الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب

                                                                                                                                                                              واختلفوا في عدد ما تصلي فيه المرأة من الثياب؛ فكانت أم سلمة تقول: تصلي في الخمار، والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها. وكانت ميمونة تصلي في درع سابغ وخمار، وفعلت ذلك عائشة ، وبه [ ص: 56 ] قال عروة بن الزبير، والحسن البصري، وروي ذلك عن ابن عباس، وروينا عن أم حبيبة أنها صلت في درع وإزار، وروي إجازة ذلك عن النخعي .

                                                                                                                                                                              2395 - حدثنا أبو داود الخفاف وعلي بن عبد العزيز، قالا: ثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن محمد بن زيد بن قنفذ عن أمه: أنها سألت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب؟ فقالت: تصلي في الخمار، والدرع السابغ الذي يغيب ظهور قدميها، اللفظ لعلي.

                                                                                                                                                                              2396 - حدثنا محمد بن علي، قال: نا سعيد، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن [بسر] بن سعيد: أن [عبيد الله] الخولاني، وكان في حجر ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدث أنه قال: رأيت ميمونة تصلي في درع سابغ وخمار ليس عليها إزار. [ ص: 57 ]

                                                                                                                                                                              2397 - حدثنا موسى، قال: حدثنا أبو بكر، قال: ثنا ابن فضيل، عن عاصم، عن معاذة، عن عائشة: أنها قامت تصلي في درع وخمار، فأتتها الأمة فألقت عليها ثوبا.

                                                                                                                                                                              2398 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن جابر، عن أم ثور، عن زوجها بشر، قال: قلت لابن عباس: في كم تصلي المرأة من الثياب؟ قال: في درع وخمار.

                                                                                                                                                                              2399 - حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرتني حكيمة عن أمية: أن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم صلت في درع [وإزار تقنعته] حتى مس الأرض ولم تتزر، وليس عليها خمار.

                                                                                                                                                                              وممن كان يرى أن المرأة يجزئها أن تصلي في درع وخمار: مالك بن أنس، والليث بن سعد، والأوزاعي، وسفيان الثوري، والشافعي، وأبو ثور. وقال أحمد: أقله ثوبان قميص ومقنعة، وكذلك قال إسحاق: الذي يستحب لها ثلاثة أثواب.

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب، كذلك قال عمر بن الخطاب، وابن عمر، وعائشة أم المؤمنين، وعبيدة السلماني، وعطاء بن رباح. [ ص: 58 ]

                                                                                                                                                                              وقال آخرون: تصلي المرأة في أربعة أثواب. هكذا قال عبد الله بن عمر، ومحمد بن سيرين، وحفصة أخته، ونافع، وصفية، وروي ذلك عن مجاهد.

                                                                                                                                                                              2400 - حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا ابن علية، عن التيمي، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة ، قال: قال عمر: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب.

                                                                                                                                                                              2401 - حدثنا موسى، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا عبد الله بن نمير، عن [عبيد الله] ، عن نافع، عن ابن عمر، قال: إذا صلت المرأة فلتصلي في ثيابها كلها: [الدرع] ، والخمار، والملحفة.

                                                                                                                                                                              2402 - وحدثنا محمد بن علي، قال: ثنا سعيد، قال: ثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن عبيد الله بن أبي جعفر: أن محمد بن جعفر بن الزبير حدثه أنه سمع عروة بن الزبير يخبر عن عائشة: أنها كانت تقوم إلى الصلاة في الخمار والإزار والدرع، فتسبل إزارها فتخالف به، وكانت تقول: ثلاثة أثواب لا بد للمرأة منها في الصلاة إذا وجدتها: الخمار، والجلباب، والدرع. [ ص: 59 ]

                                                                                                                                                                              وقال آخرون: تصلي المرأة في أربعة أثواب. هكذا قال ابن عمر.

                                                                                                                                                                              2403 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: تصلي المرأة في أربعة أثواب درع، وإزار، وخمار، وملحفة.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: على المرأة أن تخمر في الصلاة جميع بدنها سوى وجهها وكفيها، ويجزئها فيما صلت في ثوب، أو ثوبين، أو ثلاثة، أو أكثر من ذلك إذا سترت ما يجب عليها أن تستره في الصلاة، ولا أحسب ما روي عن الأوائل ممن أمر بثلاثة أثواب، أو أربعة إلا استحبابا واحتياطا لها، والله أعلم. ولا أعلم أحدا من أهل العلم يوجب عليها الإعادة وإن صلت في ثوب واحد، إذا ستر ذلك الثوب ما يجب عليها أن تستره، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              وكان عكرمة يقول: لو أخذت المرأة ثوبا فتقنعت به حتى لا يرى من شعرها [شيء] أجزأها مكان الخمار.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: فإن لم تجد المرأة إلا ثوبا واحدا لا يستر جميع بدنها [ ص: 60 ] صلت فيه، ولا إعادة عليها، روينا عن محمد بن سيرين أنه قال: تتزر به. وقال عطاء ومجاهد في المرأة تحضرها الصلاة وليس لها إلا ثوب واحد تتزر به.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ولو لم تجد ثوبا ولا شيئا تستر به صلت عريانة، ولا إعادة عليها.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية