الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر استعمال المسك في حنوط الميت

                                                                                                                                                                              واختلفوا في استعمال المسك في حنوط الميت؛ فكان ابن عمر يطيب الميت بالمسك، وجعل في حنوط أنس صرة من مسك، أو سك، وروينا عن علي أنه أوصى أن يجعل في حنوطه مسك، وقال: هو فضل حنوط النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              2971 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن نافع، عن، ابن عمر أنه كان يطيب الميت بالمسك يذره عليه ذرا.

                                                                                                                                                                              2972 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن نافع عن ابن عمر - قال: كان ابن عمر يتتبع مغابن الميت، ومرافقه بالمسك.

                                                                                                                                                                              2973 - حدثنا علي، قال: ثنا حجاج، قال: حدثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، أنه سئل عن المسك للميت فقال: أليس أطيب طيبكم المسك.

                                                                                                                                                                              2974 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا عبد الله بن مبارك، عن حميد، عن أنس، أنه جعل في حنوطه صرة من [ ص: 396 ] مسك، أو سك فيه شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              2975 - حدثنا إسماعيل، عن عبد الرزاق، عن ابن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن الشعبي قال: كان سلمان أصاب مسكا من بلنجر، فأعطاه [امرأته] ترفعه، فلما حضر قال لها: أين الذي استودعتك؟ [قالت]: هو هذا، فأتته به، قال: رشيه حولي فإنه يأتي خلق من خلق الله عز وجل لا يأكلون الطعام، ولا يشربون الشراب، يجدون الريح.

                                                                                                                                                                              2976 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا حميد بن عبد الرحمن، عن حسن، عن هارون بن سعد، [عن أبي وائل] ، أن عليا ، أوصى أن يجعل في حنوطه مسك وقال: هو فضل حنوط النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                                                                                                                                              2977 - وحدثني محمد بن إسماعيل، قال: ثنا يعقوب ، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الله بن مختار، عن موسى بن أنس، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 397 ] كان له سك يتطيب به.

                                                                                                                                                                              وممن رأى أن الميت يطيب بالمسك محمد بن سيرين، ومالك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق. وكذلك نقول.

                                                                                                                                                                              وفي أمر النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تأخذ عند اغتسالها من المحيض فرصة ممسكة، دليل على طهارة المسك، مع ما رويناه عنه أنه قال: "أطيب الطيب المسك".

                                                                                                                                                                              2978 - حدثنا إبراهيم بن محمد، قال: ثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا المستمر بن الريان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أطيب الطيب المسك".

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن عطاء، والحسن، ومجاهد، أنهم كرهوا ذلك.

                                                                                                                                                                              2979 - حدثنا يحيى بن محمد، قال: ثنا أبو عمر، قال: ثنا شعبة [بن] الحجاج عن فضيل، عن عبد الله بن معقل، أن عمر أوصى في غسله أن لا يقربوه مسكا. [ ص: 398 ]

                                                                                                                                                                              وكل من نحفظ عنه من أهل العلم يستحبون إجمار ثياب الميت.

                                                                                                                                                                              2980 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج قال: أخبرني هشام، عن أبيه، عن أسماء ابنة أبي بكر، أنها قالت لأهلها: أجمروا ثيابي إذا أنا مت، ثم كفنوني، ثم حنطوني، ولا تذروا على كفني حناطا.

                                                                                                                                                                              2981 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن حميد، عن الحسن، عن أبي هريرة قال: يجمر الميت وترا.

                                                                                                                                                                              واستحب كثير منهم أن يكون ذلك وترا، وللذي يكفن الميت ويحنطه أن يجعل في حنوطه ما شاء من الطيب إلا الزعفران، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزعفر الرجل، وأحب ما استعمل في حنوطه الكافور، للثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للنسوة اللواتي غسلن ابنته: "اجعلن في الآخرة كافورا، أو شيئا من كافور".

                                                                                                                                                                              وقال ابن جريج : قلت لعطاء: أي الحناط أحب إليك؟ قال: الكافور، قلت: فأين يجعل؟ قال: في مرافقه، قلت: في إبطيه؟ قال: نعم، وفي مرجع رجليه وفي رفغيه، ومرافقه وما هنالك، وفي فيه، وأنفه، وعينيه، وأذنيه، ويجعل ذلك يابسا. [ ص: 399 ]

                                                                                                                                                                              وقد روينا أن الحسن بن علي - رضي الله عنه - لما توفي الأشعث بن قيس وغسل، أتاهم فدعا بكافور، فوضأه به، وجعل على وجهه، ويديه، ورأسه، ورجليه، ثم قال: أدرجوه.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وأحب أن يبدأ فيجعل الكافور على مساجد الميت: جبهته، وأنفه، وراحتيه، وركبتيه، وصدور قدميه. وقد روينا في الحنوط حديثا، قد تكلم في إسناده.

                                                                                                                                                                              2982 - حدثنا محمد بن عبد الوهاب، قال: ثنا يعلى بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن ميمون، عن الحسن، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أباكم آدم صلى الله عليه لما حضرته الوفاة، بعث إليه من الجنة مع الملائكة بكفنه، وحنوطه، فلما رأتهم حواء ذهبت لتدخل دونهم فقال: خلي بيني وبين رسل ربي، فما أصابني الذي أصابني إلا منك، ولا لقيت الذي لقيت إلا منك، فلما توفي غسلوه بالماء والسدر وترا، وكفنوه في وتر من الثياب، ثم لحدوه ودفنوه، وقالوا: هذه سنة ولد آدم من بعده".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: الحسن لم يسمع من أبي بن كعب، ومحمد بن ميمون الذي روى هذا الحديث عن الحسن مجهول. وقد روي هذا [ ص: 400 ] الحديث بأحسن من هذا الإسناد غير مرفوع.

                                                                                                                                                                              2983 - حدثنا إسماعيل بن قتيبة، قال: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل ابن علية، عن يونس، عن الحسن، عن [عتي] عن أبي قال: لما ثقل آدم صلى الله عليه وسلم أمر بنيه أن (يجيئوه) من الثمار فتلقتهم الملائكة [فقالوا]: ارجعوا فقد أمر بقبض أبيكم، فرجعوا [معهم] ، فقبضوا روحه، وجاؤوا معهم بكفنه وحنوطه، وقالوا لبنيه: احضرونا، فغسلوه، وكفنوه، وحنطوه، وصلوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم بينكم.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: قد كره كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن يتبع الميت بنار تحمل معه، إذا حمل. وممن روينا عنه أنه نهى عن ذلك (وأوصى) [ ص: 401 ] به: عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأبو هريرة ، وعبد الله بن مغفل، ومعقل بن يسار، وعائشة أم المؤمنين، وأبو سعيد الخدري. وكره ذلك مالك بن أنس. ونحن نكره ذلك.

                                                                                                                                                                              2984 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني مالك، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة ، أنه نهى أن يتبع بنار تحمل معه بعد موته.

                                                                                                                                                                              2985 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري قال: أوصى أبو هريرة أهله أن لا يضربوا على قبره فسطاطا، [ولا يتبعوه بمجمر] ، وأن يسرعوا به.

                                                                                                                                                                              2986 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن التيمي، عن القاسم بن الفضل قال: أخبرني أبو حية الثقفي قال: أوصى معقل بن يسار عند موته أن لا يقرب قبسا - يعني مجمرة - ولا يغسل بحميم، ويصلى عليه عند قبره.

                                                                                                                                                                              2987 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا أبو شهاب، عن بكر بن عبد الله قال: أوصى عبد الله بن مغفل قال: [ ص: 402 ] لا تقربوني نارا ولا تتبعوني صوتا.

                                                                                                                                                                              2988 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا عباد بن العوام، عن حجاج، عن فضيل، عن ابن معقل قال: قال عمر: لا تتبعوني بجمر.

                                                                                                                                                                              2989 - وحدثنا إسماعيل، قال: حدثنا أبو بكر، قال: ثنا وكيع، عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع، عن عمته أم النعمان بنت مجمع، عن بنت أبي سعيد أن أبا سعيد قال: لا تتبعوني بنار، ولا تجعلوا على سريري قطيفة قيصراني.

                                                                                                                                                                              2990 - حدثنا إسماعيل، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا وكيع، عن هارون بن أبي إبراهيم - يعني البربري، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عائشة رضي الله عنها، أنها أوصت: ألا تتبعوني بمجمر، ولا تجعلوني على قطيفة حمراء. [ ص: 403 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية