الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              الدليل على أن المصلي الذي له أن يدفع المار بين يديه إذا صلى إلى سترة،

                                                                                                                                                                              لا من يصلي إلى غير سترة

                                                                                                                                                                              2433 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم، وسعيد بن سليمان، عن سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، قال: قال لي أبو صالح: ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي سعيد الخدري قال أبو سعيد: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره، فأراد أحد أن يمر بين يديه، فليدفع بين يدي نحره، فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: يدل هذا الحديث على أن له أن يدفع في نحر المار بين يديه في أول مرة، ويقاتله إن أبى إلا أن يمر بين يديه في المرة الثانية.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وأما قوله: "فليقاتله فإنما هو شيطان": فإن بعض أهل العلم روي عن بندار، عن أبي بكر الحنفي، عن الضحاك بن عثمان، عن صدقة بن يسار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين"، وقال: في ذلك دليل على أنه إنما أراد مع المار بين يدي المصلي شيطان، لا أن المار بين يدي المصلي شيطان، وإن كان اسم [ ص: 83 ] الشياطين قد يقع على عصاة بني آدم. وذكر قوله: ( شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) .

                                                                                                                                                                              وممن كان يرى منع المار بين يديه وهو يصلي: ابن عمر، وروي ذلك عن عمر.

                                                                                                                                                                              2434 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: أخبرني نافع، أن ابن عمر كان لا يترك شيئا يمر بين يديه وهو يصلي، ولا يمر هو بين يدي النساء ولا الرجال.

                                                                                                                                                                              2435 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن عمرو بن دينار قال: مررت إلى جنب ابن عمر فظن أني أمر بين يديه، فثار ثورة أفزعني ونحاني.

                                                                                                                                                                              2436 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج، قال: ثنا همام، عن قتادة، عن سعيد، أن عمر وابن عمر كانا يمنعان أن يمر بين أيديهما في الصلاة.

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي وأبو ثور يريان ذلك، وقال أصحاب الرأي: إن مر بين يديه [شيء] كثير، لا يمشي إليه، ويصلي مكانه، وإذا منعه لم يدفعه ولم يعالجه. [ ص: 84 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ليس لأحد أن يمر بين يدي من يصلي إلى سترة، وإن مر بين يديه وهو يصلي إلى سترة كان له دفعه، فإن لم يندفع قاتله إن أبى إلا أن يمر بين يديه. وقد رخص في المرور بين يدي من يصلي إلى غير سترة بعض أهل العلم، واحتج بحديث المطلب بن أبي وداعة، وقد ذكرناه فيما مضى.

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في رد المصلي من مر بين يديه من حيث جاء؛ فرخص قوم في رده إذا مر. روي هذا القول عن عبد الله بن مسعود، وكذلك فعله سالم، وروي هذا عن الحسن البصري .

                                                                                                                                                                              وقال آخرون: لا يرده بعد أن جاز كذلك قال الشعبي، والثوري، وإسحاق بن راهويه.

                                                                                                                                                                              وكذلك نقول؛ لأن رجوعه من حيث جاء مرورا ثانيا بين يدي المصلي، وليس لذلك وجه.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية