الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الصلاة عند خسوف القمر

                                                                                                                                                                              اختلفوا في الصلاة عند كسوف القمر؛ فرأت طائفة أن يصلى عند كسوف القمر، روينا عن ابن عباس أنه فعل ذلك.

                                                                                                                                                                              2892 - حدثونا عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم، قال: حدثنا عمي، قال: أخبرنا أبي، عن أبي إسحاق قال: حدثني عمرو بن حبيب، أن عبد الرحمن بن أبي إسحاق البصري حدثه عن الحسن حدثه، أن ابن عباس صلى بهم هذه الصلاة في زمان علي بن أبي طالب - وكان أمير البصرة - عند كسوف القمر ركعتين في كل سجدة، ثم انصرف فوقف على بعيره بين أظهر الناس فقال: أيها الناس، إن هذه الصلاة لم تكن بدعة ابتدعتها.. وذكر الحديث.

                                                                                                                                                                              وبه قال عطاء، والحسن البصري، وإبراهيم النخعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي. [ ص: 326 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والأخبار دالة على هذا القول؛ لأنه سوى بينهما، وأمر بالصلاة عند كسوفهما، بين ذلك في الأخبار الثابتة عن نبي الله صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              2893 - أخبرنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أخبرنا سفيان، عن إسماعيل، عن قيس، عن أبي مسعود قال: [انكسفت الشمس يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس:] انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله، وإلى الصلاة".

                                                                                                                                                                              وقد ذكرنا في أول هذا الكتاب في باب، ذكر الخطبة على المنبر" قوله: "فإذا رأيتم ذلك فاحمدوا الله، وكبروا، وسبحوا، وصلوا حتى ينجلي كسوف أيهما انكسف. وفي هذا من البيان ما لا يشكل على من سمعه أن يصلي لكسوف القمر.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والذي ذكرناه قول جل أهل العلم، غير مالك فإن ابن نافع حكى عنه أنه قال: ليس لكسوف القمر صلاة معروفة محدودة، ولا أرى بأسا أن يصلي القوم فرادى - كل رجل منهم لنفسه - ركعتين [ ص: 327 ] ركعتين مثل صلاة النافلة.

                                                                                                                                                                              وحكى ابن القاسم عنه أنه قال: وليس في صلاة خسوف القمر سنة، ولا صلاة كصلاة كسوف الشمس.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذه غفلة منه، والسنة دالة على القول الأول.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية