الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الأخبار الدالة على أن ما ذكرناه

                                                                                                                                                                              من الأمر والوصية بالوتر ليس بأمر قوي إنما أمر به للوثيقة

                                                                                                                                                                              والحزم خوف ألا يستيقظ المرء للوتر

                                                                                                                                                                              2597 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا محمد بن عباد، قال: ثنا [يحيى بن سليم] عن عبيد الله عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي عليه السلام قال لأبي بكر: متى توتر؟ قال: أوتر ثم أنام، قال: "بالحزم أخذت"، وسأل عمر متى توتر؟ قال: أنام ثم أقوم من الليل فأوتر، قال: "بفعل القوي فعلت". [ ص: 164 ]

                                                                                                                                                                              2598 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا الحسن بن علي، قال: ثنا يحيى بن إسحاق، قال: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة قال: تذاكر أبو بكر وعمر الوتر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما أنا فأوتر أول الليل، فإذا استيقظت صليت، وقال عمر: أما أنا فأوتر آخر الليل، فقال صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "أخذت بالحذر"، وقال لعمر: "أخذت بالقوة".

                                                                                                                                                                              2599 - وحدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: أخبرنا يعلى، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من خاف أن لا يستيقظ آخر الليل فليوتر أول الليل، ثم ليرقد، ومن طمع أن يستيقظ من آخر الليل فليوتر من آخر الليل، فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فدل قوله: "وذلك أفضل" على أن الوتر في آخر الليل أفضل.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب؛ فكان أبو بكر الصديق يوتر أول الليل، وكان عثمان بن عفان [لا] ينام قبل أن يوتر. وروي معنى ذلك عن رافع بن خديج، وفعل ذلك عائذ بن عمرو لما أسن.

                                                                                                                                                                              وروينا عن عمر بن الخطاب أنه قال: الأكياس الذين إذا علموا أنهم لا يقومون أوتروا من قبل أن يناموا، وإن الأقوياء الذين يوترون آخر الليل وهو أفضل [ ص: 165 ]

                                                                                                                                                                              2600 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عبد الملك بن عمير، عن موسى بن طلحة قال: سمعت عثمان بن عفان سئل عن الوتر فقال: أما أنا فأوتر ثم أنام، فإذا قمت من الليل ضممت إليها ركعة أخرى، فما أشبهها إلا قلوص (نادرة) أضمها إلى الإبل.

                                                                                                                                                                              2601 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن بشر بن حرب، قال: سألت رافع بن خديج عن الوتر، فقال: أما أنا فأوتر ثم أنام، فإذا قمت صليت ركعتين ركعتين، وتركت وتري كما هو.

                                                                                                                                                                              2602 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي جمرة قال: سمعت عائذ بن عمرو قال: كنت أوتر آخر الليل فلما أسننت أوترت ثم نمت.

                                                                                                                                                                              2603 - حدثنا محمد بن علي قال: ثنا سعيد، قال: ثنا جريج بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن مدرك بن عوف، عن عمر بن الخطاب قال: إن الأكياس الذين إذا علموا أنهم لا يقومون أوتروا من قبل أن [ ص: 166 ] يناموا، وإن الأقوياء الذين يوترون آخر الليل وهو أفضل.

                                                                                                                                                                              2604 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن يحيى، عن سعيد بن المسيب، أن أبا بكر كان يوتر من أول الليل، وأن عمر كان يوتر من آخر الليل، وكان عمر بن الخطاب ينام على شفع ثم يوتر من السحر.

                                                                                                                                                                              وروينا عن علي بن أبي طالب أنه لما نظر إلى تباشير الفجر قال: نعم ساعة الوتر هذه. وكان عائذ بن عمرو يوتر آخر الليل فلما أسن أوتر ثم نام.

                                                                                                                                                                              وكان عبد الله بن مسعود يوتر آخر الليل. وممن استحب الوتر آخر الليل النخعي، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              2605 - حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: أخبرني ابن شهاب، عن ابن المسيب أن أبا بكر وعمر تذاكرا الوتر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أما أنا فإني أنام على وتر فإن استيقظت صليت شفعا حتى الصبح. وقال عمر: لكني أنام على شفع ثم أوتر من السحر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: "حذر هذا". وقال لعمر: "قوي هذا". [ ص: 167 ]

                                                                                                                                                                              2606 - حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا سعيد قال: ثنا ابن المبارك قال: أخبرني جعفر بن حيان، عن معاوية بن قرة أن عليا حين نظر إلى تباشير الفجر قال: أين السائل عن الوتر؟ نعم ساعة الوتر هذه.

                                                                                                                                                                              2607 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن عاصم بن أبي النجود، عن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: خرج علي حين ثوب ابن النباح فقال: ( والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس ) نعم ساعة الوتر هذه، أين السائلون عن الوتر؟.

                                                                                                                                                                              2608 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أبي جمرة قال: سمعت عائذ بن عمرو قال: كنت أوتر آخر الليل فلما أسننت أوترت ثم نمت.

                                                                                                                                                                              2609 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا أبو بكر عن أبي إسحاق عن علقمة قال: كنت مع عبد الله ليلة، فصلى ليلته كلها حتى إذا لم يكن بينه وبين طلوع الفجر إلا قدر ما بين أذان المغرب إلى الانصراف منها أوتر.

                                                                                                                                                                              ويشبه أن يكون من حجة من رأى أن الوتر أول الليل أفضل حديث [ ص: 168 ] أبي هريرة : ثلاث أوصاني بهن: أن أنام على وتر، فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من طمع في أن يستيقظ من آخر الليل فإن قراءة آخر الليل محضورة، وذلك أفضل"، دل على أن قول أبي هريرة : ثلاث أوصاني بهن الوتر قبل النوم، إنما (هن) على معنى الحذر والوثيقة تخوفا أن لا يستيقظ فيوتر آخر الليل.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية