الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الصلاة عند حدوث الآيات سوى الكسوف من الزلازل وغير ذلك

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الصلاة عند حدوث الآيات غير الكسوف؛ فقالت طائفة: يصلي؛ استدلالا بأن النبي عليه السلام لما قال: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، وأنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس، فإذا رابكم ذلك فصلوا وادعوا حتى يكشف ما بكم"، فكذلك الزلزلة، والهاد، وما أشبه ذلك من آيات الله، [ ص: 329 ] يصلي [عندها] كما يصلي عند الكسوف؛ إذ كلها آيات، مع ما في هذا الباب عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، روينا عن ابن عباس أنه صلى في الزلزلة بالبصرة، فأطال القنوت، ثم ركع ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع ثم سجد، ثم صلى الثانية كذلك، فصارت صلاته ثلاث ركعات وأربع سجدات، وقال: هكذا صلاة الآيات.

                                                                                                                                                                              وروينا عنه أنه قرأ فيهما بالبقرة، وآل عمران. وقال عبد الله بن مسعود : إذا سمعتم [هادا] من السماء فافزعوا إلى الصلاة.

                                                                                                                                                                              2894 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، أنه صلى في الزلزلة بالبصرة، فأطال القنوت ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت ثم ركع، ثم رفع رأسه فأطال القنوت، ثم ركع، ثم سجد، ثم صلى الثانية كذلك، فصارت صلاته ثلاث ركعات وأربع سجدات، وقال: هكذا صلاة الآيات. [ ص: 330 ]

                                                                                                                                                                              2895 - حدثنا محمد بن علي، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا مروان، قال: ثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث قال: زلزلت الأرض ليلا فقال ابن عباس: لا أدري هل وجدتم ما وجدت؟ قالوا: نعم، قد وجدنا، فانطلق من الغد، فصلى بهم فكبر وقرأ وركع، ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ ثم ركع، ثم سجد، ثم قام فقرأ ثم ركع، ثم رفع رأسه فقرأ، ثم ركع وسجد، فكانت صلاته ست ركعات في أربع سجدات.

                                                                                                                                                                              2896 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن قتادة قال: أخبرني يعلى بن حكيم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنه قرأ فيها بالبقرة وآل عمران.

                                                                                                                                                                              2897 - حدثنا علي بن الحسن، قال: ثنا عبد الله، عن سفيان، عن حبيب بن حسان، عن الشعبي، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود قال: إذا سمعتم [هادا] من السماء فافزعوا إلى الصلاة. [ ص: 331 ]

                                                                                                                                                                              2898 - حدثنا الربيع بن سليمان، قال: ثنا ابن وهب قال: أخبرني أسامة، عن نافع قال: حدثتني صفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر، أن الأرض زلزلت في عهد عمر، فقام عمر على المنبر فخطب الناس، فقال: قد أحدثتم، لقد عجلتم. وسمعت من يقول أنه قال: لئن عادت لأخرجن من بين أظهركم.

                                                                                                                                                                              2899 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن خالد الحذاء وعاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس، أنه صلى في الزلزلة بالبصرة. فاتفقا على أنه ركع في ركعتين ست ركعات؛ ثلاث في كل ركعة. [واختلفا]؛ فقال عاصم: قرأ بنا بين كل ركعتين، وقال خالد: قرأ في الأولى من كل ركعة منهما ثم دعا بعد.

                                                                                                                                                                              وممن رأى الصلاة عند الزلزلة أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه. وقال أحمد: يصلى عند الزلزلة جماعة ثمان ركعات في أربع [ ص: 332 ] سجدات، كالصلاة في الكسوف. وقال أبو ثور: كسوف الشمس والقمر من الآيات، فكل آية يخاف عندها صلوا حتى يكشفها الله.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان وهو أن لا يصلى في زلزلة، ولا ظلمة، ولا لصواعق، ولا ريح، ولا غير ذلك، إلا أن يصلوا منفردين. وهذا قول الشافعي . وأنكر مالك الصلاة عند الزلزلة وقال: ما أسرع الناس إلى البدع.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي في الصلاة في غير كسوف الشمس، في الظلمة تكون، أو في الريح الشديدة: الصلاة في ذلك حسنة.

                                                                                                                                                                              وهذا ما كان عروة بن الزبير يقول: لا تقولوا: كسفت الشمس، ولكن قولوا: خسفت الشمس.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: موجود في الأخبار ذكر "الخسوف" و "الكسوف"، وليس بمحظور أن يقال: خسفت وكسفت، غير أن بعضهم يستحب أن يقال: خسفت لقوله جل ذكره: ( وخسف القمر ) [ ص: 333 ] [ ص: 334 ] [ ص: 335 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية