الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر غسل الكافر ودفنه

                                                                                                                                                                              واختلفوا في غسل الكافر ودفنه؛ فكان مالك يقول: لا يغسل المسلم والده إذا مات كافرا، ولا يتبعه، ولا يدخله في قبره، إلا أن يخشى أن يضيع فيواريه. وكان الشافعي يقول: لا بأس أن يغسل المسلم ذا قرابته من المشركين، ويتبعه، ويدفنه. وبه قال أبو ثور وأصحاب الرأي.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ليس في غسل من خالف الإسلام سنة يجب اتباعها، والحديث الذي احتج به الشافعي منقطع لا تقوم به الحجة. وقد روينا [ ص: 363 ] عن عمر بن الخطاب أنه قال لأبي وائل وقد ماتت أمه نصرانية: فقال: اركب دابة وسر أمامها. وروي عن ابن عباس أنه قال: يقوم عليه، ويتبعه، ويدفنه، وقد اختلف عنه. وقال الحسن البصري : لا نرى بأسا أن يجنه أو يكفنه.

                                                                                                                                                                              2927 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا عيسى بن يونس، عن محمد بن أبي إسماعيل، عن عامر بن شقيق، عن أبي وائل قال: ماتت أمي نصرانية، فأتيت عمر فذكرت له ذلك فقال: اركب دابة وسر أمامها.

                                                                                                                                                                              2928 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن ضرار بن مرة أبي سنان، عن سعيد بن جبير قال: كان عندنا رجل كان له أب يهودي، - أو نصراني - فمات فلم يتبعه، فسألت ابن عباس فقال: يقوم عليه، ويتبعه، ويدفنه.

                                                                                                                                                                              2929 - حدثنا يحيى، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن شريك العامري قال: سمعت الحارث بن أبي ربيعة سأل ابن عمر عن أم له، نصرانية ماتت، فقال له ابن عمر: تأمر بأمرك وأنت بعيد، ثم تسير أمامها؛ فإن الذي يسير أمام الجنازة ليس معها [ ص: 364 ]

                                                                                                                                                                              وقال عطاء بن أبي رباح: لا يحمل المسلم جنازة الكافر، ولا يقوم على قبره. وقال أحمد بن حنبل وقد سئل عن شهود جنازة النصراني الجار، فقال: على نحو ما صنع الحارث بن أبي ربيعة كان يشهد جنازة أمه فكان يقوم ناحية، ولا يحضره؛ لأنه ملعون.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: سن النبي صلى الله عليه وسلم غسل موتى المسلمين، وليس في غسل من خالفهم سنة، وأحسن شيء روينا في هذا الباب حديث ناجية بن كعب عن علي.

                                                                                                                                                                              2930 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن ناجية بن كعب، عن علي قال: لما هلك أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن عمك الضال قد هلك، قال: "انطلق فواره، ثم لا تحدثن شيئا حتى تأتيني"، قال: فأتيته قال: فأمرني أن أغتسل، ثم دعا لي بدعوات ما يسرني بهن حمر النعم، أو ما على الأرض من شيء. [ ص: 365 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية