الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في

                                                                                                                                                                              الفصل بين كل ركعتين من صلاة الليل والنهار

                                                                                                                                                                              ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلاة الليل مثنى مثنى".

                                                                                                                                                                              2750 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله، قال: أخبرونا عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا سليمان، عن طاوس، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فواحدة".

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وسائر الأخبار في هذا الباب مذكورة في غير هذا الموضع، وبهذا قال كثير من أهل العلم.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في صلاة النهار؛ فقالت طائفة: صلاة الليل وصلاة النهار مثنى مثنى. روي هذا القول عن الحسن، وسعيد بن جبير، وقال حماد في صلاة النهار: مثنى مثنى.

                                                                                                                                                                              وممن قال إن صلاة الليل والنهار مثنى مثنى: مالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل. [ ص: 239 ]

                                                                                                                                                                              واحتج أحمد بأحاديث منها حديث ابن عمر في تطوع النبي عليه السلام ركعتين بعد الظهر، (وركعتان وركعتان) ، وحديث العيد ركعتان، والاستسقاء ركعتان، وإذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس، والنبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته صلى ركعتين، وذكر أحمد حديث ابن عمر الذي يرويه يعلى بن عطاء، قيل له: أو ليس قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل الظهر أربعا؟ قال: قد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ثماني ركعات فتراه لم يسلم فيها؟!

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: وهو أن صلاة الليل مثنى مثنى، وبالنهار أربعا. ثابت عن ابن عمر أنه كان يفعل ذلك.

                                                                                                                                                                              2751 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أنه كان يصلي بالليل مثنى مثنى، ويصلي بالنهار أربعا أربعا، ثم يسلم.

                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي : صلاة الليل مثنى مثنى، وصلاة النهار إن شاء أربعا قبل أن يسلم. وقال النعمان في صلاة الليل: إن شئت فصل بتكبيرة [ركعتين]، وإن شئت أربعا، وإن شئت ستا. وقال يعقوب ، ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى. وقال النعمان: وأما صلاة النهار فصل بتكبيرة [ ص: 240 ] ركعتين، وإن شئت أربعا.

                                                                                                                                                                              وفي كتاب محمد بن الحسن في التطوع بالليل: يصلي ركعتين ركعتين، أو أربعا أربعا، أو ستا ستا، أو ثمانيا ثمانيا، أي ذلك شئت، وأربع أربع أحب إليه، وكذلك التطوع بالنهار، قال: وهذا قول النعمان، وقال يعقوب ومحمد: صلاة الليل مثنى مثنى.

                                                                                                                                                                              وكان إسحاق بن راهويه يقول: الذي نختار له أن تكون صلاته بالليل مثنى مثنى إلا الوتر فإن له (أحكام) مختلفة، وأما صلاة النهار فأختار أن يصلي قبل الظهر أربعا، وقبل العصر أربعا، وضحوة أربعا، لما جاء عن ابن مسعود، وعلي، وابن عمر من وجه واحد، فإن صلى بالنهار ركعتين ركعتين وسلم كان جائزا.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: وهو أن صلاة الليل والنهار يجزئك التشهد في الصلاة، إلا أن تكون لك حاجة فتسلم. وقال عطاء كذلك، وقال الأوزاعي : الرجل في سعة من صلاة النهار أن لا يسلم من كل ثنتين، وأن [يصل] بعضها ببعض بعد أن يتشهد في كل ثنتين.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى؛ لحديث ابن عمر، وبحجج قد ذكرتها في غير هذا الموضع [ ص: 241 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية