت ، فإذا فات جماعة الصلاة مع الإمام صلوا جماعة؛ اتباعا لحديث أبي سعيد ، وطلبا لفضل الجماعة، ولا نعلم مع من كره ذلك ومنع منه حجة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية